*حينما قال لي الوزير العربي المخضرم:
*إنها ليست معجزة واحدة..بل عدة معجزات
*يوم أن استرد المصريون وعيهم
ووطنهم
*ويوم أن هدرت ملايين الحناجر معلنة البيعة قبل التفويض
*ويوم أن سقط عرش المرشد
وانهارت مملكة الشاطر
*ويوم أن وقف الرئيس الدوبلير حائرا مرتعشا حتى جاءته الصاعقة
*ويوم أن فضحهم تاريخهم الأسود الملطخ بالعار
والإثم والبغي والضلال
*إلى المدافعين عنهم حتى الآن:
الموتى لا يعودون للحياة ومن خلعوا آخر أوراق التوت يظلون عرايا طوال عمرهم
ليس القصد من هذا المقال الحديث عن تجربة بغيضة عاشها شعب مصر على مدى عام كامل من الزمان .. فكم من تجارب مرت بها شعوب كثيرة.. وليس مفترضا أن تكون ناجحة في معظم الأحيان.. وليس منطقيا أيضا الحكم عليها بالفشل.
لكن أنا هنا.. أسرد لك.. وقائع وأحداثا عشتها بنفسي.. وعاشها بالطبع جميع المصريين فضلا عن مطبات سحيقة كاد الوطن أن يسقط فيها ويضيع من أبنائه.. لولا أن قيض الله سبحانه وتعالى واحدا من هؤلاء الأبناء ليصحح الأخطاء.. ويقيل البلاد من عثرتها ويمنع العصابة الحاكمة من الاستمرار في طغيانها وجبروتها وانحرافها عن سواء السبيل.
***
لقد انكشف سوء النوايا منذ أن وقفت مجموعة مارقة ممن ينتمي أفرادها إلى عصابة الإخوان تعلن فوز مرشحهم في الانتخابات التي جرت لاختيار رئيس الجمهورية.. وذلك قبل إعلان النتيجة الرسمية.
وهكذا عملوا على فرض أمر واقع بصرف النظر عما إذا كانوا على حق أم على باطل..!
المهم.. أعلنت النتيجة من جانب واحد.. بينما أخذت ميليشياتهم المسلحة تطوف الميادين والشوارع وقد دوت هتافاتهم.. بحياة المرشد وجماعته.. وأيضا أذنابه.. وحوارييه وبذلك قفز على الساحة حكام للوطن كانوا منذ فترة وجيزة.. مطاردين.. أو مراقبين.. من جانب أجهزة الأمن..!
***
وقتئذ استشعرت أنا وغيري.. أن هذه العصابة لو تمكنت من الحكم.. فيستحيل يستحيل أن تغادره.. بل سوف تتبع كافة الأساليب المشروعة وغير المشروعة للبقاء لأطول فترة ممكنة..!
وقد كان..!
عندما أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فوز محمد مرسي العياط بمنصب رئيس الجمهورية.. انطلقت ميليشيات الإرهاب والقتل والتدمير تجوب أنحاء البلاد.. في الوقت الذي قام فيه الرئيس بإطلاق سراح المسجونين الذين يقضون فترات طويلة من العقوبة.
ليس هذا فحسب.. بل شرع في دعوتهم لحضور اجتماعاته ولقاءاته.. وهكذا أصبح المجرمون.. سادة.. وتحول الأسوياء.. والمخلصون والحامون لوطنهم إلى أدوات تحركها جماعة الإرشاد كما يحلو لها..!
لكن هيهات.. هيهات.. إذ يعز على المصريين أن يسلموا إرادتهم لكائن من كان.. وهم الذين دافعوا عن هذه الإرادة وعملوا على مدى تاريخهم التليد على أن تكون دائما وأبدا.. صلبة.. متينة.. غير قابلة للانكسار تحت وطأة أي ظرف من الظروف.
