مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 20 أغسطس 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*تقرير سياسي عن أحداث الساعة

*كورونا.. يطارد اقتصاديات العالم!

*العجز في الموازنة العامة لأكثر الدول تقدما يسبب عقبات عديدة أمام استعادة النشاط..

*بلا تحيز لأنفسنا.. مصر.. أفضل كثيرا..كثيرا!

*فعلا هل يقدر الوزير على الحد من مغالاة الجامعات الخاصة؟!

*د.خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي شرح لي الحكاية كاملة:

*الدولة لا تفرض تسعيرة.. العرض والطلب هو الذي يحكم

*واجهناالمشكلة.. بالجامعات الأهلية.. وسيتم التوسع فيها..!

*التعليم "أون لاين".. يتكلف أكثر من التواجد داخل الجامعة

*ثنائي الإرهاب.. ينضمان إلى ثالثهما في ليبيا.. فماذا تكون النتائج..؟

*الشارع اللبناني في دهشة وغضب.. من حكم محكمة الحريري!

واضح.. أن آثار فيروس كورونا.. لن تختفي بين يوم وليلة.. بالعكس.. سوف تظل تطارد الحكومات والجامعاتعلى مدى شهور.. وشهور.. إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا..!

من كان يصدق أن أقوى الاقتصاديات أخذت تئن وتشكو من تغول الفيروس رغم أن بعضها تمكن من السيطرة عليه منذ بداية ظهوره..!

ها هي اليابان على سبيل المثال.. التي أعلنت حكومتها منذ أيام أن العجز في الموازنة العامة وصل إلى نسبة غير مسبوقة.. مما اضطر الحكومة إلى وقف الإعانات الاجتماعية.. وإلى تقليص الخدمات المقدمة للفئات المختلفة.. وإلى توقف المكافآت والحوافز التي اشتهرت اليابان بصرفها لعمالها وموظفيها تقديرا لهم على ما يبذلونه من جهد يؤدي إلى زيادة الإنتاج..!

*** 

نفس الحال بالنسبة لبريطانيا وفرنسا وغيرهما من الدول الأوروبية التي تشكو من تزايد العجز في الموازنة العامة شهرا بعد شهر مما منع حكومات هذه الدول من اتخاذ أي وسائل لدفع عجلة الاقتصاد.. لأن مثل تلك الوسائل تتطلب موازنات مالية جديدة وهو ما لا يمكن توفيره.. فظل الجميع.. يبكون حظهم ويلعنون الفيروس العنيد الذي يصر على مطاردة البشر حتى وهو يتوارى رويدا رويدا.. استعدادا للرحيل النهائي وإن كان هذا الرحيل لن يحدث إلا بعد ما يقرب من أربعة أو خمسة شهور..!

*** 

أما أمريكا .. فما يدور بها على مستوى الولايات المختلفة.. يحير مواطنيها أنفسهم.. فبالرغم من تحذيرات صندوق النقد التي يقول فيها إن الناتج المحلي ينكمش بنسبة6,6% الأمر الذي يستلزم سرعة المواجهة والبحث عن حلول واقعية وعملية.. يفاجأ الناس بالرئيس ترامب يخرج عليهم مؤكدا أن ما حدث من طفرة اقتصادية في عهده.. لم يسبق له مثيل.. وإذا قالوا له إن نسبة الصادرات انخفضت بما يعادل 4,4% يهب ثائرا متهما خصومه الديمقراطيين بنشر الشائعات وفبركة الروايات..!

*** 

من هنا أقول إنه دون تحيز لأنفسنا فالوضع عندنا أفضل وأفضل كثيرا.. ولا نردد هذا من فراغ.. بل كلنا نلمس حقيقة استقرار الأوضاع.. وكيف أن الأسعار تشهد انخفاضا يوما بعد يوم.. وكيف أن برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي يسير في طريقه المرسوم دون أدنى تغيير.. في نفس الوقت الذي تتخذ الإجراءات أولا بأول لخفض نسبة الدين العام وكذلك العجز الكلي للموازنة العامة.. 

ليس هذا فحسب.. بل الحكومة تقول ونحن نصدقها- إنها ستصل بنا في العام القادم إلى نسبة نمو تبلغ 7% سنويا..!

عموما.. اللهم لا حسد..!

