سمير رجب يكتب مقاله " غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان "الضيوف.. من أقارب وأصدقاء يمتنعون .. والبقاء في المنزل لا يقبل التجزئة "

بتاريخ: 30 مارس 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*عفوا.. "أنا لا أزور ولا أزار"

لافتة علقتها على باب منزلي تلبية لنصيحة صديقي الطبيب الكبير

*العيادات الخارجية وأقسام الطوارئ في أمريكا وبريطانيا.. مازالت ترفض قبول كبار السن..!

*تحذير وتنبيه.. البقاء في المنزل المفروض ألا يقبل التجزئة.. بل اليوم كله نهارا وليلا

 اتصل بي صديقي الطبيب الكبير متسائلا في نبرة عتاب:  لماذا لم تعلق اللافتة التي اتفقنا على كلماتها.. فوق باب منزلك..؟!

رددت: بصراحة.. لقد أحسست بشيء من الحرج ينتابني إذا علقت هذه اللافتة..!

لم يعلق الرجل.. لأفاجأ به وقد حضر إلى منزلي ومعه لافتة كتب عليها بالبنط الكبير وقام بتعليقها بنفسه.

عفوا.. أنا لا أزور .. ولا أزار لمدة أسبوعين قادمين..!

سرعان ما انصرف ليعاود الاتصال بي : أرجوك لا تسبب لي مشكلة لأن الفيروس إذا أصابك.. فسوف نلقى صعوبة بالغة في السيطرة عليه لأن عامل السن هنا ليس في صالحك.. أو صالحنا..!

***

وبالرغم من عدم وجود تلك اللافتة على مدى العشرة أيام الماضية.. إلا أن ابني الطبيب وابنتي الطبيبة وضعا نظاما صارما امتنعت من خلاله بالفعل عن مقابلة أحد.. ثم ها هو صديقي يأتي ليكمل البرنامج..!

بالفعل.. لقد أثبتت التجربة العملية أن إمكانيات أكثر الدول تقدما لم تسمح بتوفير الوسائل الفعالة لمواجهة كورونا الشرس والعنيد.. مما اضطرهم في بريطانيا وأمريكا على سبيل المثال لإغلاق العيادات الخارجية في المستشفيات وأقسام الطوارئ أمام كبار السن ناصحين إياهم بالبقاء في منازلهم وإغلاق الأبواب دونهم مكتفين بتلقي علاج الإنفلونزا العادية تماما.. وبعد ذلك الله معهم.. إما أن يغادروا  الفراش سالمين معافين.. أو ينتقلوا للعالم الآخر.. أما الذين تقل أعمارهم عن الستين عاما.. فهؤلاء أيضا لا يتوجهون للمستشفيات إلا إذا تمكن الفيروس منهم تماما.. وأصبحوا شبه عاجزين عن التنفس.. عندئذ تقدم لهم الرعاية المركزة إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

***

أقول كل ذلك لأني ازددت يقينا بأن عدم الخروج من المنزل أقصر طرق النجاة من الفيروس إياه والإقامة في المنزل ينبغي ألا تكون محل مساومة أو فصال أو تجزئة .. يعني لا يفيد أن تبقى طوال الليل داخل الجدران.. بينما أثناء النهار تروح وتجيء وتلتقي بشتى أنواع البشر ومنهم المريض.. أو المخالط.. أو ناقل العدوى.

ولقد عرفت بالأمس أن واحدا من عشاق السهر أقام حفلا في منزله استمر من السابعة مساء حتى السادسة صباح اليوم التالي أي طوال فترة الحظر.

وقد حضره ما يقرب من ثلاثين أو أربعين مدعوا.

بالله عليكم.. أليس هؤلاء جميعا معرضين للخطر..؟!

***

على الجانب المقابل.. فقد أغلق كثير من الأطباء عياداتهم لأنهم يعرفون الأبعاد والآثار السلبية لدرجة قلت لأحدهم كنوع من أنواع الدعابة:

لكنك بذلك سوف تخسر الكثير يا دكتور؟

رد علي في حسم:

خسارة قريبة أفضل من خسارة طويلة المدى قد تسلب العمر كله.

***

ويبدو أن كثيرا من الدول بدأت تنبه إلى أهمية العزل الكلي فقامت المملكة العربية السعودية على سبيل المثال بمنع الدخول إلى المدينة المنورة والخروج منها.. نفس ما فعلته أمريكا مع نيويورك مدينة المال والأعمال والمسرح والسينما..و..و..والسهر.

وطبعا.. لم يعترض الأخوة السعوديون.. ولم يبد الأمريكان أية مقاومة لقرارات الرئيس ترامب الذي مازال حتى الآن.. يخوض معارك جانبية مع إعلام بلاده في نفس الوقت الذي يشن حربا ضارية ضد فيروس الإنفلونزا الجديد الذي يقولون إنه لم يختلف كثيرا عن أنواع قديمة من تلك الإنفلونزا التي أصابت خلال العام الماضي فقط 25 مليونا..وتسببت في وفاة 40 ألفا..!

***

و..و..وشكرا