*أبدا.. ليس مصادفة أن يأتي البيان "25 " يوم عيد الأعياد الخامس
*الفلول الأخيرة من الإرهابيين يتساقطون وسط التحام جماهيري شاسع المدى
*المال.. عصب الحياة.. المهم حسن الاستثمار
*108مليارات للتعليم كفيلة بتحقيق الهدف المنشود.. أم هل من مزيد..؟
*وبعد الـ98 مليارا للصحة.. أرجوكم توفير العلاج والدواء بلا عناء
*وهل العبرة بإنشاء آلاف الشركات.. أم لابد من دوران العجلة وبث النشاط ..؟
*الوزيرة الشابة ابنة زميلة المهنة التي أحسنت التربية .. هل تغير من صورة البيئة..؟
*ما أشبه اليوم بالبارحة.. آيات الله أسقطوا شاه إيران من باريس..والآن مظاهرات الغضب والعنف تشتعل ضد الملالي من نفس العاصمة
*المعارضة المسلحة ترحل عن جنوب سوريا بعد مفاوضات مع الروس وليس مع النظام
مع مرور خمس سنوات على الثورة الشعبية العارمة ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية من حقنا.. أن نزهو أمام العالمين بأننا حققنا من الإنجازات ما لم يقدر عليه بشر.
يكفينا .. أننا أزحنا عن كاهلنا أناسا فاقدي الضمير .. متاجرين بالمبادئ حاولوا تنصيب أنفسهم خلفاء الله في الأرض بينما هم ليسوا إلا مجموعة من الفئات الضالة الباغية.
وعندما تحرك هذا الشعب يوم 30 يونيو عام 2013 بالملايين .. إنما كان يتطلع إلى استرداد أمنه المفقود .. ورسم ملامح مستقبل جديد قوامه الحب والإخاء والإيثار والتعاطف الوجداني عكس ما كان يتمناه المرشد وأعوانه ومعهما تنظيم دولي خرب الذمة وأنظمة طالما تمنت أن تكسر شوكة مصر والمصريين.
***
من هنا .. ليس مصادفة أبدا.. أن يأتي البيان رقم 25 الذي أذاعته القوات المسلحة حول العملية الشاملة سيناء 2018 متزامنا مع الاحتفال بعيد الأعياد .. وأعني به يوم 3 يوليو .. حيث وقف المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والمتحدث العام للقوات المسلحة ليعلن اندحار حكم الإخوان وترسيخ القواعد لإنشاء حكم مدني يمارس فيه كل بني الوطن حياتهم في حرية وديمقراطية..تظلهم سيادة القانون التي لا تفرق بين إنسان وإنسان ويعلون سويا كلمة الحق أينما يكونون .. وهم مطمئنون إلى أن حاضرهم ومستقبلهم .. باتا عصيين على عبث أو تدخل من جانب حاقد أو موتور أو فاقد بصر أو بصيرة سواء في الداخل أو الخارج.
لقد أوضح البيان 25 أن الفلول الأخيرة من الإرهابيين يتساقطون بعد أن فقدوا الدعم الخارجي.. وبعد أن انتفضت سيناء العزيزة لتتطهر من جرائمهم النكراء .. وتفتح طاقات من نور لشعبها الذي أمضى أبناؤه سنوات عديدة من حياتهم يعانون الخوف والفزع وغياب الاستقرار .
لقد تضمن البيان ضمن ما تضمن القضاء على 3 تكفيريين بما يشير إلى أن هؤلاء التكفيريين قد باتوا في طريقهم ليصبحوا في خبر كان..!
أين هم الآن من سنوات أو شهور مضت عندما كانوا يطلقون على أنفسهم أسماء كريهة زائفة مثل أنصار بيت المقدس .. أو ولاية سيناء.. وتارة يقولون إنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة.. وتارة أخرى يتفاخرون بانضمامهم إلى داعش..بعد أن انتشروا كعصابات مسلحة في رفح والشيخ زويد والعريش والذين كانت تقدر أعدادهم ما بين 1000و2000 عنصر أجنبي ومصري..!
إنها ولا شك شجاعة وجرأة وجسارة أبناء جيش مصر الذين عقدوا العزم على اجتثاث جذور شرهم اجتثاثا .. فكان الله سبحانه وتعالى معهم .. وسيظل يصونهم ويحميهم حتى يوم الدين.
ومع ذلك فقد تم تدمير 285 ملجأ ووكرا ومخزنا وضبط كميات من الذخائر ومواد متفجرة ولفافات هيروين ..وأقراص مخدرة .. باختصار شديد .. فليخسأ داعمو الإرهاب سواء في قطر أو تركيا أو حتى في أمريكا.. بعد أن قدمت مصر للعالم أروع ألوان التضحية والفداء!!
***
على الجانب المقابل ..فإننا في غمرة احتفالاتنا نحدد ونرقب ونتابع ما يجري من إصلاحات في قطاعات شتى لعل أولها .. قطاعا التعليم والصحة .
لقد تضمنت الموازنة الجديدة التي توصف حتى الآن بأنها أكبر موازنة في تاريخ مصر تخصيص 108 مليارات للتعليم..!
