مقال سمير رجب "غدا مساء جديد"بجريدة المساء

بتاريخ: 23 أغسطس 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*لماذا هذا الإقبال على كليتي الشرطة والحربية رغم.. كل أبعاد.. واحتمالات الخطر..؟!

*المصريون تربوا على التضحيات منذ أقدم العصور وذرة الرمل الواحدة عندهم.. تساوي الدنيا وما فيها 

*تحية لكل شاب "وكل رجل" يسعى بكل إيمان ويقين.. للفوز بلقب البطل

ليس مستغربا أن يتسابق شباب مصر للالتحاق بكلية الشرطة أو الكلية الحربية.. رغم معرفتهم المسبقة بأنهم سوف يمارسون مهمة بالغة الخطر.. قد تنتهي بهم إلى الانتقال لعالم الشهداء نتيجة ضربات قدر غير متوقعة..! 

مثلا.. لأول مرة يتقدم لكلية الشرطة أكثر من33 ألف طالب بديهي أنهم وذووهم يتابعون أحداث الإرهاب التي تستهدف رجال الأمن والتي يواجهونها بأرواحهم ودمائهم.. ومع ذلك ثمة إصرار على أنيكونوا ضمن هؤلاء الرجال الشجعان..

..أيضا.. منذ أن يبدأ الشاب تقديم أوراقه للكلية الحربية يطلق عليه صفة الطالب المقاتل أي أنه سيخوض معارك ضد أعداء الوطن.. ولعل هذا مما يجعله يسعى لأن يكون بطلا تتباهى به أسرته وقبلها مصر التي تربى ونشأ على حبها وعلى الذود عنها وعن ترابها بكل مرتخص وغالٍ.

*** 

ها هم شباب مصر وها هم.. رجالها.. وها هم سيداتها !

فالشاب الذي ربما لا يتجاوز الثامنة عشرة من عمره.. يتقدم في شجاعة وإقدام لرفع رايات حرية الوطن.. وسلامته ومنع الغرباء من الاقتراب من حدوده تحت وطأة أي ظرف من الظروف.

أما الرجل فهو الأب الذي رسخ في قلب ابنه  معنى الوفاء.. والانتماء والذي لديه الاستعداد لتقديم مشروع شهيد.. أو مشروعين أو ثلاثة.. 

فها نحن نرى كيف أن الابن يستشهد ليبادر الأب بإلحاق ابنه الثانيبنفس الكلية وهو ثابت العقيدة.. 

نفس الحال بالنسبة للمرأة المصرية التي منحها الله سبحانه وتعالى الصبر الجميل الذي تتحلى به والذي وهبها إياه كأنه سلاح يحول دموعها الساخنة إلى بسمات تتغلغل في شرايين قلبها قبل أن ترتسم على وجهها الطاهر البريء.

*** 

ومع ذلك يثور السؤال:

وهل تقدر كل من كلية الشرطة والكلية الحربية على استيعاب تلكالأعداد الضخمة من المتقدمين.. بكل المقاييس لن تكفي فما هو الحل..؟!

قبل أن أجيب عنالسؤال.. فإن الطالب وولي أمره يبذلانمحاولات مستميتة لتحقيق رغبة هذا الشاب.. وتكون الطامة الكبرى إذا بدا من المؤشرات الأولى أن تلك المحاولات لن تكلل بالنجاح..!

على الفور.. يجريان اتصالاتهما مع المعارف والأصدقاء.. والأقارب "البعيدين".. عسى أن يجدا لدى أي منهما ما يحقق لهما حلم العمر .. وهنا أود أن أوضح حقيقة مهمة.. هي أن عهود الوساطات والاستثناءات بالنسبة للقبول في تلك الكليتين.. قد انتهت انتهاء مبرما.. وبالتالي الأفضل التركيز على دراسة أساليب تلافي الثغرات وتحديد أوجه القصور بدقة وعناية حتى يمكن تلافيها.. أو الابتعاد عنها بأكبر قدر من الجاهزية والاستعداد.

نعم.. الدولة تقدر مبادرات هؤلاء الشباب واستعدادهم للتضحية والفداء.. لكنها في الوقت نفسه حريصة على أن تبعث برسالة لهم ولذويهم.. بأن من يجيء لتطبيق القانون لا يحق له خرق بند واحد من بنوده.. وإلا تعرضت المنظومة من أولها لآخرها لهزات المفترض أن تنأى بنفسها عنها.

*** 

في النهاية تبقى كلمة:

التضحية عند المصريين ليست وليدة اليوم.. وأيضا ليست خاوية المعنى والمضمون..

أبدا.. فالمصريون تربوا على التضحية منذ عصور أجدادهم وأجداد أجدادهم الذين ما أن يجوب الداعى أرجاء البلاد معلنا الحرب على المعتدين.. حتى تتقدم الآلوف صائحين.. مهللين.. ليكونوا ضمن كتائب النصر المرتقب.

..ثم..ثم.. مع تطور الحياة.. وبعد أن أصبحت التكنولوجيا من أهم أسلحة الحسم.. أبدى المصريون حماسا زائدا.. لاقتنائها.. ومعرفة خباياها وأسرارها..!

وفي جميع الأحوال أهلا ومرحبا.. بضابط شرطة 2021.. ووعد لمقاتل اليوم وغدا بأنه كان وسيظل في مقلات عيون الآباء والأجداد حتى يوم الدين.

*** 

و..و..شكرا

***