*برافو.. للقرار الذي جاء في وقته وإن تأخر كثيرا
*ماذا تساوي تذكرة القطار أمام تلك التضحيات الغالية..؟
*المعضلة الأكبر.. في الطرف الثالث بالسكك الحديدية..!!
*بثوا الرعب في قلوب الكمسارية.. الذين نقلوه بدورهم إلى الركاب البسطاء..!!
ماذا تساوي تذكرة القطار أو الأتوبيس بالنسبة لمجند شاب ترك أهله وذويه من أجل أن يرابط على خطوط النار في سيناء أو سيدي براني.. أو حلايب أو شلاتين.. أو..أو..؟!
ثم..ثم.. هذا المجند ألا يمكن أن يكون العائل الأساسي لأسرته وبالتالي يتأثر دخلها البسيط تأثرا بالغا عند طلبه لأداء الواجب المقدس..؟!
من هنا.. فقد ارتاح الرأي العام في مصر بالقرارات التي تسمح للمجندين بركوب القطارات دون تذكرة تلافيا لمثل تلك المطاردة السخيفة التي قام بها كمساري ورئيس قطار المنصورة والتي فجرت قضية إنسانية مؤثرة كشفت عن ثغرات وأوجه نقص كان لابد من مواجهتها..!
***
الآن.. فليطمئن المجندون على أنفسهم وعلى أسرهم وهم يتحركون من قراهم أو مدنهم البعيدة إلى معسكراتهم التي غالبا ما تقع في مناطق نائية حيث لن يتعرض أي منهم فيما بعد للحرج.. أو لسخافة موظف سكة حديد.. لا يجد من يفرغ فيه أدخنة عقد نقصهسوى هؤلاء الأبناء البررة الذين لم يترددوا في تلبية نداء الوطن رغم ما يحيط بهم.. أو ببعضهم.. أو بغالبيتهم.. من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.
***
على الجانب المقابل.. أرجو أن تمتد نفس القرارات لتشمل شركات أوتوبيسات النقل العامسواء التي تربط المحافظات ببعضها البعض أو التي يتم تسييرها في العاصمة القاهرة.. أو الإسكندرية.. أو طنطا أو بني سويف..وغيرها وغيرها..
وهنا لابد أن يكون معروفا مسبقا.. أن عدد الذين يستخدمون القطاراتبالنسبة لمجموع المجندين لا يمثل سوى النذر اليسير..!
***
الأهم.. والأهم.. أننا نسينا الطرف الثالث في هذه المعضلة المتمثل في الكمساري ورئيس القطار والضحية –أي ضحية- وأعني به كل من درب أو شارك في تدريب هؤلاء الموظفين على أساليب معاملة الركاب وكيف أنهم ينبغي أن يتحلوا بالكياسة وبالذوق.. وبالأخلاق الحميدة.!
***
الواضح من خلال وقائع حادثة الشابين اللذين أجبرا يوما على القفز من القطار.. وواقعة الشاب المجند أن الكمسارية ورؤساء القطارات يتعرضون لنوع من الترهيب والتخويف يجعلهم ينفذون تعليمات "الكبار" في الهيئة بالصرامة.. والقسوة.. خشية ألا يقعوا هم أنفسهم تحت طائلة العقاب الذي تشهر سلاحه هيئة السكك الحديدية سواء ضد موظفيها أو ركابها الذين شاء حظهم العاثر ألا يستخرجوا التذاكر من الشبابيك المخصصة لذلك في المحطات.. وبالتالي يستقلون القطارات بدونها.. ليضعوا رقابهم تحت مقاصل أناس تجردوا من المشاعر..أو تسيرهم تعليمات جامدة.. وضعها موظفون درجة عاشرة أشد جمودا.. وأكثر انغلاقا..!
***
في النهاية تبقى كلمة:
التجربة التي مر بها المجند الشاب "زكي" إيجابياتها أكثر من سلبياتها.. فهي أولا وأخيرا.. تبعث شعاعات ضوء أكدت على السمات الأساسية التي تتميز بها الشخصية المصرية.. والتي أهمها.. عزة النفس.. الكرامة.. الأصالة.. المشاركة الوجدانية بين أفراد المجتمع وبعضهم البعض.. ليس هذا فحسب.. بل أثبتت أن هذا المجند وأقرانه ممنينضوون تحت لواء العسكرية المصرية مثار تقدير وإعزاز من كبار القادة والجنرالات وعلى رأسهم وزير الدفاع الذي استقبل زكي دون وساطات وبلا أي حواجز.
***
.. وسوف يجيء يوم يتباهى فيه "زكي" بأنه كان أحد الأسباب الأساسية لإعادة هذا المجتمع إلى ثوابته الأصلية.. وذلك في حد ذاته غاية سامية طالما سعينا لتحقيقها.
***
حقا.. مصر تتغير حيث يقام على أرضها يوما بعد يوم أحلى وأغلى صروح الحضارة.. والتقدم والتنمية فضلا عن أرقى المعاني وأنبل القيم. و..و.. دماثة الخلق.. وهذا يكفينا.
***
و..و..وشكرا
***