*** 

وإذا كان هذا حال اقتصادنا.. فيمكن القول أيضا إن منظومة التعليم عندنا كانت ومازالت الشغل الشاغل للأسرة المصرية.. والشاب المصري والشابة المصرية.. بل وحتى الجد المصري والجدة المصرية..!

وهذه الأيام.. أخذت الجامعات الخاصة.. والمدارس الدولية تلح علىأولياء أمور الطلبة لسداد ما لا يقل عن خمسين في المائة من المصروفات التي ارتفعت بنسبة قد لا تستطيع الأغلبية تحملها..!

بديهي.. الناس ليس أمامهم سوى أن يلوذوابالحكومة مطالبين إياها بالتدخل.. لإيقاف أو محاولة إيقاف هذه الغلوائية لكن السؤال:

وهل تقدر الحكومة على ذلك..؟!

بصراحة حتى كتابة هذه السطور كنت أتصور أن الحكومة تستطيع وتقدر إلى أن عرفت الحكاية كاملة من خلال اتصال تليفوني دام أكثر من نصف ساعة مع الوزير الفاهم.. والواعي  د.خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي.

*فاجأته محدثا: الناس يستغيثون بك يا دكتور.. متسائلين: هل من المعقول أن تتركنا الحكومة ممثلة في وزارة التعليم العالي نهبا للأطماع والجشع.. والرغبة العارمة في الإثراء بلا حدود..؟ 

xرد د.خالد: مهلا.. إن القانون رقم 12 لسنة 2009 لم يتعرض لسلطة الوزير في تحديد مصروفات الجامعات الخاصة وبالتالي لا يوجد إجبار..!

*بصراحة.. أنا لا أفهم..!

Xوأنا أيضا بصراحة أقول لك.. إن عصر التسعيرة الجبرية قد انتهى ومادمنا نتبع سياسة الاقتصاد الحر..فلابد أن نتحمل تبعاته..ثم أردف ضاحكا:

xوهل تستطيع الحكومة التدخل لتسعير الغرفة في فندق من فنادق القطاع الخاص..؟!

*إذن ما الحل يا معالي الوزير.. هل نطالب مثلا بتغيير القانون..؟!

أجاب بأسلوبه العلمي المتميز:

Xالحل يجيء عندما بدأت الدولة في إنشاء الجامعات الأهلية بشتى أنحاء مصر وبالفعل أقيمت أربع جامعات من هذا النوع ويوجد 6 جامعات أخرى في الطريق..

الهدف من هذه الجامعات كما يحدده الرئيس عبد الفتاح السيسي محاربة توحش الجامعات الخاصة في المصروفات والمغالاة فيها والتي ستضطر في النهاية للخضوع لقانون المنافسة ومنع الاحتكار..!

صمت د.خالد عبد الغفار برهة ثم استطرد:

xقد لا يعرف الناس أن التعليم.. هو أولا وأخيرا اقتصاد.. والدليل أن بلدا مثل بريطانيا.. تحقق دخلا قوميا تبلغ قيمته 230 مليار جنيه إسترليني عبارة عن حصيلة مصروفات الطلبة الذين يجيئون إليها من مختلف أنحاء العالم.. 

نفس الحال بالنسبة لأمريكا..!

ثم..ثم.. والكلام مازال على لسان الوزير سأضرب مثلا آخر:

حينما تدخلت الدولة ممثلة في جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة لتوفير السلع الغذائية ماذا حدث..؟!

ألم تنخفض الأسعار بنسبة يلمسها المواطنون على اختلاف طبقاتهم..؟!

وهكذا.. واجهناالاحتكار.. ووقفنا بصلابة ضد المتاجرين بأقوات الشعب..

عدت أسأل:

*وماذا عن الجامعات الخاصة أو الأجنبية التي رفعت أيضا مصروفاتها رغم أن الدراسة هذا العام قد تكون أون لاين..؟!

أجاب الدكتور خالد عبد الغفار بنفس منهجه العلمي:

Xالتعليم "أون لاين"يحتاج إلى تكنولوجيا أرقى.. وبنية أساسية.. أعلى.. فضلا عن أن المدرسين هم المدرسون الذين يتقاضون نفس مرتباتهم.. بل ربما أكثر..!

ختمت حديثي مع د.خالد قائلا:

*معالي الوزير:

يعجبني فيك.. أنك تذكر الحقيقة مجردة.. دون تغليف أو تزويق.. فتتحدد معالم الطريق بوضوح وسهولة.. ويسر..!

