*وكأن البيت .. "زنزانة".. حرام عليكم!
*علماء الاجتماع في مصر والخارج يدرسون الظاهرة الجديدة القديمة!
*إرهابيون.. لكن أغبياء!
*جاءتهم ضربة الأميرية دون توقع فأفشلت خطتهم الخسيسة..
*معركة ترامب مع منظمة الصحة العالمية تعجل بتشغيل ماكينات الاقتصاد!
*لماذا يرحل العلماء في صمت.. وآخرهم د.فؤاد عباس..؟!
ما يقوله الناس عن "البيت".. أو المنزل.. يعكس من بين ما يعكس مشاعر الحنان.. والمشاركة الوجدانية.. والإيثار .. والتضحية.. وغيرها وغيرها..!
والابتعاد عن البيت.. إما جبرا.. أو خيارا.. يؤدي تلقائيا إلى الإحساس بالضياع والخشية من ظلام المستقبل.. حتى ولو كان الضوء مازال يحمل بين شعاعاته أملا لم يتحقق.. أو في سبيله لأن يتحقق.. لكن يبدو.. أن الكلام بالفعل لا يعبر عن الواقع ولا يتسق في معظم الأحيان مع مجريات الحياة الطبيعية.. وهذا ما كشفه –ضمن ما كشف- فيروس كورونا العنيد..!
لقد أثبتت تجربة الأيام الماضية.. أن طرفي الأسرة أي: كلا من الرجل والمرأة ..لا يطيقان المكوث في البيت فترات طويلة..
يحدث هذا ليس في مصر فقط.. بل في شتى أرجاء العالم تقريبا..!
نعم.. لقد خضع الناس لتعليمات حكوماتهم خوفا من التعرض للعقاب.. ليس إلا..!
أما كيف أمضوا أيام وليالي الحظر.. وقد تحجرت مقلات العيون.. وبردت دماء الشرايين.. أصبحت البسمة ضربا من ضروب الخيال!!
باختصار شديد.. بدا الجميع وكأنهم يستعجلون عقارب الزمن.. للفرار من هذا الحبس المنزلي الذي اعتبره البعض زنزانة داخل سجن من السجون..!
في تقرير نشرته مجلة دير شبيجل الألمانية تقول إحدى السيدات: كيف أنام.. وأستيقظ وأنا أرى أمامي نفس الشخص بحركاته وسكناته.. وصمته وصرصرته مما أصابني بالملل .. وكدت أضيق ذرعا بحياتي كلها!
ولعل ما يدعو للاهتمام.. أن الرجل الذي أجرت معه المجلة حديثا منفصلا عن زوجته ردد نفس العبارات تقريبا.. مبديا ندمه على قبول الاستمرار وفقا لنمط واحد .. ولولا الإجراء الاستثنائي الأخير.. ما شعر بما شعر به الآن.. لدرجة أنه قرر الانفصال فورا..!
ولعل الموقف لم يختلف كثيرا.. في بريطانيا أو فرنسا.. أو بلجيكا.. أو إيطاليا التي ركزت مواقع التواصل الاجتماعي بها على الحديث عن نفس القضية..!
***
ثم.. ثم.. فإن المصريين الذين يفترض أنهم يعشقون الحياة الأسرية.. قد خرجوا عن الأطواق.. وأصبح كل واحد منهم يتحدث عن المنزل .. وكأنه عدوه اللدود..!
قال لي أحد الأصدقاء:
لقد وصل الأمر بزوجتي إلى أنها أصبحت تحاسبني على أحلامي..!
ربما هذا لم يحدث منها قبل ذلك بسبب انشغالها معظم الوقت تقريبا.. في عملها.. أو في ترتيب شئون الأسرة.. أما الآن .. فقد أصبحت شبه متفرغة لافتعال "خناقة" سواء معي أو مع الأولاد.. وبعد أن تهدأ الأمور تظل تتحدث بالساعة في التليفون .. وأنا لا أملك سوى أن أنصت ولا أعلق..!
وعندما أفكر في الانتقال إلى غرفة أخرى بها تطاردني وتلحق بي متهمة إياي بإهمالها .. وعدم الاهتمام بما تقول..!
بالذمة.. هل هذا كلام..؟!
