سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان "مصر تتغير..عفوا.. بل تتطور.. ولا عودة أبدا للوراء "

بتاريخ: 12 يوليه 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*تقرير سياسي عن أحداث الساعة

*مصر تتغير..عفوا.. بل تتطور.. ولا عودة أبدا للوراء

*الأمن يلف الجميع.. والانفلات تواجهه أسلحة الحسم.. والبتر

*أول ضربة نجاح لوزير الداخلية الجديد.. تعكس مؤشرات عديدة وليست مجرد واقعة فردية

*تدخل الرئيس في إصلاح الصحة يطمئننا على حياتنا بعد سنوات من العذاب

*مؤتمر العقل المصري.. دليل على أن الفكر أصبح غير الفكر

*انظروا أين نحن وكيف يتحكم العنف والإرهاب في مصائر غيرنا؟

*زعيم حزب الله يقف متحديا .. ويعلن انضمامه لصفوف الحوثيين

*الأخ أردوغان الذي أصبح وفقا للدستور "التفصيل"  إمبراطورا عثمانيا جديدا.. يفصل.. ويطرد.. ويعتقل.. "واللي عاجبه"..!

*ذهب الأنبا تواضروس إلى روما .. فدوت صيحة الحق!

ليس هناك أحد يلمس سعة دائرة النقلة النوعية التي تعيشها مصر.. سوى المصريين أنفسهم .. فهم الذين سبق أن عانوا من ظلام حالك تصور صانعوه أنهم قادرون على تبديد الأحلام التي كانت قد بدأت تداعب العقول.. وعلى بعثرة الآمال رغم أن خيوطها قد أخذت تتشابك وتتصل بعد أن أصابها التمزق .. وبعد أن أصبحت "العقد" التي تسبب فيها البعض عصية على الحل..!

وغني عن البيان .. أن هذا" الحال الجديد" لا يروق الذين خططوا للشر.. ودبروا المكائد.. وحاكوا المؤامرات للحيلولة دون تحرك هذا الوطن خطوة واحدة إلى الأمام..!

لكن يشاء العلي القدير.. أن الخيبة تطاردهم أينما جاءوا وأينما ذهبوا .. وسوء المصير يحل بهم في حركاتهم وسكناتهم..!

لقد عقد هذا الشعب خلال الخمس سنوات الماضية العزم على أن يتغير .. عفوا.. وحتى نكون أكثر تحديدا في اختيار عباراتنا وكلماتنا .. أقول إننا قد قررنا عن رضا وطيب خاطر تطوير أنفسنا بأنفسنا من أجل تحقيق الانطلاقة إلى الأفاق الأرحب والأوسع .

من هنا.. فإن أية محاولات رخيصة لضرب أي صرح من صروح الأمن محكوم عليها بالفشل منذ البداية..!

الأكثر.. والأكثر أن مثل تلك المحاولات ستواجه بأنجع أسلحة الحسم والبتر..!

أقول ذلك بمناسبة واقعة خطف الطفل الصغير .. والتي أرادت قوى الشر إياها أن تتخذ منها مضغة"غير" سائغة وطبعا لن يتحقق لها ما تمنته أو ما تصورت أنه يمكن أن يكون ثغرة تصيب الجسد المتين المزود بكافة مقومات الإيمان واليقين التي تدعمها شجاعة الرجال.. وأحدث تقنيات العصر من علم وأجهزة وعدة وتكنولوجيا..!

من هنا.. لابد أن يكون واضحا للقاصي والداني أن الانفلات الأمني الذي أشاعته في المناخ العام جماعة الإخوان الإرهابية يستحيل ..يستحيل.. أن يطل علينا برأسه ثانية تحت وطأة أي ظرف من الظروف.. وإذا ما اعتبرنا واقعة خطف الطفل حادثة فردية .. فإن جهاز الأمن عاد ليؤكد كفاءة وقدرة رجاله من جديد .. بل إن هذه الضربة الأمنية تعد أول مؤشرات نجاح وزير الداخلية الجديد الذي يشهد له الجميع.. بالتميز والتفوق.!