شكرا.. وألف شكر..

*** 

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد كنت أنتوي من خلال هذا التقرير معاتبة د.طارق شوقي وزير التربية والتعليم علىالاكتفاء بتحذير المدارس الدولية بعدم بدء الدراسة قبل 16 سبتمبر دون أن يتعرض لمشكلة المصروفات التي ارتفعت هي الأخرى بنسبة عاليةمتفاوتة.. 

وبمَ أن د.خالد عبد الغفار قام بالواجب فأحسب أن رؤية د.طارق شوقي لن تختلف..

إن مصر تتغير يا سادة.. فكرا.. وواقعا.. وتعليما.. وكل شيء..

*** 

والآن.. اسمحوا لي أن أصطحبكم إلى بلدين عربيين.. أوضاعهما للأسف تزداد سوءا يوما بعد يوم.. والناس هناك يستيقظون في الصباح.. لا يعرفون ماذا يمكن أن ينتهي إليه مصيرهم عندما يحل المساء..؟

ليبيا.. منذ أن وضع عينه على بترولها..وغازهاوكافة ثرواتها.. هذا السلطان العثماني الملقب برجب طيب أردوغان.. وأهلها يتحاربون.. ويتنازعون..وحرمة الدم لم تعد تساوي عندهم شرو نقير..

منذ أيام اجتمع ثنائي الإرهاب الممثل في كلٍمن الأمير الصغير تميم بن حمد و"غير الطيب"أردوغان الرئيس التركي مع من يسمى برئيس الحكومة الانتقالية.. عميل الإرهاب والإرهابيين فايز السراج..!

اجتمع ثلاثتهم ليتفقوا على أن يتولى الأمير الصغير تدبير المال اللازم للميليشيات والمرتزقة الذين يدفع بهم أردوغان إلى البلاد.. والذي تعهد باستمرار الجسر الجوي بين أنقرة وبنغازي.. لنقل أكبر عدد منهم بينما أعلن السراج في خسة ونذالة أنه سيتولى تدبير شئونهم من مأكل ومشرب ومأوى طالما الدعم المادي القطري دائم ومستمر..!

بالله على هذا الثالوثالجبان ألا يدرون أن ما يرتكبونه من آثام سوف يدفعون ثمنه باهظا وباهظا جدا..؟

فقد عُرف عن الشعب الليبي أنه شعب مناضل.. يتحمل الصعاب.. عنيد السلوك تحكمه القبلية التي ترفض أن يطأ أرض أبنائها غريب.. أو أجنبي.. أو محتل غاصب لا يقيم وزنا لدين أو ضمير أو أخلاق..!

فليعلم كل من تميم وأردوغان أنه مهما طال الزمن.. فسوف يأتي اليوم الذي يعود فيه الليبيون إلى تلاحمهم.. وتوحدهم..

وإن غدا لناظره قريب..

*** 

أما لبنان.. فقد بات أمره غريبا.. غريبا.. لقد غاب المنطق.. وتحطمت المبادئ فوق صخور الكراهية والعنف والحقد..

وما حدث بالأمس بعد صدور حكم المحكمة الخاصة بالتحقيق في مقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء السابق.. زاد النار اشتعالا في الصدور.. وجعل الناس هناك يضربون أخماسا xأسداس وهم حائرون.. غاضبون.. بسبب ما جرى.. وما يجري..!

هذه المحاكمة التي استمرت 15سنة كاملة في النهاية أثمرت مولودا مشوها ممزق الأوصال.. إذ أعلنت المحكمة بعد هذه المدة الطويلة أن مرتكب الجريمة التي استخدم فيها ألف طن من نترات الأمونيوم.. وراح ضحيتها رئيس الوزراء ومرافقوه وعشرات من عابري السبيل.. شخص واحد ليس إلا..!!

يا سلام.. على العبقرية..!

شخص واحد يفعل كل ذلك.. والآخرون المتهمون معه.. والهاربون أبرياء.. براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

ومع  أن هذا المتهم الجبار ينتمي إلى حزب الله.. فها هو حسن نصر الله أمين عام الحزب قد فرح فرحة غامرة لأن الحكم ينطوي ضمن ما ينطوي على استبعاد الحزب رغم أنه مصنف عالميا كجماعة إرهابية..

غريبة يا دنيا غريبة..!

*** 

و..و..وشكرا