وهنا لابد من وقفة..!
هل هذا المبلغ يكفي لإحداث التطوير المأمول..أم نعود لنقول .. هل من مزيد..؟؟
بصراحة.. ما دمنا قد عهدنا إلى الوزير الحالي.. والذي استمر في موقعه في التغيير الحكومي الأخير..إحداث ما كنا نبغيه ونتمناه وأطلقنا يده الكاملة في تنفيذ تصوراته وأفكاره .. فالحكم بيننا وبينه النتائج.. أي نحن نريد أن نجد نظاما تعليميا يساير أحدث النظم العالمية.. وتفتح برامجه الآفاق أمام الأجيال الجديدة.. لتنمية ملكات ومواهب أبنائها وبناتها .. ولعل ما حدث في آخر امتحانات الثانوية العامة .. كافٍ للإسراع في تنفيذ المشروعات المأمولة..!
إننا نتطلع ولا شك أن يفرخ لنا النظام الجديد للتعليم قبل الجامعي حرفيين مهرة نعتمد عليهم في عمليات البناء والتنمية التي تشمل مجالات عديدة ومتنوعة .
إن هؤلاء الحرفيين المهرة يسهمون-ولا شك- في دعم الاقتصاد القومي لأن الفاقد من أعمالهم يقل كثيرا عما يتسبب فيه هؤلاء العشوائيون الذين يدعون إجادة "المهنة"-أي مهنة- بينما هم في واقع الأمر عاجزون .. متخلفون.
تصوروا..لو أننا وصلنا فقط إلى ذلك الهدف .. نكون قد حققنا إنجازا ملموسا ..!
وفي جميع الأحوال فإن تجربة المدارس اليابانية على وشك أن تدخل حيز التنفيذ وكم نتمنى أن تكون أولى بدايات النقلة النوعية التي إذا أشع منها بصيص من ضوء فسوف يعم النور فيما بعد مجالات كثيرة.
***
نفس الحال بالنسبة للصحة التي حددت لها الموازنة الجديدة مبلغ 98،7 مليار جنيه وهو أيضا أكبر رقم يخصص لذلك القطاع الحيوي على مدى سنوات وسنوات .. الأمر الذي يجب أن يغلق الأبواب أمام سوء الرعاية الطبية سواء من حيث العلاج ونوعيته والدواء ووسائل تدبيره.
بصراحة أكثر.. إن هذا المبلغ الكبير الذي وفرته الدولة يجب أن يقف حائلا دون أي تقصير سواء بقصد أو بدون قصد ..أي لابد أن ينتهي زمن انتظار المرضى أمام أبواب المستشفيات بحثا عن أسرّة .. كما يجب تطوير غرف العناية المركزة والقضاء نهائيا على ظاهرة "كامل العدد" التي تسببت ومازالت في وفاة الكثير من المواطنين..!
الأهم والأهم أيضا إصلاح ما يسمى بالعلاج على نفقة الدولة بحيث يستفيد منه محدودو الدخل والفقراء .. لا الأغنياء.. وأصحاب السلطة والنفوذ..!
***
ثم.. ثم.. نأتي إلى الاستثمارات الأجنبية والمحلية والإقليمية التي نعلق عليها آمالا كبارا في توفير فرص العمل لتنشيط الاقتصاد ورفع نسبة النمو وتراجع معدلات التضخم..و..و..
ولقد أعلنت الوزيرة النشطة سحر نصر منذ أيام أنه تم تأسيس 18 ألف شركة جديدة باستثمارات 46 مليار جنيه خلال عام واحد .
وأحسب أن هذا التصريح سبقه تصريحات عديدة أدلت بها الوزيرة حول إنشاء شركات مماثلة.
وفي إطار حسن النوايا دعوني أسأل:
هل العبرة بعدد الشركات .. أم بدوران العجلة وبث النشاط ؟؟
المفروض أن كل شركة تعمل.. وتنتج.. وتصدر للخارج .. لا أن يقتصر الأمر على مجرد الإعلان عن التأسيس فحسب..
لذا .. لزم التنويه وإن كنت متفائلا بأنه في ظل الحكومة الجديدة ستكون الإنجازات أسرع وأكثر فعالية.
وبمناسبة الحكومة الجديدة.. فإني أذكر أنه في نهاية عام 1998 جاءتني الزميلة ناهد المنشاوي التي ضمني وإياها بلاط هذه الصحيفة "الجمهورية" منذ بداية الستينيات ..!
أقول جاءتني ناهد وبصحبتها فتاة بدت رقيقة جميلة الملامح .. عرفت أنها ابنتها لتطلب تدريبها في جريدة الاجبشيان جازيت التي تصدر عن مؤسسة دار التحرير على اعتبار أنها تخرجت في نفس العام من قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب..!
بالفعل انضمت "ياسمين" إلى أسرة تحرير الجازيت لكن سرعان ما عرفت من أمها أنها لم تستمر طويلا.. وفضلت الانسحاب..!
