*تقرير سياسي عن أحداث الساعة
*القرية الصغيرة وحلم العودة للجذور
*الآن.. أوروبا تعيد أسوار"الحدود" والجميع يتبرأون
*رؤساء الدول السبع اختلفوا.. حول تاريخ الفيروس
*دعونا نجتهد.. القضاء والقدر.. أمر مسلم به
لكن الأخذ بالأسباب مشروع قولا وعملا
*لعلها فرصة.. للم شمل الأسرة من جديد
*الإصرار على جلسات المقاهي.. خطأ جسيم و"الشيشة".. فلتذهب إلى غير رجعة!
*واضح طبعا.. المواطن عند الدولة "أهم"
*100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات "كورونا".. والآخرون مشغولون بممثلي وممثلات الجونة
في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي.. أبدت عدة دول أوروبية.. الرغبة في التوحد.. أي في إنشاء اتحاد يضم أكبر عدد منها.. بحيث تزول أسوار الحدود.. وتختفي سلطات الجوازات وتنشأ عملة واحدة.. يتم التعامل بها في جميع دول الاتحاد..!
في البداية.. لم ترق الفكرة الكثيرين.. لكن مع مرور الوقت.. ومع الأخذ والرد.. ومع تزايد موجات الإلحاح من جانب البعض نجحوا في توقيع اتفاقية اسمها "ماسترخت".
كان هذا في العام 1992.. ووقتها.. أقاموا الحفلات وهللوا.. وصفقوا.. لأن الفكرة أصبحت حقيقة واقعة.
رغم ذلك.. لم يسلم الاتحاد الجديد من الانتقادات ومن الاعتراضات .. بل ومن الرفض الصريح.. لكن زعماء القارة بذلوا ومازالوا يبذلون المستحيل للحفاظ على "القرية الصغيرة" وهي العبارة التي أطلقت وقتئذ على مجموعة دول أوروبا التي توحدت فيما بينها.. ثم سرعان ما عبرت نفس العبارة البحار والمحيطات وسط تأييد هنا.. وتمنع هناك..!
***
المهم.. تلك القرية الصغيرة.. شاء القدر أن يضعها هذه الأيام في اختبار صعب محوره الأساسي.. فيروس كورونا العنيد وواضح أن القدرة على التحمل ليست كافية حيث أخذت كل دولة تغلق الأبواب على شعبها وتعيد أسوار الحدود مرة أخرى بينها وبين الجيران.. والأصدقاء.. أو من كانوا كذلك.
وهنا.. فقد المتحمسون للوحدة حماسهم.. وأصبح القوم جميعا يتمنون العودة إلى الأصل حيث تعكف كل أمة على العيش في إطار إمكاناتها ومقوماتها وخصائصها بحيث تكون في المستقبل هي المطالبة بحل الأزمة بدلا من أن تتفرق أسبابها ونتائجها بين أطراف شتى..!
الأهم.. والأهم.. أنه في ظل الظروف المصيرية سارع البعض .. أو الكل لإعلان تبرؤه من الدعوة للاتحاد .. وحتى من اعترف.. قال صراحة وعلانية.. إن الأجيال السابقة هي وراء هذا الكيان الذي لم يعد قادرا على الاستمرار بعد أن حدث ما حدث.
***
وقد شاءت الظروف أن موعد اجتماع قمة الدول السبع هذه الأيام ووسط عمليات شد وجذب بالغة السخونة.. الأمر الذي انعكس تلقائيا على الاجتماع الذي رأوا أنه من الأفضل أن يكون عبر الفيديو كونفرانس تحاشيا للقاءات والسلامات والمصافحات والقبلات و..و..و..!
وبالرغم من ذلك احتدت الخلافات بين الزعماء.. فمنهم من يقول إن الاجتماع جاء متأخرا وآخرون يرون أن هذا الوقت الأنسب حيث يزداد نشاط الفيروس وحيث تعلن الصين أنها في طريقها للتخلص منه تلقائيا..!
وهكذا.. يطل على الأوروبيين من جديد غيامات أزمة ثقة بين بعضهم البعض.. مما أشعل حماس.. المطالبين بالانفصال والعودة إلى الجذور مرة أخرى.
تُرى.. هل يمكن أن يتحقق ذلك.. أم أن الفيروس سيشجعهم أكثر وأكثر على الاستمرار في وحدتهم..؟ عموما.. دعونا نرقب.. وننتظر.
***
الأمر عندنا في مصر لم يعد يختلف كثيرا لاسيما بعد أن أخذت بعض الحالات في الظهور مما استدعى فرض حجر كامل على أصحابها وعلى مخالطيهم المباشرين وغير المباشرين.
وهنا اسمحوا لي أن أتوقف قليلا.. طبعا الأوروبيون أو الأمريكيون .. أو حتى الآسيويون يطبقون القوانين.. أو القرارات.. أو تعليمات حكوماتهم بكل دقة وانضباط.
أما نحن.. فقد تعودنا على مخالفة القانون.. أو الالتفاف حول مادة من مواده .. بغية الإفلات أو محاولة الإفلات من الالتزامات بعينها.
أيضا.. نحن نسير في حياتنا معتمدين على الاتكالية .. بمعنى أن كل شيء مقدر مسبقا وأن ما كتب على الجبين لابد أن تراه العين.. وما إلى ذلك من أمثال ومعتقدات.