***
عموما سوف تنتهي فترات العزل الصحي وتعود الأمور إلى طبيعتها الأساسية لكن السؤال:
هل وضع أحد في اعتباره.. كيف سيكون حال المجتمعات خلال الحقبة الزمنية القادمة..؟
لقد تحدثوا كثيرا عن الاقتصاد بعد كورونا لكن لم نسمع عن مركز للبحوث الاجتماعية.. أو كلية من الكليات أو معهد من المعاهد الإقليمية أو هيئة دولية متخصصة.. أنه سيدرس ظاهرة البيوت المغلقة على مشاعر متناقضة.. ثم.. يجيئون ليسألوا:
لماذا زادت نسبة الطلاق..؟
***
هذه الضربة الاستباقية الشجاعة والقوية التي قامت بها وزارة الداخلية ضد جماعة إرهاب الأميرية.. زامنتها ضربة مماثلة قامت بها الشرطة الألمانية في نفس التوقيت تقريبا.. مما يدل على أن الإرهاب مازالت تحركه عناصر الشر الدولية.. والذين لا تغمض جفونهم إلا بعد أن تطمئن قلوبهم السوداء إلى أن الدماء انهمرت .. والأجساد قد تمزقت..!
في نفس الوقت هل دار في مخيلتك أو مخليتي "السيناريو" الذي وضعه إرهابيو الأميرية في حالة نجاح حيلتهم الشريرة؟.. لقد اختاروا..أيام احتفال الأقباط بأعيادهم.. رغم أنهم يعلمون أن الكنائس خاوية.. وأن التجمعات حتى خارجها ليست واردة لكن جل همهم .. إثارة الذعر ونسف المباني الكنسية.. وترويع الأطفال والسيدات.. بحيث يتحول العيد إلى سرادق عزاء.. حتى ولو بدون معزين..!
لقد أصابت وزارة الداخلية .. ونجحت نجاحا مبهرا في ضربتها الاستباقية التي خسرت فيها واحدا من خيرة أبنائها الذي ضحى بروحه من أجل أن تعيش مصر بمسلميها وأقباطها أعيادها في أمان واستقرار ومحبة..
هذا.. هو الوطن.. وهؤلاء هم أبناء الوطن.. يزدادون إصرارا يوما بعد يوم على وأد الإرهاب .. وبتر أصابعه القذرة في نفس الوقت الذي يعمرون فيه ويشيدون ويسابقون الآخرين من أجل الوصول إلى قمة المجتمع الدولي.. وها نحن اقتربنا والحمد لله من الهدف الغالي..!
***
والآن.. اسمحوا لي أن أتوقف قليلا.. أمام موقف الولايات المتحدة الأمريكية وبالأخص موقف الرئيس ترامب الذي تعامل مع أزمة كورونا تعاملا بدت فيه تناقضات كثيرة.. واتهامات للآخرين مازال صداها يتردد حتى الآن..!
بكل المقاييس.. إعلان الرئيس وقف الدعم المالي لمنظمة الصحة العالمية سوف يشكل في المستقبل مشاكل جمة.. فالمنظمة رغم ما تعانيه من قصور.. إلا أن متابعتها الدائبة للفيروس أدت ضمن ما أدت إلى الحيلولة بينه وبين إيقاع خسائر كثيرة سواء في المصابين أو الموتى .
وكما هو واضح حاليا.. فإن الرئيس ترامب سوف يستثمر موقف منظمة الصحة العالمية للبدء في إعادة تشغيل ماكينات الاقتصاد في أقرب فرصة وهذا عكس ما كان يردده سابقا لأنه أدرك أن البلاد تتعرض للانهيار والدولار سيختفي اختفاء مبرما وعدد العاطلين يتزايد بل ويتضاعف يوما بعد يوم.. وميزانيات صناديق البطالة لم تعد تكفي..!
لذا.. فسوف يبدأ في التحرك.. وسوف يتيح للاقتصاد الفرصة لكي ينشط ومع ذلك فإن الحكاية ليست من السهولة بمكان.. لأن تحرك الاقتصاد يتطلب تفعيل كافة مؤسات المجتمع الأمر الذي يستغرق وقتا طويلا حتى يستعيد هذا الاقتصاد.. عافيته.. ولو فرض وحدث ذلك فإنه يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يثبت وتترسخ جذوره من جديد..!
إذن بالله عليكم.. هل كانت الحكاية كلها تستحق أن يتحول العالم بأسره إلى سجن كبير.. أبوابه مغلقة على أحاسيس الخوف والذعر والشك والريبة؟
وأحسب أن تلك جميعها لم تكن في حساب الرئيس ترامب بالذات..
