مقال سمير رجب "غدا مساء جديد"بجريدة المساء

بتاريخ: 24 يونيو 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

* الإثيوبيون يتحدثون ليل نهار عن الحرب.. ومصر لم يأت ذكرها على لسانها مرة واحدة!

*الرئيس أوضح للعالمين.. أن هناك فرقا بين الحلم والضعف.. وبين الصبر والتردد.. 

*ثم.. ثم.. ألا يفهمون..؟!

*الأقوياء.. هم الذين يحددون متى يستخدمون سلاح الردعوالمجتمع الدولي مطالب بممارسة مسئولياته سواء أكان السد قريبا من هذا.. أو بعيدا عن ذاك

إثيوبيا لا تترك مناسبة إلا ويصدر عن مسئول من مسئوليها تصريح استفزازي حول سد النهضة..فمرة يقولون إنهم سيبدأون في ملء السد أول الشهر القادم بصرف النظر عن موقف المعارضين.. أو المحتجين.. أو الشاكين.. أو ..أو..!!

ومرة أخرى يعلنون أنهم يجيشون الجيوش لمحاربة مصر إذا اقتضت الضرورة أن يفعلوا ذلك..!

*** 

على الجانب المقابل.. لم يأت أبدا التلويح بالحرب.. أو التهديد بها على لسان القاهرة بل كل ما نركز عليه نحن.. إبداء الأمل في حل الأزمة سلميا.. وعن طريق التفاوض.. بل عندما أغلقت إثيوبيا كل الأبواب.. لجأت مصر إلى مجلس الأمن وقالت على لسان وزير خارجيتها سامح شكري إنها تلجأ إلى المجلس باعتباره المسئول عن حماية الأمن والسلم الدوليين.. وإحجام إثيوبيا عن الاتفاق مع مصر والسودان باعتبارهما دولتي مصب نهر النيل.. إنما يقوضهاتين الغايتين المهمتين.

وأيضا.. وأيضا.. تصر أديس أبابا على التمادي في عنادها.. أو تعنتها.. مشيرة إلى أن مجلس الأمن لا يعنيها في شيء.. وحتى لو أصدر قرارا من قراراته فهذا شأنه وحده..!

و.. تلتزم مصر بضبط النفس وتحرص حتى الآن على الأقل على الابتعاد عن ذكر سيرة الحرب.

*** 

من هنا.. يثور السؤال:

هل ما تنهجه مصر في هذا الصدد يتناسب مع حجم الخطر الذي يهدد حياة شعبها على مدى عصور وعصور.. ؟!

ثم..ثم.. أين جيشها القوي الذي تتباهى به وتفخر بأنه من أقوى جيوش العالم.. ولماذا لا تستخدمه كورقة ضغط ولو حتى بالبيانات عسى أن تتوقف أديس أبابا عند حدها..؟!

السؤال أجاب عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي بنفسه عندما ذهب لتفقد القوات العسكرية على حدودنا الغربية قائلا: حلمنا ليس ضعفا.. وصبرنا ليس ترددا وإذا كنا قد لجأنا لمجلس الأمن.. فإنما بذلك نؤكد حرصنا على حل أزمة سد النهضة سياسيا..

ورغم ذلك يبدو أن الأخوة القائمين على حكم إثيوبيا.. غير قادرين على استيعاب المعاني.. وكل المفاهيم التي تحدد أسس العلاقات السياسية الدولية لاسيما إذا كانت علاقات بين أشقاء أو جيران .. أو ممن لهم مصالح مشتركة بين بعضهم البعض.. وبالتالي فإن السؤال يتبعه سؤال آخر:

وإلى متى تظل مصر صابرة.. أو متحملة كل تلك التجاوزات..؟!

بديهي.. الصبر له حدود.. والتحمل لا يكون حتى نهاية المدى..

ومع ذلك فأنا شخصيا أرى أن مصر بحكم مسئوليتها تجاه الأخوة الأفارقة بصفة عامة وبحكم ثقلها الدولي ورجاحة عقلها.. فهي لن تنزلق بسهولة نحو تلك المعارك الكلامية التي ربما يتصور الإثيوبيون أنهم عندما يخوضونها.. فسوف يثيرون الرعب في قلب الطرف الآخر.

أقول ربما يتصور الإثيوبيون ذلك.. أو أن هناك من أوهمهم بذلك على غير الحقيقة.. والواقع.

*** 

عموما.. وسيلة الردع الأساسية يملكهاالأقوياء.. ولأنهم أقوياء.. فلا يستخدمونها بغير حساب خشية على أرواح الأبرياء.. وحرصا على مبادئهم التي يتمسكون بها إلى أقصى مدى..

ومبادئنا معروفة للقاصي والداني وهي تقوم على أساس الذود عن السلام.. وترسيخ قواعده في كل وقت وحين..!

والمفروض أن المجتمع الدولي يعد بمثابة سلسلة متصلة الحلقات وأن بعدت المسافات.. وهذا المجتمع الدولي مطالب بالتدخل لحل الأزمة بين البلدين تلافيا لتداعيات خطيرة.. وآثار بالغة السلبية تطال الجميع.. سواء من لهم علاقة بالسد.. أو لا.. وإلا تنهار بالفعل منظومة الأمن.. والسلم الدوليين وعندئذ يكون للحديث.. حديث..!

*** 

و..و..وشكرا