*أيام.. يفر فيها الصديق الإسباني من الجار الإيطالي..
*ويستولي القرصان التركي على غذاء وعلاج آلاف البشر
*..ثم.. ثم.. تأتي مصر وسط هذا المناخ الملبد بالغيوم لتساعد وتدعم وتعاون ضاربة القدوة والمثل ومؤكدة على لسان رئيسها:
"القيم الإنسانية في أوقات المحن تسمو على ما عداها من أشياء"
عندما فكر الأوربيون في إنشاء اتحاد ينضوون تحت مظلته.. فقد كانت غاياتهم الكبرى.. أن يعيشوا متكاتفين متضامنين.. فإذا مس أحدهم ضر.. يبادر الآخرون من أعضاء هذا الاتحاد لتضميد الجراح وسد الثغرات.. والإسهام بفعالية في حل الأزمات .
وبكل المقاييس.. لم يتصور من ارتضوا لأنفسهم أن يذوبوا في كيان غير الكيان وأن ينتهجوا سياسة الجمع الواحد.. أنه سيجيء عليهم يوم يناصبون فيه العداء لبعضهم البعض جهارا نهارا.. دون أدنى اعتبار لمواثيق أو عهود.. أو اتفاقات أبرموها .
لقد هاجمهم الفيروس العنيد"كورونا".. ليهدد حياتهم ويفرض عليهم سطوته.. فإذا بالصديق الإسباني على سبيل المثال يفر من جاره الإيطالي وكأن اقترابه منه ولو شكلا.. سوف يودي به إلى أسفل سافلين..!
للأسف.. هذا ما أكدته التجربة التي مازالت في بداية فصولها عندما هاجم الإسبان سفينة شحن متجهة إلى إيطاليا جارتهم وزميلتهم في الاتحاد الأوروبي.. وهي محملة بالمؤن والأغذية والإسعافات في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن تمكن الفيروس من إحكام قبضته على الإيطاليين.. وأخذ يفتك بهم في ضراوة وتحدٍ مما أدى إلى فقدانهم السيطرة على شئون البلاد.
لقد أجبر الإسبان السفينة على تغيير مسارها واصطحبوها إلى أحد موانيهم لتفرغ حمولتها.. وبعد ذلك أفرجوا عنها وكأن شيئا لم يكن..!!
***
ولأن الرسائل السماوية تتوالى هذه الأيام.. فقد شاء القدر.. أن تتعرض إسبانيا لنفس الموقف.. حيث استولى القرصان التركي الملقب برجب طيب أردوغان على سفينة مماثلة كانت في طريقها إليهم.. ورفض إعادتها.. وبذلك انهارت القيم.. وتاهت المعايير.. ولم تعد علاقات الجوار أو الصداقة أو الزمالة.. أو حتى العداء تساوي شيئا في هذا العالم الإنساني الذي مزق خيوطه وشعاراته وراياته "فيروس".. بدا وكأنه قادم للانتقام من بني البشر..!
***
ثم..ثم.. تجيء مصر وسط هذا المناخ الملبد بالغيوم لتبعث للشعب الإيطالي بشحنات كبيرة من الغذاء والدواء.. مؤكدة على لسان رئيسها عبد الفتاح السيسي أن القيم الإنسانية تسمو في أوقات المحن على ما عداها.
تقدمت مصر بهذه المبادرة بينما تراجع الآخرون للوراء خطوات وخطوات.. لأن مصر تؤمن بأن المبادئ لا تتجزأ.. والإنسان يبقى إنسانا في كل زمان ومكان .. والأصالة عندما تكون نهج حياة .. يصعب التفريط فيها.. والكرم صفة أخلاقية تلازم صاحبها في السراء والضراء.
وأحسب أن مصر .. حينما قدمت المثل والقدوة.. فهي لا تبغي جزاء ولا شكورا.. إيمانا بأنها تؤدي دورها نحو المجتمع الدولي بأسره بصرف النظر عن تباين التوجهات.. واختلاف المشارب.. أو..أو.. وبعيدا عن أية معاهدات أو اتفاقات موقعة.. أو مدونة في سجلات وملفات.. لأن المعنى بالنسبة لها هو الذي يحكم علاقات البشر بين بعضهم البعض.. ولا مجال لأية اجتهادات من أي شكل أو نوع..!
على الجانب المقابل.. فإن مصر تكاد تكون من الدول المعدودة التي تخوض الحرب على الفيروس بحرفية وعلم.. وتأنٍ.. وجرأة وشجاعة.. في نفس الوقت الذي يعكف فيه علماؤها الأجلاء.. على أبحاثهم من أجل التوصل إلى المصل الملائم والعلاج الناجع.. وإن شاء الله سيكون لنا فضل السبق.. فهو سبحانه وتعالى يجزي العاملين.. المخلصين.. المجتهدين.
***
و..و..شكرا