**تقرير سياسي عن أحداث الساعةز
*بسبب "كورونا" سكان العشوائيات في أمريكا يتظاهرون .. وهنا يستمتعون ويقدرون
*انكشفت رأسمالية أفلام السينما.. وظهرت العورات.. وتفجرت المشاكل
*الـ HOMELESS بالملايين..ولا يهتم بهم أحد
*منظمة الصحة العالمية تواصل تحذيراتها.. والعالم ضاق ذرعا
*مقاهي إيطاليا تستعد.. ومطاعم باريس تتلهف على الزبائن بعد طول غياب
*استمرار العمل في المشروعات بمصر.. يهيئ المناخ لعودة الحياة الطبيعية قريبا
*نظام تطوير التعليم فرض نفسه وخضع أولياء الأمر والطلبة
*حكايات إنسانية عن عوض تاج الدين
من كان يتصور أن هذا البلد العملاق.. وتلك القوة العظمى التي تملك تريليونات الدولارات.. وأضخم الترسانات العسكرية.. ومدن كاملة يقطنها أثرى الأثرياء من النجوم والفنانين ورجال الأعمال.. أقول من كان يتصور أن هذا البلد العملاق .. تسقط عنه الأقنعة فجأة بسبب غزو فيروس كورونا ليكتشف العالم أن كل تلك الصور المبهرة التي نجحوا في تصديرها للآخرين زيفا وخداعا.. ليست إلا من صنع مخرجي ومنتجي الأفلام السينماية وبالتالي عندما تعرضوا لاختبار صعب شأنهم شأن كل شعوب الدنيا.. ظهرت عورات ونقائص الرأسمالية.. وتبين أن المشردين عندهم أو ما يطلق عليهم الـ HOMELESS يتعدون الأربعة ملايين موزعين على مدن نيويورك .. ولوس أنجلوس وأرلنجتون ومدن أخرى كثيرة في ولايات عديدة شهيرة مثل تكساس وفلوريدا وكاليفورنيا.. وهاواي.. وغيرها.. وغيرها..!
الأغرب.. والأغرب.. أن مشكلة هؤلاء المشردين ليست وليدة اليوم لكنها ظهرت على السطح في ثلاثينيات القرن الماضي نتيجة الكساد الكبير الذي هد كيان المجتمع الدولي وقتئذ وما سببه من بطالة .. وعري.. وجوع.
لذا.. فإن الأمريكان أنفسهم يتوقعون أياما سوداء قادمة عليهم نتيجة تداعيات فيروس كورونا والتي ستزيد النار اشتعالا..!
ولعل ما أثار اهتمامنا.. تلك المظاهرات العارمة التي طافت شوارع مدينة لوس أنجلوس منذ أيام والتي تعالت خلالها صيحات هؤلاء الغلابة الذين يطالبون بأبسط حقوق الإنسان في بلد طالما تغنى حكامه بتلك الحقوق.. والذين وزعوا انتقاداتهم واتهاماتهم هنا وهناك ضد حكومات يزعمون أنها غائبة عن بلادهم..!
لقد أشعل المتظاهرون النار في السيارات والمحلات والمقاهي بعد أن فاض بهم الكيل كما يقولون وضاقت عليهم الشوارع في نفس الوقت..الذي تتعامل فيه الدولة معهم وكأنهم "مجانين" وتلك حكاية طويلة حيث إن من أسباب تفاقم الأزمة إغلاق مستشفيات الأمراض العقلية وطرد المرضى منها.. فلم يجدوا من سبيل سوى الانضمام إلى طوابير المتسكعين والنائمين فوق الأرصفة.. وتحت الكباري.. وبين أسوار قطارات المترو.. أو على أحسن تقدير داخل خيام عشوائية والذين تطاردهم قوات الشرطة.. فتصيب منهم من تصيب وتقتل من تقتل باعتبار أن أمثال هؤلاء لا يستحقون الحياة أصلا..!
إنها مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى..!