***
أخيرا..هذه حكاية عالم مصري.. وطبيب شهير.. وإنسان طالما شارك في قوافل جابت النجوع والكفور والصحراء.. لكي يجري عملياته الجراحية بالمجان.
إنه د.فؤاد عبد الخالق عباس رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة بجامعة عين شمس والذي طالما أشاع البهجة والبسمة في أجواء الجامعة وخارج أسوارها.. ومن خلال المؤتمرات العلمية العديدة التي شارك فيها.
د.فؤاد كان واحدا من فرق القوافل الطبية التي نظمها جراح القلوب الشهير إسماعيل سلام والتي اقتحمت الريف والحضر لعلاج الفقراء والغلابة.
د. فؤاد شأنه شأن غيره من العلماء وأساطين الطب فاجأته أزمة قلبية حادة..غادر بعدها الحياة.. في أقل من 48 ساعة..
رحل العالم الجليل في صمت ووحيدا.. داخل منزله ليوارى الثرى في صمت أيضا.. بلا جنازة ودون سرادق عزاء بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضها فيروس كورونا.
لذا أرجو من الصديق د.محمود المتيني رئيس جامعة عين شمس أن يخلد اسمه بوضعه على إحدى قاعات الدراسة في كلية الطب.. فهذا أقل ما يمكن تقديمه لفؤاد عباس..!
***
مواجهات
*اليوم عيد.. وغدا عيد.. وبعد غد عيد.
اللهم اجعل أيامنا كلها نحن المصريين.. أعيادا سعيدة هانئة تجمعنا مظلة الإخاء.. والمساواة والمصير الواحد .
إنه نعم المولى ونعم النصير.
***
زمان.. كنت حينما تبتسم في وجهه صباحا .. يمضي اليوم كله.. رقصا .. وطربا.. وتصفيقا وتهليلا.
الآن.. ولأنه سوداوي النزعة فلم تعد شفتاه قادرة على الحركة لأسباب مرضية وبعد أن كشفته على حقيقته.
***
*من كان مع الله.. كسب الدنيا والآخرة.. فلا يخاف من إنسان مثله.. ولا يصيبه الرعب من سوء نوايا ماكرة.. ولا يتمكن منه غادر لسبب واحد وأساسي ورئيسي.. أن الله ينجيه.. ويكفيه.. ويضفي عليه مظلات الأمان جميعها.
***
*قالت له بصوت حالم:
Xأحبك..
لم تكد الكلمة تخرج من بين شفتيها.. حتى قفز من الفراش وأخذ ينهال عليها باللكمات حتى سقطت مغشيا عليها..!
قالت له أحبك يا حسين .. وهو ليس حسين.. بل أمين..!
***
*سأل التلاميذ معلمهم سقراط أن يوضح لهم ماذا يعني الحب..؟
رد الفيلسوف الكبير:
الحب هو الأكثر عذوبة.. والأكثر مرارة في آن واحد..
***
*ها هي زهور الربيع تتفتح.. فهل يغير القلب الأسود لونه.. ويفتح شرايينه حتى ولو وقف هذا اللون الحالك متحديا.. ورافضا؟
الجواب بالطبع لا..
***
*أخيرا نأتي لمسك الختام:
اخترت لك هذه الأبيات الشعرية من نظم أمير الشعراء أحمد شوقي:
أغرى امرؤ يوما غلاما جاهلا
بنقوده حتى ينال به الوطر
قال: ائتني بفؤاد أمك يا فتى
ولك الدراهم والجواهر والدرر
فمضى وأغرز خنجرا في صدرها
والقلب أخرجه وعاد على الأثر
لكنه من فرط سرعته هوى
فتدحرج القلب المعفر إذا عثر
ناداه قلب الأم وهو معفر:
ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر
فكأن هذا الصوت رغم حنوه
غضب السماء على الوليد قد انهمر
ورأى فظيع جناية لم يأتها
أحد سواه منذ تاريخ البشر
وارتد نحو القلب يغسله بما
فاضت به عيناه من سيل العبر
ويقول: يا قلب انتقم مني ولا
تغفر فإن جريمتي لا تغتفر
واستل خنجره ليطعن صدره
طعنا سيبقى عبرة لمن اعتبر
ناداه قلب الأم: كف يدا ولا
تذبح فؤادي مرتين على الأثر
***
و..و..وشكرا