مقال سمير رجب "غدا مساء جديد"بجريدة المساء

بتاريخ: 19 أغسطس 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*سمير الإسكندراني.. وتحية واجبة للمخابرات العامة

*هذا البيان شبه "الرسمي".. يؤكد تقدير مصر لأبنائها الأوفياء

*لقيته في أواخر العام الماضي وأوصاني بأن أبلغ المصريين على لسانه: "سيكون لكم شأن كبير وكبير جدا في ظل قيادة الرئيس السيسي"

*أبناء السيدة نفيسة تدافعوا لوداعه وغاب النقيب.. وأعضاء مجلسه!

*ومع ذلك نريد تكريما دائما يخلد عمله وفنه

بداية.. أود أن أحيي المخابرات العامة المصرية على تقديرها " العلني" لأبناء مصر الأوفياء للوطن.. وترابه.. وسمائه والذين رفضوا الإغراءات التي تصور العدو يوما أنه يمكن شراءهم بما تحققه لهم من مكاسب مادية هائلة وميزات معنوية تفتح لأصحابها الأبواب المغلقة في بلاد شتى في العالم.. 

أقول ذلك بمناسبة البيان شبه الرسمي الذي أصدرته المخابرات العامة ناعية الفنان الدكتور مهندس سمير الإسكندراني والذي وصفته بالنموذج الفريد في الجمع بين الفن الهادف وبين البطولة والتضحية من أجل الوطن.

*** 

بكل المقاييس حينما تصدر المخابرات العامة مثل هذا البيان فإنها -ولا شك- تقدر ما فعله الشاب سمير الإسكندراني في منتصف الستينيات في سبيل مصر.. مبديا أكبر قدر من الشجاعة في مواجهة جهاز المخابرات الإسرائيلي.. الذي اعترف بهزيمته أمام جهاز المخابرات المصري ممثلا في هذا الشاب الذي ذهب لدراسة الفن في إيطاليا.. فكان ما كان..!

لقد جاء سمير الإسكندراني ذات يوم إلى القاهرة قادما من روما وعلى الفور توجه إلى مقر رئاسة الجمهورية في منشية البكري وطلب مقابلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر..!

طبعا.. لم يكن من السهولة بمكان الاستجابة لرغبته.. لكن مع إلحاحه على أن لديه ما لا يستطيع أن يقوله سوى لرئيس الدولة شخصيا.. وبعد أخذ ورد.. واستجوابات.. وتحريات..و..و..وافق الرئيس عبد الناصر على مقابلة الإسكندراني ليروي له الحكاية بالتفصيل والتي بدأها باتخاذ إسرائيل الترتيبات لدس سم طويل المدى للرئيس المصري الذي مثل لها خطرا لا يقاوم وعدوا عنيدا يتعذر التعرف على نقاط ضعفه..!

بديهي.. أن يهتم الرئيس عبد الناصر بمعلومات الإسكندراني وعلى الفور كلف جهاز المخابرات بالالتقاء به ومحاولة الاستفادة به أقصى استفادة ممكنة.

وبناء على تعليمات الجهاز.. عاد الإسكندراني إلى روما ليجري اتصالا عاجلا مع عميل الموساد والذي رحب به ترحيبا بالغا ودعاه للعشاء بمنزله في نفس الليلة..!

وهكذا قام سمير بدور العميل المزدوج بعلم المخابرات المصرية التي طلبت منه توطيد علاقته أكثر وأكثر مع هذا العميل الخائن الذي لم يتردد في المجيء للقاهرة بدعوة من الإسكندراني والذي تعهد له بتوفير الحماية الكافية..!

لم يكد يمر يومان.. حتى كان "رجل إسرائيل" في قبضة أجهزة الأمن المصرية لتسقط معه شبكة تجسس كاملة داخل البلاد..!

*** 

بعد هذا النجاح المدوي للمخابرات المصرية صدرت جميع الصحف تحمل مانشيتات عريضة تتحدث عن بطولة سمير الإسكندراني الذي أصبح من يومها بمثابة أيقونة للشباب المصري..!

*** 

في يوم 18 ديسمبر من العام الماضي دعاني الدكتور رائف ربيح رئيس الجمعية المصرية للتشريع الضريبي ونائبه د.عرفان فوزي للمشاركة في مؤتمر بعنوان "المشروعات الصغيرة والتجربة المستدامة" والذي كانمدعوا إليه أيضا سمير الإسكندراني الذي رأت الجمعية تكريمه بمنحه عضويتها الفخرية تقديرا لوطنيته.

وأنا شخصيا تربطني علاقة مودة بالرجل منذ سنوات عدة لكن لم نكن نلتقي سوى في المناسبات الخاصة والعامة لنتحدث في شئون وهموم الوطن.. ويومها قال لي بالحرف الواحد:

الحمد لله أن استعاد المصريون بلدهم.. وليتأكدوا أنهم في ظل قيادة الرئيس السيسي سيصبح لهم شأن كبير وكبير جدا.. أرجوك أن تبلغهم ذلك على لساني من خلال مقالاتك.

شددت على يده .. وانصرفت بعد انتهاء المؤتمر.. وقبل مغادرتي وجدت د.رائف يطلب مني استمرار التواصل مع سمير الإسكندراني لأنه يكن لي إعزازا خاصا.. وبالفعل استجبت.. 

*** 

وفي يوم 13 أغسطس الحالي رحل سمير الإسكندراني عن عالمنا.. حيث أبلغني زميلي أحمد يوسف بالنبأ الحزين مشيرا إلى أنهم مضطرون لإقامة صلاة الجنازة عليه داخل مقهي صغير بجوار مسجد السيدة نفيسة..!

سألت أحمد عمن شاركوا في الجنازة.. فأجابني: في البداية كانوا عددا محدودا جدا من الأهل والأصدقاء .. لكن سرعان ما انضم إليهم أهالى السيدة نفيسة من أولاد البلد الجدعان الذين يعرفون تاريخ الرجل الوطني والفني..!

*** 

هذا يحدث بينما الفنانون غائبون فيما عدا هاني شاكر حرص على أن يؤدي صلاة الجنازة ونادية مصطفى التي سرعان ما جاءت.. وسرعان ما ذهبت..!

بينما الأخ أشرف زكي نقيب الممثلين.. فلا حس ولا خبر.. وكذلك الأخ سامح الصريطي الذي لا يفوته مأتم ومع ذلك اختفى اختفاء مريبا وأيضا جميع هؤلاء الذين تسمع كلامهم ثم تصدمك تصرفاتهم!! وإن كانت آخر صورة ليست غريبة .. فهي تكاد تكون متكررة..!

*** 

عموما.. يكفي سمير الإسكندراني محبة الناس.. وتقدير وطنه .. لكنه رغم ذلك في حاجة إلى تكريم يخلد اسمه.. وأنواع هذا التكريم ولا شك.. عديدة ومتنوعة..

ونحن في الانتظار..

*** 

و..و..وشكرا

***