***
بصراحة أجد نفسي مضطرا لعقد مقارنة سريعة.. بين سكان العشوائيات في أمريكا بجلالة قدرها.. ومن كانوا يسمون كذلك عندنا في مصر..!
فلينظروا إلى أحياء الأسمرات (1) والأسمرات (2) والأسمرات (3) والمحروسة (1) وأهالينا (1) و(2) التي جهزت مساكنها على مستوى متقدم.. أعاد للإنسان إنسانيته.. فهي مزودة بالمرافق.. وكل وسائل الخدمات.. بل منها ما تم تجهيزه بالأثاث على نفقة الدولة ونفس الحال بالنسبة لباقي المحافظات.
لينتقل سكان عشوائياتها في الغربية والشرقية ودمياط والقليوبية إلى عمارات أقيمت على أحدث طراز.. وسط حدائق وارفة الظلال وشوارع نظيفة وممهدة.
ولقد أحدثت مصر هذه النقلة النوعية لسكان العشوائيات والمقابر.. والأكشاك على مدى الأربع سنوات الماضية فقط.
بينما الأخوة الأمريكان المشكلة قائمة عندهم منذ أكثر من ثمانين أو تسعين عاما.. وبدلا من أن يعملوا على حلها.. إذا بهم يزيدونها تعقيدا.. مكتفين بالحديث عن أمجاد واهية.. وناطحات سحاب يعيش أسفلها ناس غير الناس..!
لذا.. لزم التنويه.. ليفكر ألف مرة ومرة.. كل من أراد يوما الهجرة إلى بلد الأحلام.. بعد أن أثبت فيروس كورونا أنه بلد "كوابيس".
***
والآن نتوقف.. ولابد أن نتوقف.. أمام تطورات "كورونا" .. وتداعياته وتحدياته.. والمحاولات الإنسانية.. الحثيثة لإنزال الهزيمة به مهما طال الزمن..!
منظمة الصحة العالمية التي أثارت الذعر في العالم عند إعلانها في البداية عن الفيروس وأخطاره.. وسرعة انتشاره.. مازالت مصرة حتى الآن على أنه لن يختفي من حياتنا إلا بعد عام ونصف العام.. أو عامين.
من هنا.. يثور السؤال:
Xوهل سيظل سكان الأرض متوقفين عن ممارسة حياتهم لفترات زمنية لا يعرف مداها سوى الله سبحانه وتعالى ..؟
أبدا.. فالمؤشرات تقول.. إن التحرر من قيود الفيروس سوف يتم رويدا رويدا خصوصا أن عادات الشعوب.. وتقاليدها وأنماط سلوكها يستحيل تغييرها .. بين يوم وليلة.. أو بين شهور وشهور..
لذا نجد إيطاليا تستعد لإعادة الحياة إلى طبيعتها رويدا.. رويدا.. بعد أن تعالت صيحات مواطنيها ومواطناتها.. باشتياقهم إلى احتساء قهوتهم الشهيرة الاكسبريسو وكذلك الكابتشينو الذي لا يجيد صناعته غيرهم.
نعم.. قد ينطوي الأمر على نوع من أنواع المغامرة.. لكن النغمة السائدة الآن.. أن الفيروس لن يستطيع أن يفعل في البشر أكثر مما فعل..وبالتالي فلينعم الناس بحياتهم القادمة في إطار خسائر أقل..!
***
ودون تحيز لأنفسنا.. فقد التقطت مصر طرف الخيط مبكرا.. فوضعت خطة محكمة.. وبرنامجا متكاملا.. للتعامل مع الفيروس ومواجهته بحسم وفعالية وعلم.. حيث اتخذت الإجراءات الاحترازية الواجبة في نفس الوقت الذي لم توقف فيه أعمال البناء والتشييد في مشروعاتها العملاقة .. والمتوسطة بل والأقل من المتوسطة.. وبذلك وفرت الحماية لأكبر قدر من العاملين في تلك المشروعات فلم يتعطلوا .. ولم يفقدوا مصادر رزقهم .
