*مع قرب انحسار كورونا..مرة أخرى ما مصير الصحافة الورقية..؟!
*هل ستنهض من جديد..؟
*نعم.. ونعم ألف نعم.. طالما أن هناك من يعشقونها ويدافعون عنها ويتمسكون ببقائها..؟
*حكاية للتاريخ.. تخص "المساء" وحكاية مدير البنك الذي يمسك رزمة النقود ليكتشف أنها تنقص ورقة أو ورقتين..!
أي مهنة في الدنيا.. إذا لم يكن هناك حب صادق بينها وبين صاحبها.. يستحيل أن تقف في ثبات وثفة أمام ماعداهامن المهن.
لذا.. فالعاشق لمهنته.. يعيش حياة سهلة.. آمنة.. مستقرة.. يملكالقدرة على مواجهة الأزمات بإرادة صلبة.. وعزيمة لا تهن.. ولا تضعف.
***
مثلا.. أنا مازلت أجد متعتي الحقيقية في ممارسة الصحافة وإذا توقفت يوما عن هذه الممارسة.. أستشعر أن الدنيا كلها ضاقت في وجهي.. وأظل مهموما زائغ العينين.. حتى تعود الأشياء إلى مسارها الصحيح.
وبالرغم من محاولات التشكيك في بقاء أو استمرار الصحف الورقية.. فإني أرى أن زوالها يعد ضربا من ضروب المستحيلات.. لأنها في النهاية ستجد من يناضل نضالا حقيقيا في سبيلها.. وإن شاء الله.. سوف يتحقق لها النصر المبين.
***
لكن هناك من يقول إن حجم توزيع الصحف أو المجلات المطبوعة شهد تراجعا في السنوات الماضية غير مسبوق.. أو بالأحرى تراجعا مزعجا لا يدعو أبدا للتفاؤل.. فتلك حقيقة واقعة لا شك.. لكنها لا تلغي أهمية تأثير الصحافة بصفة عامة في الرأي العام بصرف النظر عن أرقام التوزيع..
***
زمانا.. كانت الصحف تتعطل عن الصدور أيام الإجازات الأسبوعية.. وكذلك إجازات المناسبات ثم جاء الأخوان على ومصطفى أمين ليقررا كسر هذه العادة.. ويتوليا طبع وتوزيع جريدة الأخبار على مدى الأسبوع بأكمله وحينما توليت رئاسة تحرير هذه الصحيفة العزيزة على قلبي "المساء".. وجدت أنها ممنوعة من الصدور أيام الإجازات.. وحينما تساءلت عن السبب قالوا لي إن الموظفين عادة هم الذين يقبلون على شراء الصحيفة أثناء خروجهم من أعمالهم وبما أنهم يكونون في منازلهم.. فإن فرصة التوزيع الجيد تصبح صعبة.. أو متعذرة..!
عدت أقول لأولي الأمر في الإدارة المسئولين عن الطباعة والتوزيع.. إنني كفيل بتقديم مادة صحفية تجذب القراء باختلاف ألوانهم.. وهواياتهم.. وتوجهاتهم وليس الموظفين فقط.. لكن طلبي أو رجائي قوبل بالرفض حتى جاء يوم "شم النسيم" لأصر على طبع المساء.. وكانت المفاجأة للمعارضين.. أن توزيعها في هذا اليوم فاق الحدود..!
***
أقول كل ذلك.. لأن الصحافة الورقية الآن.. أصبحت لا تحتملالأزمات الطارئة.. أو غير الطارئة.. والدليل أن هناك صحفا سواء داخل مصر أو خارجها توقفت عن الصدور بسبب فيروس كورونا.. فهل هذه الصحف قادرة على العودة مرة أخرى.. بعد انحسار الفيروس..؟!
الحكاية ليست بتلك السهولة فالصحيفة التي أجبرت القارئ على الانصراف عنها لا يكون بمقدورها استعادته من جديد.. اللهم إلا إذا قدمت توليفة صحفية مختلفة تماما.. عن ذي قبل..!
***
على الجانب المقابل فقد أخذت تدوي في سماء الصحافة من جديد تحذيرات صناعهاوأساتذتها في العالم الذين سبق أن أعلنوا أن النهاية الحقيقية للصحافة المطبوعة ستكون مع حلول عام 2050.. وهذه اجتهادات تشاؤمية إلى حد كبير أنا شخصيا لا أوافق عليها..!
***
عموما.. نعود لنؤكد أنه في ظل الانتماء بين المهنة وصاحبها والعلاقة الحميمة التي تربط الطرفين ببعضهما البعض تتفتح طاقات الأمل.. وما ينطبق على الصحافة يمتد إلى مجالات أخرى عديدة..!
وسوف أسوق لك اليوم مثلا حيا.. شهدت وقائعهبنفسي:
كنت أجلس مع مدير أحد البنوك الشهيرة ليجيء له أحد معاونيه بعدة رزم من الجنيهات.. منها ما هو ألف أو عشرة آلاف أو عشرين ألفا.. وفوجئت بالرجل يمسك بالرزمة الواحدة ويقول هذه ناقصة ورقة.. وتلك ناقصة ورقتين دون عد يدوي أو إلكتروني.
وبالفعل فوجئت بأن إحساسه سليم مائةXالمائة. إذن هل أي موظف في بنك سواء أكان مديرا أو رئيس مجلس إدارة أو..أو.. لديه نفس حس هذا الصديق.. الذي أبدى اعتزازه بعمله وحماسه له.
***
في النهاية تبقى كلمة:
شاءت ظروف الصحافة المطبوعة أن تكون مثار نقاش وأخذ ورد.. خصوصا فيما بعد عام 2011 والصحافة شأنها شأن غيرها.. كانت وستظل مثار حقد وكراهية كثيرين الذين لا يفكرون إلا في غرس الألغام لا العمل على إزالتها من طرق الحق والخير والجمال.. وهؤلاء أؤكد لهم أن حبر المطابع يستحيل.. يستحيل أن يتحول إلى ماء لا طعم له ولا رائحة.
***
و..و..وشكرا
***