بعد ذلك آثرت الابنة الشابة تغيير مسار حياتها فالتحقت بوزارة البيئة في نفس الوقت الذي حصلت فيه على دبلوم ترجمة فورية .. ثم ماجستير في اللغة الإنجليزية ..بعدها دكتوراه من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
واضح أن ناهد المنشاوي أحسنت تربية ياسمين التي انتقل والدها إلى رحمة الله تعالى بينما لم تكمل الاثنى عشر عاما.. فعكفت الأم على توفير وسائل الرعاية والعناية حتى جاءت ياسمين مؤخرا وزيرة للبيئة..!
على الجانب الشخصي أنا سعدت بياسمين التي لو كانت قد استمرت في الصحافة تأسيا بوالدتها ..ما فازت بهذا المنصب الرفيع..!
الآن ياسمين مطالبة .. بتحسين صورة البيئة في مصر شكلا.. وموضوعا.. فنحن نتمنى مناخا بلا تلوث..وسماء بلا سحابة سوداء.. مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الوزارة كانت منذ إنشائها حتى الآن موضع تبديل وتغيير كل من يتولى شئونها على مدى فترات زمنية قصيرة.. فهل تنجح ابنة زميلة المهنة في ترسيخ وجودها .. واستمرارها بحكم ما تولد لديها من إصرار وتحد ورغبة صادقة في تأكيد الذات..؟
***
والآن .. دعونا ننتقل إلى العالم الخارجي..
حقا.. الدنيا دوارة ..وما أشبه اليوم بالبارحة .. فمنذ نهايات عام 1978 والمظاهرات العارمة تشتعل ضد شاه إيران داخليا وخارجيا.. وهي المظاهرات التي دبرها رجال الدين بزعامة آية الله الخميني.. والتي اضطر على إثرها الشاه للتخلي عن حكمه ومغادرة طهران في 16 يناير عام 1979 .
للأسف .. مارس آيات الله .. حكما استبداديا غير مسبوق.. حيث توالت أحكام الإعدام على الفتيات الصغيرات والشيوخ والرجال.. وأجبروا الأطفال على ارتداء الأحزمة الناسفة تحت زعم أن الجنة في انتظارهم.. فضلا عن نشر الإرهاب ودعمه في مناطق شتى من العالم..!
الآن.. المظاهرات تعم معظم المدن الإيرانية .. وسيناريو 1979 يتكرر من خلال زعيمة المعارضة مريم رجوي التي التف حولها الآلاف في المؤتمر الذي عقدته مؤخرا في العاصمة الفرنسية باريس وتؤكد مريم أن تغيير النظام أصبح قاب قوسين أو أدنى..
على الجانب المقابل.. فقد أصدرت أمريكا تحذيرات إلى كافة دول العالم بالامتناع عن استيراد النفط من إيران.. بحيث يصل حجم مبيعاتها في نوفمبر القادم إلى "صفر" .. وبذلك يتوقف تلقائيا تدخلها في سوريا ودعمها لحزب الله اللبناني.. وللحوثيين المتطرفين في اليمن..!
***
أخيرا.. ترحل المعارضة المسلحة عن جنوب سوريا بعد مفاوضات صعبة.. وبعد تهديدات بالإبادة تبنتها روسيا التي أدارت هذه المفاوضات وليس النظام الحاكم ..
وبصرف النظر عن المنتصر .. وعن المهزوم .. فهل النصر –عندئذ يكون له نفس المذاق- وهل الهزيمة أيضا .. يمكن أن يتخذ منها دروس مستفادة..؟!
ذلك هو بيت القصيد..
***
اسمحوا لي أن أقدم لكم هذه الأبيات من شعر الراحل كامل الشناوي:
على باب مصر تدق الأكف ويعلو الضجيج
جبال تدور.. رياح تثور.. بحار تهيج
وتصغى وتصغى..فتسمع بين الضجيج
سؤالا وأي سؤال
وتسمع همهمة كالجواب وتسمع همهمة كالسؤال
أين ومن.. وكيف وإذن
أمعجزة مالها من أنبياء
أو درة أرض بغير فضاء
تلمح بين الجموع وجوها
يرف عليها حنان الإله
ففيها المفكر والعبقري
وفيها التقاة وفيها الهواة
فموسى تشق عصاه الزحام
وذلك عيسى عليه السلام
وهذا محمد خير الأنام
أمعجزة ماله من أنبياء
فأين تحقق ما كان وهما
ومن ذا الذي يا ترى حققه
وصاح من الشعب صوت طليق
قوي أبي عريق عميق
يقول أنا الشعب لا شيء قد أعجزه
وكل الذي قاله أنجزه
أنا الشعب شعب ذرى والقمم
زرعت النخيل.. صنعت الهرم
رفعت المآذن فوق القباب
بنيت المداخن تعلو السحاب
أنا الشعب لا أعرف المستحيلا
ولا أرتضي بالخلود بديلا
***
وأعتذر عن عدم كتابة "مواجهات" هذا الأسبوع فقد أخذ هذا المقال حيزا كبيرا من الفكر والجهد .. و..والمساحة.