***
ثم.. ثم.. بدأ الرئيس الذي جاءوا به بمحض الصدفة في ممارسة مهامه.. والتي من بينها.. عقد اللقاءات مع الصحفيين والكتاب وكانت المفاجأة أن توجه لي دعوة من رئاسة الجمهورية لحضور أول اجتماع..!
المفاجأة الأكبر.. أنهم حددوا لي مقعدا في الصف الأول المقابل لموقع الرئيس مباشرة.. ويا ليت الأمر اقتصر على ذلك.. بل ما أن بدأ الحوار بين الرئيس والحاضرين.. حتى قام الزميل صلاح قبضايا رحمه الله ليتحدث عن الصحافة القومية ومشاكلها رغم أنه أمضى الجزء الأكبر من حياته في العمل بالصحافة الحزبية .. وكان رد الرئيس غريبا.. على مسامعي حينما وجدته يقول ليس هناك أفضل من يتحدث عن الصحافة القومية .. سوى العبد لله.
بديهي.. أن أقف لأجيب.. لكني حرصت في إجابتي على أن أبتعد عن الموضوع.. ووجهت سؤالا للرئيس حول "التعديل الوزاري" الذي كان مطروحا في تلك الفترة.. ويبدو أن مرسي لم يعجبه ردي.. فصمت ولم يعلق.. وأعطى الكلمة لزميل آخر.
***
قبل الانصراف من مقر الاتحادية جاءني من يهمس في أذني:
هل أنت أممت المصلين في صلاة الظهر داخل مبنى الرئاسة..؟!
أجبت بتلقائية.. وبنية خالصة:
نعم..!
عاد صاحب الصوت الهامس ليستطرد:
المفروض أن رب البيت هو الذي يؤم الصلاة ولا أحد غيره ورب البيت هنا هو الرئيس.. وفهمت ما معناه أني تجاوزت وضعي..
ولم يكن مقبولا بالنسبة لهم أن أؤم زملائي الذين طلبوا ذلك ربما باعتباري الأكبر سنا.. فعلقت متسائلا:
ترى هل أني أخطأت..؟!
ابتسم محدثي ابتسامة باهتة وتركني وانصرف!!
لا أكتمكم سرا.. أني لم أتخيل أن تتخذ جماعة الإخوان موقفا عدائيا ضدي لمجرد أن فعلت شيئا المفترض أنه عادي وعادي جدا.
***
بعد عدة أيام.. كتبت مقالا في الجمهورية عن علاقة خيرت الشاطر بسفيرة أمريكا في القاهرة وذكرت في المقال أن السفيرة تأتي بين كل يوم وآخر للشاطر في مكتبه بشارع عباس العقاد بمدينة نصر وتمكث معه ساعات طويلة..!
وتساءلت: ما علاقة أمريكا بالإخوان.. وهل هي التي تسيرهم.. وهل هم الذين يسعون للحصول على ضمانات منها بتأييدهم فيما يذهبون إليه..؟!
وطبعا.. المقال لم يعجب العصابة الحاكمة.. لأتلقى تهديدا مباشرا منها.. بالكف عن سياسة العداء مع قياداتها.. وأعضائها..!
ثم.. ثم.. ما لبث أن استشعرت أنهم يدبرون لي أمرا أو أمورا.. فاختصرت الطريق وغادرت البلاد.
***
ما أن وصلت إلى أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية حتى استقبلني بعد ساعات من وصولي دكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشئون الخارجية ودار بيننا حوار طويل حول حكم العصابة وسألني الوزير:
متى يغادر الإخوان مقاعد السلطة في مصر..؟
أجبت:
إنهم يخططون للبقاء حتى نهاية العمر.. فقد واتتهم الفرصة ويستحيل أن يتركوها تضيع منهم ثانية إلا إذا حدثت معجزة..!
لم يكد يمر سوى شهر أو أربعين يوما.. حتى أسقط شعب مصر حكم الإخوان.. وجاءني صوت الوزير قرقاش يقول لي هاتفيا وقد بدا.. وكأن أسارير وجهه قد تهللت وتجلت أحاسيس السعادة وكأنها تتخلل لهجته..