***

أيضا.. من أهم دلالات هذا التطور.. ما ينتظره قطاع الصحة من إصلاح جذري وفاعل أطلق شرارته بنفسه وإصراره رئيس الدولة.. عبد الفتاح السيسي.

نعم.. نحن نعترف بأن مشكلة العلاج والدواء تؤرقنا على مدى سنوات طويلة مضت.. فالمستشفيات العامة حالها لا يسر.. وغرف العناية المركزة تلفظ في قسوة كل من يأتي إليها مستنجدا يتشبث ببقية من حياة .. أما المستشفيات الخاصة أو ما يطلق عليها "الاستثمارية" فقد استغلت كافة العورات والثغرات.. ليحقق أصحابها أرباحا تفوق الخيال بعد أن غضوا البصر عامدين متعمدين عن مهمتهم الأساسية التي تستهدف أولا وأخيرا صحة وإنسانية الإنسان..!

أما بالنسبة للدواء.. فحدث ولا حرج.. فبصرف النظر عن ارتفاع أسعاره.. فإن نوعيات كثيرة منه اختفت اختفاء مبرما.. رغم الوعود والعهود بتوفرها دون جدوى ..!

لذا نحن واثقون بعد توجهات الرئيس بأن الإصلاح الصحي سوف يأخذ حقه خلال المرحلة القصيرة القادمة .. هذا الحق الذي ينعكس تلقائيا على الناس جميعا بغير استثناء ودون تفرقة..

 نحن متفائلون .. بأن المستشفيات العامة ستكون بالفعل ملاذا للمرضى من أصحاب الدخل المحدود.. والطبقات الفقيرة .. في نفس الوقت الذي ستخضع فيه المستشفيات الاستثمارية .. لمعايير "الانضباط" .. وقواعد الحق والعدل بما يقضي على المغالاة .. وينهي ظاهرة الاتجار بصحة البشر .

لقد أكد الرئيس على ضرورة إصلاح العوار في نظام العلاج والدواء لأن كل مواطن مصري لابد أن يشعر بالأمان على صحته وصحة أبنائه من خلال خدمة طبية متميزة.

وأحسب أن وزيرة الصحة الجديدة والأجهزة التابعة لها .. وعلى رأسها هيئة التأمين الصحي وقطاعات الرقابة والمتابعة وشركات الأدوية.. كلهم جميعا مطالبون بتنفيذ تعليمات الرئيس التي سوف يتابعها بنفسه أولا بأول.. فهذا ما عهدناه فيه..!

***

في نفس الوقت.. دعونا نتوقف قليلا أمام مؤتمر يعد الأول من نوعه في مصر وهو مؤتمر تطوير العقل المصري الذي تنظمه جامعة القاهرة. بكل المقاييس .. العنوان يثير الاهتمام.. والقضية في حد ذاتها تستحق التأمل فها هي" عقولنا" قد أصبحت أخيرا.. تحت المجهر لكي نستخلص منها عصارة الفكر.. ونستنبط من خلالها وسائل تنمية الملكات والمواهب..

تلك كلها أمور لم يسبق أن شغلت بالنا .. وإلا ما كان قد أصابنا ما أصابنا من انهيار تعليمي.. "وأمية" صارخة تلصق بسمعتنا إلى يوم الدين إذا لم نسارع بمواجهتها.. بهذا العقل المتطور .. وتلك الإرادة الصلبة التي ينبغي ألا نتخلى عنها أبدا.

***

على الجانب المقابل من حقنا على أنفسنا .. أن نعقد بين كل آونة وأخرى مقارنات بيننا وبين غيرنا لنزداد إدراكا بأن هذا الاستقرار وذلك الأمان ..  يعدان بمثابة كنوز هائلة وهبنا الله سبحانه وتعالى إياها بينما توجد شعوب أخرى .. سواء قريبة منا أو بعيدة يعاني أناسها من دماء تسيل ليل نهار.. وانفجارات تدوي.. وبيوت تتهدم فوق رؤوس قاطنيها.. ولاجئون لا يجدون مأوى .. ولا ملاذا لاسيما بعد أن بدأ العالم بشرقه وغربه يتخلى عنهم ويعتبرهم كائنات لا تستحق الحياة..!

