*هل هو مجتمع المتناقضات.. أم أنه أسير سلوكيات قديمة متوارثة..؟!
*نعم.. الأسعار ترتفع.. فلماذا يلقى الطعام في سلال القمامة؟
*الوقود زاد ثمنه.. بينما أزمة المرور تتعقد بسبب السيارات التي تضيق بها الشارع ليلا ونهارا!!
*الأب يشكو من مصروف الأولاد .. والكافيتريات ليس بها موضع لقدم
*الأطباء والمهندسون يعانون البطالة.. والتسابق على كليات القمة لا يتوقف..!
*عندما تحدد جامعة خاصة 65 ألف جنيه "مصروفات" .. فهي تعلم مسبقا .. أن الإقبال عليها سيزيد ولا يقل!
*رجاء لوزير النقل.. كفى تصريحات وردية.. نحن معك ننتظر النتائج..!
*والسعودية تنفذ الحج الإلكتروني عام 2030 فماذا عن الحصيرة الكهربائية التي تطوف الكعبة..؟!
صدقوني.. لن تحل مشاكلنا إلا بالمصارحة والمكاشفة بيننا وبين بعضنا البعض .. وليس بيننا وبين الحكومة فقط..!
المعروف منذ قديم الأزل .. أن المصريين .. شعب "شكاء" بمعنى أن الجميع يشكو من كل شيء وأي شيء .. حتى ولو لم يكن هناك ما يستحق التوقف أمامه ولو لحظة واحدة..!
تصوروا حتى الآن مازالت صناديق النذور بأضرحة أولياء الله الصالحين تتلقى مئات المظالم التي يتصور أصحابها وبينهم للأسف مثقفون وخريجو جامعات أن صاحب المقام لديه القدرة على التوفيق بين رأسين "في الحلال" وعلى تمكين الطالب والطالبة من الحصول على درجات عالية في الامتحان .. وعلى حصول الموظف على ترقية طال انتظارها ..و.. و..!
يحدث ذلك بينما الدولة تبذل قصارى جهدها للنهوض بالبحث العلمي وتطوير التعليم.. والإعداد لغزو الفضاء قريبا.. وقريبا جدا..!
من هنا.. بات لدينا ما يسمى بمجتمع المتناقضات .. أي وجود" الوضع" وعكسه في آنٍ واحد ..
علماء الاجتماع يعللون ذلك.. بأن العادات والسلوكيات القديمة المتوارثة تظل متشبثة بتلابيب الناس على مدى سنوات طويلة من الزمان رغم الطفرات الهائلة التي تتحقق في مجالات شتى..!
ولعل من صور تلك المتناقضات .. أننا نعاني من ارتفاع الأسعار.. هذه حقيقة لا خلاف عليها.. لكن على الجانب المقابل كيف نبرر لأنفسنا إلقاء الطعام في سلال القمامة بما يدل على أننا نلتهم ما يكفينا وأكثر..؟!
سوف يخرج علينا من يقول إن إلقاء الطعام قاصر على فئة بعينها بينما باقي الفئات يعاني أصحابها من الجوع والفاقة..!
هذا ليس صحيحا.. وإلا ما امتدت الظاهرة إلى الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية..!
***
في نفس الوقت .. ها نحن نتابع على مواقع التواصل الاجتماعي قفشات صارخة وتعليقات مستفزة حول زيادة أسعار الوقود وهي الزيادة التي يتطلبها برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي اتفقنا على ضرورة تنفيذه بعد أن أصابنا ما أصابنا على مدى عقود.. وعقود..!
لكن السؤال:
كيف يبرر هؤلاء الشكاؤون.. المعترضون في كل وقت وحين وجود هذا الكم الهائل من السيارات التي تمتلئ بها الشوارع في الحضر والريف سواء بسواء..!
يا أخي.. يا من تشكو زيادة سعر البنزين .. وفر على نفسك .. واركن سيارتك .. واستخدم المواصلات العامة..!
واللا إيه..؟!
***
الأغرب.. والأغرب .. أن الآباء منذ أن تطلع عليهم الشمس كل يوم والحيرة تطاردهم حول تدبير مصروف الأبناء اليومي.. ثم لا تكاد تمر سوى ساعات قليلة حتى ترى الكافيتريات وقد امتلأت بنفس هؤلاء الأبناء ومعهم أصدقاؤهم وصديقاتهم!!
من أين جاءوا .. وكيف دبروا النقود..؟!
إنه ولا شك مجتمع المتناقضات..!
***
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد أعلنت نتيجة الثانوية العامة.. وكالعادة كل سنة الجميع يتطلعون إلى كليات القمة علما بأن بعضا من غيامات البطالة قد طالت خريجي كليات الطب والهندسة خصوصا في ظل تدني المرتبات التي لا تتواءم مع الجهد المبذول طوال سنوات الدراسة العديدة بما تشمله من فترات النيابة .. والامتياز.. أو التدريب العملي ..!
