*سبحان الله.. "حج" بلا حجاج!!
*عموما.. إنها فرصة لمزيد من التأمل عسى أن تتحطم القيود.. وترتفع مشاعل النور!
*للأسف.. "البديل".. قاسٍ!
*انغلقت البيوت على من فيها.. فتجمدت المشاعر وبردت الأحاسيس..!
*تابعت أسوأ حوار بين ابن وأبيه:
الحياء اختفى.. والخشية انتهت
*أخيرا.. لعن الله كورونا في الدنيا والآخرة
في مثل هذه الأيام منذ آلاف السنين.. كان الناس يتجمعون في مكة المكرمة.. يهللون ويكبرون ويفرحون معا.. حتى قبل ظهور الإسلام شهد نفس المكان تدفق الآلاف من بقاع شتى.. حتى جاء العام التاسع من الهجرةليبدأ المسلمون أداء فريضتهم التي أمرهم الله سبحانه وتعالى بهالاسيما من كانت لديهم القدرة المادية والجسدية.
***
ومنذ أن ظهر هلال شهر ذي الحجة هذا العام والقلب يهفو إلى البيت الحرام حيث يطوف الطائفون.. ويسعى الساعون في مهرجان ديني لا يتكرر إلا مرة كل عام.
أنا شخصيا وهبني الله سبحانه وتعالى نعمة أداء هذه الفريضة الغالية مرات.. ومرات وفي كل مرة أجيب بيني وبين نفسي عن أسئلة تزيد إجابتها اليقين يقينا والإيمان إيمانا.. وكيف أن قدرة الله تتجلى في أيام قلائل معدودات .. في جمع ما يقرب من مليوني ونصف مليون بل وثلاثة ملايين أحيانا.. يؤدون مناسك واحدة.. في توقيتات واحدة.. وبتوقيت دقيق منظم.. وكلها مظاهر تؤكد عظمة هذا الدين القيم الذي قام على مبادئ الحق والعدل والمساواة..
فها هم أتباعه يقفونويجلسون ويتحركون وهم يرتدون نفس الملابس.. لا فرق بين غني وفقير..ولا بين صاحب جاه.. وصولجان وبين آخر لا يملك من الحياة شرو نقير.
***
شريط يدور في الأذهان بينما تكبلت القلوب.. وقيدت الأيدي ليخيم السكون على صحن الكعبة.. وتختفي صيحات التكبير والتهليل..
ويكاد حمام البيت ينطق متعجبا.. أين راحت الملايين وهل ذهابها يعكس تنبيها إلهيا بضرورة أن يتعاون القوم..على البر والتقوى.. وأن يحبوا بعضهم البعض.. وأن يتخلوا عن مشاعر الأنانية وعشق الذات وأن يتذكروا في كل وقت وحين.. أن الله حق.. والدين حق.. والوطن حق.. ثم أن يؤمنوا باليوم الآخر الذي يبعث فيه الله الناس ليحاسبهم على ما قدموا من خير أو شر..
وبكل المقاييس تتسع دوائر التفاؤل بأن طاقات العودة لله سبحانه وتعالى تتسع وبالتالي تتحطم القيود وترتفع مشاعل النور.. فتتوارى غيامات الضباب وتحقق كل من النجوم والشمس والقمر المعجزات التي جبلت عليها منذ أن خلق الله السماء والأرض والنحل والنمل والطير والكواكب.. بمختلف ألوانها وأشكالها..!
***
ولعل ما يدعو للأسى والألم أن البدائل محدودة.. وحتى إذا توافرت فإنها تسببت في تعقيد حياة البشر أكثر وأكثر.
لقد انغلقت البيوت على من فيها بناء على تعليمات صارمة وتهديدات مفزعة.. ومن لا يخضع ولا يستسلم يصبح فريسة سهلة للفيروس اللعين..!
ولقد طالت فترة الانغلاق العائلي أو الأسري.. لتمتد إلى أكثر من ثلاثة شهور تجمدت خلالها المشاعر.. وبردت الأحاسيس.. فالكلامسرعان ما يتطور أسلوبه ليصل بأهل البيت إلى مرحلة الخلاف .. أو الاختلاف وبعدها الخناق والشجار..!
سبحان الله.. حتى وقت قريب.. كانت الأمنيات الغالية تنحصر في أحلام لقاء أفراد الأسرة وبعضهم البعض.
الآن.. أصبح نفس هؤلاء الأفراد لا يطيقون الآباء أو الأمهات أو الأخوة أو الأخوات..!
وللأسف عايشت مشاهد يندى لها الجبين خلال تلك الفترة التي أطلقوا عليها فترة العزل..!
رأيت الابن الذي يقول لأبيه أريد أن تنقل ملكية الشقة التي تقطنها باسمي حتى أضمن حقي بعد عمر طويل..!
بصراحة.. لم أتمالك أعصابي وكدت أقوم لأضرب الولد قلما أو عدة أقلام على وجهه عسى أن يفيق وإن كنت موقنا أن من فقد المشاعر الحانية لا جدوى من ورائه ولا طائل..!
قلت له:
إن قولك هذا يعني أنك تقول لأبيك عيني عينك.. إنك في انتظار يوم رحيله عن دنياك ودنياه وهو الذي مازال حتى الآن يحنو عليك ويدعمك ويتمنى أن يوفر لك الذهب والفضة والحرير.. فما كان من الابن إلا أن رد علي ببجاحة :
إنها سنة الحياة.. فالله سبحانه وتعالى قال للرسول الكريم:" إنك ميت وإنهم ميتون".. فهل والدي أفضل عند الله من النبي..؟
***
لم أشأ أن أستمر في المناقشة أكثر من ذلك تاركا للأب تقييم ما جرى من ابنه.. حتى اكتشفت أنه سيناريو يتكرر كل يوم.. مما دعاني لأن أسأل الرجل:
Xوأنت ماذا تنوي أن تفعل؟
أجاب بصوت خفيض:
سأنفذ له رغبته.. راجيا له التوفيق..!
***
بصرف النظر عمن هو على حق ومن هو على خطـأ في تلك العلاقة الإنسانية إلا أن الحقيقة المرة تقول إن مدة الانغلاق الطويلة مزقت عرى الأبوة والأمومةوالأخوة معا.. وأصبح من الصعوبة بمكان أن تعود الأوضاع إلى مسارها الصحيح قبل انتشار الفيروس..!
لعن الله كورونا في الدنيا والآخرة.
وسامح الله الابن.. الذي يتعامل مع ابيه.. كأنه قطعة أثاث تكسرت وانطفأ بريقها وأصبحتتنتظر تسليمها لبائع الروبابيكيا..!
***
و..و..وشكرا