مقال سمير رجب "غدا مساء جديد"بجريدة المساء

بتاريخ: 09 سبتمبر 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*.. وهكذا أتت مياه نهر الوفاء.. بما لا يشتهيه الإثيوبيون 

*هذا الفيضان غير المسبوق.. إذا كان قد أضر السودان فقد أفاده أيضا.. ومعه مصر

*بدء ملء سد النهضة.. دفع النيل الخالد ليؤكد أحلى المعاني وأغلى القيم

سبحان الله العظيم..

وكأن النهر الخالد أراد أن يبعث برسالة للذين يتلاعبون بمياهه.. ويتخذون منها وسيلة من وسائل الضغط على من يشاركونهم ما وهبهم رب العالمين لهم من نعم.. ومن ميزات.. ومن خيرات لا يغفلها إلا كل ناكر لفضله .. وواهم زورا وبهتانا بأنه يملك ما لا يملكه الآخرون..

*** 

لقد فاض نهر النيل هذا العام فيضانا لم تشهده دول منبعه ومصبه منذ مائة عام من الزمان.. فقد ارتفع منسوب مياهه إلى 17 مترا و66 سنتيمترا وهذا رقم غير مسبوق.

نعم.. لقد أدى تدفق المياه وجريانها بسرعة تصل إلى 168 كيلو مترا في اليوم إلى مصرع مائة شخص في السودان.. والإضرار بمصالح ما يقرب من 500 ألف تهدمت منازلهم فشردوا بعد أن فقدوا المأوى والملاذ.. لكن على الجانب الآخر هناك من أراد الله سبحانه وتعالى أن يؤكد لهم على أن أحدا من البشر لا يقدر على حرمانهم من الماء أو التقليل من حصتهم منها.. بل ها هي تزيد بسبب هذا الفيضان وتلك الأمطار التي تهطل بغزارة لترفع من منسوب مياه النهر أكثر وأكثر..

*** 

فعلا لقد أعلنت إثيوبيا أنها سوف تملأ سد النهضة الذي أقامته دون حاجة إلى موافقة شركائها في النهر.. ليس هذا فحسب.. بل يقولون إنها أقامت للآن سدودا صغيرة لتضمن الاحتفاظ بأكبر قدر من المياه.. وكأن كلاً من السودان ومصر ليستا ضمن الخريطة التي رسمت السماء ملامحها بكل دقة وإتقان..!

ثم..ثم.. ها هو نهر النيل يرد بكل شجاعة وجرأة على من يحاولون تشويه صورته القائمة على الإيثار والغيرية واحترام مبادئ الجيرة والأخوة.. ليتخطى كل هذه السدود.. لتعلن مياهه في صوت مدوٍ سأظل أجري في النهر ضاربة عرض الحائط بأية حواجز أو عقبات.

مرة أخرى أقول: سبحان الله العظيم الذي وفر لمصر دائما وأبدا الحماية ومنح شعبها استقرارا.. وأمانا ومنعة وقدرة فائقة على ضبط النفس والتحلي بالصبر.. مع إيمان ويقين بأن الحق أحق أن يتبع.. وأن هذا الحق يستحيل أن يضيع طالما أن هناك من يسنده ويذود عن قيمه ومعانيه ومبادئه.

*** 

نعم.. لقد كانت مصر تتعرض لمثل تلك الفيضانات حتى شيدت السد العالي وقد وضعت في اعتبارها ألا تكون سببا لإضرار أي كائن من كان.. وبالتالي عمت الفائدة على الجميع.. وقامت جسور الحفاظ على الثروة الغالية وفقا لمبادئ عادلة.. مجردة عن أي نزعة من نزعات الأنانية.

*** 

أما بالنسبة للسودان الشقيق فندعو الله سبحانه وتعالى أن ينتشل شعبه من تداعيات الفيضان .. وها هي مصر قد بادرت بتقديم شتى ألوان الدعم من خلال جسور جوية تعمل ليلا ونهارا.. إيمانا منها بأن مصلحة السودان من مصلحة مصر.. بالضبط مثلما أعلنت مرارا وتكرارا أنها لا تمانع إطلاقا قيام إثيوبيا بتنفيذ خطتها للتنمية التي يجب بدورها ألا تكون سببا لحرمان شعب مصر من حصته الشرعية والقانونية والإلهية من المياه.. 

*** 

في النهاية تبقى كلمة:

أعود لأقول إن الله سبحانه وتعالى يبارك لمصر والمصريين منذ قديم الأزل.. منذ أن كلمالنبي موسى الله من منطقة عزيزة على أرضه.. ومنذ أن جند سبحانه وتعالى رجلا حكيما فاهما وواعيا.. ليقسم ثرواته ما بين سنوات الجدب والجفاف.. وسنوات الخير والنماء.. وهو النبي يوسف عليه السلام.

وها نحن رجالا ونساء صغارا وكبارا نسجد للغني الوهاب شاكرين وحامدين وموقنين أنه لن ينزل بناء سوء طالما أن قلوبنا نقية وأهدافنا نظيفة ومشروعة في نفس الوقت الذي نرسخ فيه يوما بعد يوم قواعد تلاحمنا وتآزرنا وتعاوننا.. بكل الرضا وكل الأماني.. وكل التفاؤل..

*** 

و..و..وشكرا

***