مرة أخرى نلجأ إلى علماء النفس الذين يرون أن المجتمع بحكم عادات أفراده المتوارثة ينساق تلقائيا إلى مواضع بعينها دونما اعتراف بعنصر الزمن .. وتجاهلا لمفهوم التغيير بأي صورة من الصور..!
ثم ..ثم.. وبالمناسبة..
كيف تأتي إحدى الجامعات الخاصة لتحدد رسوم الالتحاق بكلية الطب بـ 65 ألف جنيه.. قطعا هي لم تقدم على ذلك إلا لأنها تعلم جيدا بحكم التجارب السابقة أن الإقبال عليها سيزيد ولن يقل.. كما تدرك أيضا أن هؤلاء الذين "يدفعون" .. هم أول من يلطمون الخدود في حركات تمثيلية مكشوفة..!
***
على الجانب المقابل.. لابد أن نضع في اعتبارنا أن الوعود البراقة .. والتصريحات الوردية .. من شأنها الإسهام في دعم مجتمع المتناقضات الأمر الذي لا نريده.
لذا .. رجاء .. رجاء.. الكف عن مثل تلك التصريحات.
وليسمح لي وزير النقل بالذات.. أن أتوجه إليه بالنداء:
إن ترديد حكاية .. القطارات المجرية.. والعربات السريعة..و..و.. لم تعد تشد اهتمام الجماهير الذين يريدون أن يروا أمامهم النتائج الواقعية.. والذين ليس لديهم مانع من انتظارها مع الوزير وإن كانوا يتعجبون من خروج قطار المترو عن القضبان بحجة خطأ في التحويلة..!
تحويلة ماذا.. بينما الوزير يتحدث عن التكنولوجيا .. والتقنيات الحديثة والمعدات التي لم يسبق أن رأتها عين أو سمعت عنها أذن..!
***
ودعوني أعبر بكم ومعكم الحدود .. ونتأمل سويا التصريحات التي صدرت بالأمس عن المملكة السعودية حول تطبيق ما أسمته بالحج الإلكتروني .. والقصد منه –كما يقولون- استخدام البطاقات الذكية في تسجيل أسماء الراغبين في الحج.. ثم مرافقتهم من خلال سماعات إلكترونية أيضا أثناء تأديتهم المناسك..!
وكم نتمنى أن يشمل التطوير الجديد .. ما سبق أن طالبت به .. وأصر عليه .. وهو إنشاء حصيرة إلكترونية يقف فوقها الحجاج والمعتمرون ليطوفوا حول الكعبة.. بما يقضي على التزاحم والتشابك.!
***
في النهاية تبقى كلمة:
لقد استقرت كافة العلوم الحديثة على أن بناء الإنسان أساس الحاضر والمستقبل.. ونحن نحمد الله .. أن الجهود مركزة حاليا على هذا الإنسان الذي نراهن عليه الكثير والكثير.
(مواجهات)
*البسمة الصافية .. تعبير عن الحب الرائق النقي .. المجرد عن الهوى.. والعكس صحيح بطبيعة الحال.
***
*من منّ الله عليه بفضله.. وجعله يَسأل ولا يُسأل فسوف تمضي حياته في بهجة وسرور واطمئنان يثبت خلالها الخيط الأبيض تفوقه وتميزه على عدوه" الأسود اللدود".!
***
*المفروض في ظل مناخ التفاؤل الذي نعيشه ألا يتعرض أحد فينا لظلم.. بل واجب المجتمع كله وعلى رأسه الحكومة رفع تبعات هذا الظلم بشتى السبل والوسائل..!
ومع ذلك فهناك فئة من خيرة الناس تجأر أصواتهم بالشكوى .. وما من مجيب..!
لقد تخرج هؤلاء الأبناء الأعزاء في كليات التربية قسم عمارة .. ويا ليتهم ما تخرجوا..!
في البداية توجهوا بحكم تخصصهم لوزارة التربية والتعليم لتعيينهم مدرسين فإذا بها تقابلهم بكل جفاء معلنة إلغاءها نظام التكليف منذ عام 1998 وليس أمامهم سوى الحدائق والمتنزهات عسى أن يجدوا فيها نصيبا من هواء يستنشقونه.
هنا ارتدوا على أعقابهم خائبين منكسرين..!
وبديهي أن يتقدموا لنقابة المهندسين لقيدهم أعضاء بها بحكم البكالوريوس الذي يحملونه إلا أنها اشترطت عليهم شروطا تعجيزية وغريبة .. إذ طالبتهم بالالتحاق بالسنة الأولى بكلية الهندسة للحصول على شهادة معادلة وهذا ما يستلزم منهم التفرغ الكامل وسداد مبلغ 16 ألف جنيه سنويا..!
يا ناس حرام عليكم..!
***
*من كلمات ماركوس شيشرون الذي كان يطلق عليه أبرع خطباء روما:
لست آسفا.. إلا لأنني لا أملك سوى حياة واحدة أضحي بها في سبيل الوطن.
***
و..و..وشكرا