سمير رجب يكتب مقاله " غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " "التكاملية" أسلوب حياة ودعامة حكم في مصر "الحديثة " "

بتاريخ: 12 أبريل 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*مصر التي أسقطت من قواميسها سياسة التجزئة..أو الزاوية الواحدة تواجه الفيروس بمختلف أنواع الأسلحة وتوفر الغذاء وتقيم المشروعات وتستمر في مسيرة إصلاح التعليم والصحة

*والجيش ينفذ برامجه في التسليح.. والتدريب

*والشرطة تسابق الزمن بضرباتها الاستباقية

*..ثم.. ثم.. تقطع دابر حرامية الأراضي وقراصنة المباني المخالفة!

وهكذا تؤكد تجربة الخمس سنوات الماضية.. أن سياسة التجزئة.. أو النظرة من زاوية واحدة.. أو حتى من عدة زوايا قد استبعدتها مصر تماما من خططها وبرامجها.. ورؤاها للحاضر والمستقبل.

لقد أقامت تلك الخطط وهذه البرامج على أساس "التكامل".. والترابط.. والتعامل مع الأشياء.. كوحدة متصلة تجمع ما بين السياسة والاقتصاد والأمن في بوتقة واحدة.. وتحت مظلة متينة البنيان.

ولقد جاءت أزمة "الكورونا" لتثبت أن الدولة القوية القادرة هي التي تجيد التحرك في مختلف المسارات في آن واحد.

ها نحن .. نواجه الفيروس العنيد بشتى أنواع الأسلحة وقد استطعنا حتى الآن – والحمد لله – أن نوقف تغوله في حياتنا في نفس الوقت الذي يستمر العمل في مشروعاتنا الحيوية وبذل كل الجهد لتوفير احتياجاتنا من الغذاء وبالفعل حققنا مخزونا إستراتيجيا من السلع الأساسية لمدة ثمانية شهور.. وهذه مدة زمنية ربما لم يصل إليها الكثيرون سواء في منطقة الشرق الأوسط أو غيرها..!

وقد تطلب ذلك –ولا شك- تقديم شتى ألوان الدعم للمزارعين .. الدعم المادي .. والمعنوي..

ولعل أبلغ دليل.. القرار الذي أصدرته الحكومة بشراء القمح منهم بأفضل الأسعار.. مع دفع الثمن فورا دون إبطاء.. أو تأخير..

ودعوني هنا.. أعقد مقارنة سريعة بيننا وبين دول غرب أوروبا جميعها.. حيث تتعرض حاليا محصولاتهم الزراعية إلى التلف..  لأن عمال شرق أوروبا الذين كانوا يعملون في المزارع قد تقطعت بهم السبل بعد إغلاق الحدود.. وحظر التجول.. ووقف الأثرياء من أصحاب المزارع الشاسعة يندبون حظهم حيث سوف تبور المنتجات فبديهي لن يتقدم أحد لشراء سلع غير صالحة للاستهلاك.

***

أيضا.. يسير برنامج التأمين الصحي الشامل وفقا للجدول الزمني المقرر من قبل.. مع استمرار المستشفيات في أداء مهامها الطبية.. بصورة عادية لم تؤثر فيها أو عليها حالات الإصابة بالفيروس.. سواء كانت داخل العزل.. أو خارجه.

وهنا اسمحوا لي أن أسرد لكم في عجالة تلك الحكاية حتى تتبينوا من جديد الفرق بيننا وبين الآخرين:

سافر صديق لي إلى فرنسا قبل فرض الحظر العالمي بأيام قليلة.. ثم تعذر عليه بعد ذلك العودة لظروف قهرية..!

المهم.. لقد مرض هذا الصديق .. وجاء عليه يوم يتلوى فيه من الألم اضطره لطلب الإسعاف .. لتولى إنقاذه ونقله إلى أحد المستشفيات..!

انتظر الرجل نحو نصف الساعة .. ثم ساعة كاملة.. ثم ساعتين دون أن تصل سيارة الإسعاف .. وحينما تم الاتصال بهم ردوا عليه وكأنهم يزجرونه ويلقنونه درسا في الأخلاق:

جميع سيارات الإسعاف مخصصة لمصابي الكورونا وموتاهم.

عندئذ .. فكر في أن يذهب للشارع ويستقل تاكسي لنقله إلى المستشفى القريب.. لكنه ما إن خطا خطوة واحدة خارج المنزل.. حتى جاءت الشرطة لتلقي القبض عليه وتطالبه بسداد غرامة كسر الحظر التي تبلغ قيمتها125 يورو..!

حاول إفهامهم أنه مريض.. وفي حاجة إلى علاج سريع.. لكن لم يعر الضباط اهتماما بما قاله..  بل أنذروه في حالة تكرار ما فعله..  فسوف يزج به في السجن لمدة ثلاثة شهور.

وعاد صديقي من حيث أتى متمنيا العودة إلى مصر "العزيزة"..خصوصا بعد أن أفهموه أن المستشفيات لا تقبل المرضى العاديين .. بل عملها قاصر على حالات نزيف القلب والمخ ومعهم ضحايا الكورونا بطبيعة الحال..!

هذا يحدث في فرنسا.. بينما مستشفيات مصر تجري للمرضى عمليات قسطرة القلب.. ومناظير المعدة والقولون.. وجراحات الكلى والمرارة وغيرها.. وغيرها دون توقف.

نفس الحال بالنسبة للعملية التعليمية التي تسير بنفس الكفاءة بحيث يحصد الطلبة العلم سواء من خلال النت.. أو عن طريق الأبحاث التي تعكس استعداداتهم ومواهبهم.

كل ذلك يتم بينما الجيش مستمر في تدريباته. وفي تسليحه .. ولعل أقرب مثل استلام قواتنا البحرية منذ أيام الغواصة الثالثة من طراز 209/1100

أيضا.. الشرطة تؤدي دورها في مواجهة الجرائم بشتى أنواعها كما ينبغي أن يكون مع ضرباتها الاستباقية المتتالية بهدف ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار.

الأهم.. والأهم.. المتابعة النشطة لتداعيات الفيروس.. والتي طالت بعض فئات المجتمع رغما عنهم.

منذ اللحظات الأولى.. أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تخصيص مائة مليار جنيه لتوفير برامج الحماية الاجتماعية للمضارين.. وها هو وزير المالية يعلن بالأمس أن الدولة مستعدة لمضاعفة المبلغ إذا استدعت الحاجة لذلك.

***

وأخيرا.. الوقوف بحسم وصرامة.. ضد ناهزي الفرص الذين تعودوا على الخطف .. والسطو.. والقرصنة.. وأول هؤلاء من يعتدي على أراضي الدولة ويقيمون فيها العمارات .. والأبراج.. ضاربين عرض الحائط بالقوانين والنظم المرعية .

هؤلاء يدفعون الثمن الآن بعد تعليمات الرئيس السيسي بعدم استغلال حظر التجول في التعدي على أرض الدولة والبناء عليها.

يعني.. كافة الأمور.. تحت الميكروسكوب الدقيق.. لتحديد الإيجابيات والسلبيات يوما بعد يوم .. بحيث نخرج من معركة كورونا ونحن أشد صلابة.. وأبلغ تفاؤلا.

***

حقا.. إنها مصر التي لم تعد

تعرف المعجزات.

***

و..و..وشكرا