الأدهى والأمر.. أن طغاة الإرهاب أصبحوا يتنافسون فيما بينهم حول من يزيد النار اشتعالا .. ومن يقطع الرؤوس قبل غيره من الضالين الباغين المتاجرين بالأرواح..!

انظروا إلى حسن نصر الله أمين عام ما يسمى بحزب الله .. وهو يقف في خيلاء ودون حياء ليقول شرف لي أن أكون بين صفوف الحوثيين .. وأحارب تحت لواء زعيمهم "عبد الملك".. ثم سرعان ما يضيف.. ولولا ظروف قاهرة.. لكنت بينهم الآن..!!

يعني.. مجرد تصريحات عنترية.. لكنها للأسف تحض على الإرهاب وتشجع الإرهابيين على الاستمرار في طريق الغي والبهتان.

 ولقد أعلن أمس المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن.. أن التحالف يملك أدلة تؤكد تورط حزب الله في تزويد الميليشيات الحوثية بمنظومة اتصالات عسكرية متكاملة..!

 إذن ماذا تريدون أكثر من ذلك..؟!

وهل كان يمكن أن يجري ما يجري لو أن جيش اليمن لم يتفكك ويتمزق.. ولو أن الشعب لم يتفرق إلى جماعات وشيع متناحرة ..؟!

والدليل.. أن حسن نصر الله هذا .. لا يجرؤ على الحديث عن شعب يحمي جيشه القوي إرادته.. وإرادة أبنائه الذين يقفون متلاحمين.. متكاتفين.. يشكلون حائط صد منيعا ضد كل من تسول له نفسه مجرد الاقتراب..!

***

 وإذا كان الشيء بالشيء يذكر .. فإن تركيا التي حولت أراضيها إلى بؤر للإرهاب وأنشأت معسكرات لتدريب المخططين والمنفذين .. وقفت خاضعة ذليلة أمام جبروت واستبداد رئيسها رجب طيب أردوغان .. الذي صنع من نفسه .. إمبراطورا عثمانيا جديدا..!

لقد قام هذا الإمبراطور بتغيير الدستور لكي يكرس كل السلطات في يديه.. وألغى منصب رئيس الوزراء وأقام حفلا أسطوريا بمناسبة إعادة تنصيبه حيث وزع بطاقات دعوة.. مطلاة بماء الذهب وما إن انتهى الحفل حتى أصدر قراراته بفصل 18 ألف موظف حكومي .. واعتقل المئات من ضباط الجيش .. وهدد بسجن معارضيه .. أو بالأحرى كل من يفكر ويرفع صوته ضد الزعيم الأوحد..!

ورحم الله صدام حسين الذي انتهى به الحال إلى"حبل" في مشنقة..!

***

ولأن شعب مصر.. ومعه قائده قد أخذا على عاتقيهما الذود عن القيم والمبادئ في كل زمان ومكان .. والقضاء على الطائفية قضاء مبرما.. فقد جاء تمثيل البابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية لهذا الشعب في القمة الأرثوذكسية- الكاثوليكية التي عقدت في روما.. شاهدا على هذا التطوير"المشهود" الذي نعيشه .

لقد ذهب البابا تواضروس للقمة.. ليدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني .. وعن "القدس " .. وعن حل الدولتين فكانت النتيجة أن أعلن بابا الفاتيكان الذي يمثل مسيحيي العالم.. أن القدس هي مدينة فريدة من نوعها تجمع بين أصحاب الأديان الثلاثة.. وإذا ما سيطر عليها فريق واحد .. فإن طبول الحرب تقرع..!

وهكذا.. تكون الرسالة قد وصلت إلى الرئيس الأمريكي ترامب الذي سبق أن اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل..!

يا سادة.. في النهاية لا يصح إلا الصحيح .. والشعب -أي شعب- .. إذا أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.. فما بالنا بشعب  أبي عزيز قوي اسمه شعب مصر..؟!

و..و..والسلام عليكم.

***

أخيرا اخترت لك هذه الأبيات من شعر حسان بن ثابت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:

أغر عليه للنبوة خاتم

من الله مشهود يلوح ويشهد

وضم الإله اسم النبي إلى اسمه

إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه لنجلّه

فذو العرش محمود.. وهذا محمد