أنا شخصيا أتصور.. أنه بعد انتهاء حكاية "كورونا" .. سوف تأتي المنظمات والهيئات الدولية المتخصصة لتقول في تقاريرها إن المصريين كانوا الأفضل في اختيار الطريق الصحيح الذي أوصلهم إلى الأهداف المبتغاة دون ضجيج .. أو زعيق.. أو إلقاء المسئوليات على الآخرين.
***
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر .. فإن من إيجابيات هذا الفيروس الذي قلب الدنيا رأسا على عقب.. أنه ساعد نظام تطوير التعليم في مصر على أن يفرض نفسه.. مما اضطر الطلاب المعارضين.. وأولياء الأمور المنتقدين بسبب وبدون سبب.. أن يخضعوا وأن يوقنوا أن التحديث الذي طالما تمنيناه لا يجب أن نتحايل لمنعه أو الحيلولة بينه وبين مسايرة تطورات العصر.
هاهم الطلبة يؤدون امتحاناتهم عبر "الأون لاين" .. وهم جالسون في منازلهم.. لتكتشف الأغلبية أن ما يقوله د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم ومازال يؤكد عليه صحيح شكلا وموضوعا..
وإذا كانت العبرة بالتجربة فنرجو أن تكون كل تجارب تطور التعليم ناجحة بإذن الله وفضله.
***
أخيرا .. اسمحوا لي أن أشير في عجالة إلى شخصية مصرية تستحق التقدير والإعزاز.. أقصد د. محمد عوض تاج الدين .
لقد كتب كثيرون عن علم ومهارة وخبرة الرجل.. وأنا هنا أضيف الجانب الإنساني من واقع معرفتي به على مدى أكثر من ربع قرن.
مرضت أمي رحمها الله .. فاتصلت بالدكتور عوض الذي كان أسرع مني في الوصول إلى المنزل.. وعندما عرف أني في الطريق.. جلس على المقهى المجاور.. يحتسي الشاي .. ليذهب ويجري عليها كشفا دقيقا متقدما أعقبه بمتابعات مستمرة كل أسبوعين طوال حياتها.
كان له شقيق نبيل الخلق مثله يعمل ضابطا في الأمن الوطني برتبة لواء.. فاجأته ذات يوم أزمة قلبية حادة انتقل على إثرها إلى رحمة الله.
لم أكن أعلم بنبأ الوفاة.. وتصادف أني اتصلت به لمعاودة شخص عزيز علي .. فإذا به يترك مقر العزاء.. ويحضر على عجل ليؤدي مهمته الإنسانية وقبل أن ينصرف أبلغني بالنبأ المفجع.
للعلم.. لم يتقاض يوما أجره مقابل الكشف سواء مني أو من أحد أقاربي أو معارفي أو أصدقائي .. مؤكدا على أن المبادئ لا تتجزأ لأن القلب المليء بالخير.. لا يبخل على الآخرين بتزويدهم بجرعات من الغيرية والتعاطف الوجداني.
وحينما تعرض الرئيس الأسبق حسني مبارك لدوار وهو يلقي خطابه في مجلس الشعب كاد أن يسقط بسببه على الأرض مغشيا عليه.. جاء د. عوض ليتعامل مع الموقف بحرفية.. وهدوء.. هامسا بأن كل شيء سيكون تمام بعد دقائق..!
بالفعل كله أصبح تمام.. وعاد الرئيس مبارك إلى القاعة ليواصل إلقاء خطابه.
تلك هي بعض مقتطفات ونماذج مضيئة من سلوكيات رجل محترم.. وطبيب بارع.. وعالم بالغ التواضع اسمه محمد عوض تاج الدين رئيس جامعة عين شمس الأسبق ووزير الصحة الأسبق ومستشار الرئيس لشئون الصحة والوقاية .
تحياتي يا دكتور.
***
و..و..وشكرا