لماذا انصرف الناس عن متابعة مؤتمر الحزب الوطنى

بتاريخ: 06 نوفمبر 2009
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

بدلا من أن تتفرغ الجماهير لمتابعة فعاليات اليوم الثالث لمؤتمر الحزب الوطنى الذى يفترض أنه يضم فى عضويته نحو خمسة ملايين «مواطن».. إذا بهذه الجماهير.. تتدفق على مقر النادى الأهلى بالجزيرة لشراء تذاكر المباراة النهائية لدورى رابطة الأبطال الأفريقية والتى تقام يوم الجمعة القادم بين «أهلى مصر».. و«ساحلى تونس»..!

تصوروا.. ولا أيام الجمعيات الاستهلاكية «زمان».. عندما كان الناس يقاتلون فى سبيل الحصول على «فرخة»..!!

بل لقد فاق الزحام درجات التكدس التى تشهدها المخابز التى تبيع «رغيف مصيلحى».. حيث تضطر ربات البيوت إلى الوقوف منذ الخامسة صباحا للحصول على الرغيف الموعود..!!

* * *

وطالما أن المكان -أى مكان- يضيق بأصحابه.. سرعان ما تجد «الموبقات» تربة خصبة ترعى فيها فيروساتها اللعينة..!

فجأة يصيح «مواطن»:

الحقونى.. استرقت..!!

ثم يأخذ فى لطم خديه حزنا على ما ضاع منه من نقود يقول إنها تمثل «مصروفات» أسرته حتى نهاية الشهر..!!

قبل أن يسدل الستار على هذا المشهد «المؤسف».. يسمع الناس «طرقعات أقلام».. ليتبينوا أن مشاجرة عنيفة شبت فجأة.. ثم انتهت فجأة.. بعد أن تبادل أطرافها.. الكلمات، والضربات والصفعات..!!

* * *

من هنا.. نعود لنفس السؤال الذى بات يتكرر مع طلعة كل صباح:

لماذا يهرج الناس السياسة.. ويقبلون إقبالا ما بعده إقبال على الرياضة لاسيما كرة القدم..؟؟

الإجابة باختصار.. أن الحكومة تفرض قيودا صارمة على ممارسة السياسة.. ففى الجامعة محظور على الطلبة، والطالبات الانضمام إلى الأحزاب وبالتالى المشاركة فى أى ندوات، أو اجتماعات ذات صبغة سياسية..!!

.. وعندما تحتد نبرة السياسة داخل أروقة النقابات المهنية.. سرعان ما تحوط مقارها قوات الأمن المركزى.. حيث ترقب العيون ما يدور سواء فوق السلالم أو بعيدا عنها.. أو يصبح قرار فرض الحراسة بمثابة أقصر طريق لإغلاق الأبواب التى تتسرب منها الرياح..!

.. وهكذا حرص كل واحد على أن يبحث لنفسه عما يشغل به وقته ويفرغ فيه مخزون نشاطه.. فكانت كرة القدم.. الاختيار الأعم.. والأمثل..!!

* * *

المعروف أن الرياضة تهذب النفس.. وتنقى السلوك من شوائبه.. لكن ما نشهده بعيوننا يؤكد العكس تماما.. فكلما جاءت مناسبة لها صلة من قريب أو من بعيد.. بمباراة كرة قدم ترتفع ألسنة اللهب هنا وهناك بما يتعذر معه إطفاؤها إلا بعد جهد جهيد.

ولعل معركة التذاكر «بالأمس».. أبلغ دلالة على تحيز الإنسان لنفسه ضد غيره.. وعلى استعداده الفطرى، والمكتسب فى آن واحد.. لكى «يفقأ» عين جاره، أو زميله.. من أجل مشاهدة مباراة لن تقدم ولن تؤخر حيث إن المشاركين فيها بداية ونهاية.. ليسوا سوى «لعيبة»..!!