نعم.. القضاء والقدر .. يجب أن يؤمن به كل مسلم.. بحيث يكون على يقين بأن كل ما يجري في هذا الكون حركة أو سكونا أو خيرا أو شرا إنما هو بتقدير الله سبحانه وتعالى ومشيئته وعلمه وحكمته.
لكن السؤال: هل يعني ذلك استسلام الإنسان استسلاما كاملا منتظرا ما يحل به اليوم أو غدا..؟
لا.. فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن نأخذ بالأسباب.. يعني أن نكد ونجتهد لمواجهة.. الصعاب والعقبات والمشاكل والأزمات.
أقول ذلك .. بقصد توضيح عدة حقائق أساسية:
Xـأولا: الامتناع تماما خلال الفترة القادمة عن ارتياد المقاهي والمطاعم ودور السينما وبالتالي مرفوض أن يجيء من يقدم تبريرات الاستمرار على نفس النمط الذي كان يمارسه حتى أمس وأول أمس.. لأنه بذلك لا يضر نفسه فقط.. ولكن يضر المجموع بصفة عامة.
Xثانيا: رب ضارة نافعة.. ولقد سمحت الحكومة لموظفيها أو لبعض موظفيها بالعمل من منازلهم .. وهذا في حد ذاته.. ينشئ توجها جديدا أسمي "العمل عن بعد".. وهو توجه تنفذه دول عديدة في الخارج.. ونحن لو اقتنعنا به ورضينا حتى بعد انحسار الفيروس.. فإنه يساعد على تخفيف الزحام في الشوارع.. وعلى خفض أزمة البطالة إلى حد ما.. وعلى تمكين المرأة العاملة من رعاية الأسرة بصورة أشمل وأعمق عن ذي قبل.
Xثالثا: الإسهام في تحويل التعاملات بين الأفراد وبعضهم البعض.. أو بين المواطنين والجهات التنفيذية إلى تعاملات رقمية بدلا من الورقية وهذا ما تسعى الحكومة حاليا لتطبيقه وبالتالي تصبح الفائدة مشتركة بين طرفي المعادلة.
أيضا.. لا ينبغى المكابرة والادعاء زورا وبهتانا أن "الشيشة" أضرارها محدودة.. بالعكس إن آثارها المدمرة تفوق السجائر بكثير وكثير.. لذا.. لا يجب التهاون أبدا في منع هذا الداء الوبيل منعا باتا وشاملا وقطعيا.
ونرجو من الأجهزة المعنية أن تنفذ تعليمات رئيس الوزراء بكل حسم ودقة.. لا أن تشتعل جذوة الحماس لفترة زمنية قصيرة.. ثم يعود الحال إلى ما كان عليه.. وتلك قمة الخطر.
وسوف أسرد لك هذه الحكاية في عجالة والتي قد لا يعرف الكثيرون تفصيلاتها:
في صيف إحدى السنوات.. ارتفعت صيحات الجماهير في الإسكندرية مطالبة بمنع الشيشة بعد أن اختلط دخانها برذاذ مياه البحر.. وأصبح شارع الكورنيش كأنه غرزة في قرية صغيرة.. اهتم المحافظ وأعلن استجابته لمطالب الجماهير وبالفعل جند الحملات الشرطية اللازمة لتنفيذ قراره.
..ثم.. لم يمض سوى يوم أو يومين.. حتى أطلت الشيشة بوجهها الكئيب من جديد على الغادين والراحين .. بل وعلى النائمين داخل بيوتهم لتصيبهم بأمراض حساسية الصدر.. والتهابات الزور.. بل وسرطان الغدد الليمفاوية..!
إذن.. بعد ذلك هل هناك أدنى مبرر لتكون تلك الشيشة ضمن أسلوب حياتنا.. أم قد جاء الوقت لتذهب إلى غير رجعة..؟!
***
استنادا إلى تلك الحقائق السابقة يتضح بما لا يدع مجالا للشك أن المواطن عند الدولة أهم من مليارات الدولارات.. لأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمحاصرة الفيروس ومحاولة الحد من انتشاره سوف تؤثر سلبا على معظم نشاطات الحياة من سياحة وطيران وأعمال بناء..و..و..!
لكن أي خسارة تهون في سبيل سلامة الإنسان المصري وصحته.. بل وحياته كلها من أولها لآخرها .
ولقد دعمت الدولة.. إجراءاتها وقراراتها وتوصياتها ونصائحها بتخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة هذه الخسائر المرتقبة والتي تدرك الحكومة أبعادها جيدا وذلك ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي بكل وضوح وشفافية حيث إن القرارات الاستباقية هي إجراءات للوقاية وللحد من انتشار الفيروس حتى لا نعاني منه مثل ما يعانيه عدد من الدول الأخرى..!
إنها المسئولية بكل سماتها وخصائصها ومقوماتها..!
لكن للأسف ما يثير الدهشة بل ويدعو للغضب أن الدولة في وادٍ.. وجماعات أخرى في وادٍ آخر.. مثل هؤلاء الذين أداروا ظهورهم للغايات العظام وذهبوا إلى الجونة ليستعدوا لإقامة مهرجانها السينمائي الخليع..!!
***
و..و..وشكرا