ها هي المعجزة قد تحققت.
ثم أردف مسرعا:
لا.. إنها ليست معجزة واحدة.. بل عدة معجزات.. ودار بيننا حوار استغرق ما يقرب من ساعة كاملة.. لنصل إلى عدة حقائق أساسية:
Xأولا: بعد ما حدث يوم30 يونيو لابد أن يكون حكم المرشد قد سقط ولن تقوم له قائمة بعد ذلك..
Xثانيا: إن تلك الملايين التي أخذت حناجرها تهدر في غضب مرددة: يسقط حكم المرشد.. لنتقبل بديلا عن إزاحة هذه العصابة الباغية.. وبالفعل لم تكد تمر سوى ثلاثة أيام حتى وقف القائد الذي التفت حوله الجماهير التفافا غير مسبوق يعلن عن خريطة طريق جديدة ليس بها مكان لجماعة الشر التي أذاقت المصريين الأمرين.
Xثالثا: لقد أخذ القائد الشجاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي على عاتقه مهمة تطهير البلاد من الطغمة الفاسدة..!
لقد غامر بحياته.. وبمستقبله.. وبمكانته المتميزة في منظومة الحكم.. ليضع أسس حياة جديدة لبني وطنه.. حياة قائمة على الحق والعدل والمساواة بين الناس جميعا..
لقد سقط عرش المرشد حتى قبل أن ينتهي الفريق أول السيسي من كلمته التي أوضح فيها أمام عدد من الرموز الوطنية أن رد رئيس الجمهورية على بيان القوات المسلحة.. جاء مخيبا للآمال.. وهو البيان الذي دعا إلى انتخابات مبكرة وإجراء مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة.. وتعطيل العمل بالدستور.. وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارةشئون البلاد.. خلال فترة توقفه.
ومع سقوط عرش المرشد .. انهارت مملكة الشاطر.. في نفس الوقت الذي وقف فيه الرئيس الدوبلير حائرا.. مرتعشا.. حتى جاءته الصاعقة التي أدرك من خلالها أنه ذاهب إلى غير رجعة..!
Xرابعا: يمكن القول إن الجماهير قد بايعت الفريق أول السيسي حتى قبل حصوله على التفويض منها.
***
كل ذلك بطبيعة الحال لم يكن ممكنا أن يتحقق إلا بعد أن يسترد المصريون وعيهم ووطنهم.. وفي ظل تكاتف والتفاف حول القائد الذي نذر نفسه فداء لمصر.
إن هذا التكاتف وذلك الالتفاف هما اللذان أسهما أيضا في انطلاق سفينة الإنقاذ التي طال انتظارها على مدى عام كامل..!
ولقد اتفق القوم في إطار حصون منيعة من التآزر والتعاون على أن يخلصوا مصر العزيزة من كابوس الظلم والظلام ومن دهاليز الضلال والبهتان..!
الأهم .. والأهم.. تحرير الوطن من سارقي ثرواته ومبددي أرصدته المادية والمعنوية بغير وازع من دين أو ضمير أو أخلاق..!
***
في النهاية تبقى كلمة:
أقول لهؤلاء الذين مازالوا يصرون على الدفاع عن العصابة الباغية.. إن الموتى لا يعودون للحياة.. والذين خلعوا آخر أوراق التوت سوف يظلون عرايا حتى نهاية العمر..!
إذن.. فليخسأ الخاسئون.. وإذا لم يعد الخطاءون إلى صوابهم.. فلن يفلحوا أبدا..وسوف تدوسهم أقدام الشجعان.. المخلصين.. البارين بالأم الرءوم .. وبكل ذرة رمل من أرضها العزيزة التي لا تقدر بثمن .. بل .. بل ولا بأموال الدنيا كلها.
***
و..و..وشكرا