مقال سمير رجب "غدا مساء جديد"بجريدة المساء

بتاريخ: 07 فبراير 2021
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*أحداث شهر فبراير التي لا ينساها المصريون*محاصرة القصر الملكي يوم 4 عام 1942من أهم أسباب طرد المستعمر على أيدي ثوار يوليو

*الوحدة بين مصر وسوريا يوم 22عام 1958ومشاهد عاطفية لا تتفق مع الواقع

ليست السنوات هي السنوات.. ولا الشهور مثل الشهور.. وبالتالي ليست الأيام هي نفسالأيام.. فالله سبحانه وتعالى خلق الكون ليس على وتيرة واحدة.. بلتتعدد الكائنات وتتباين الظواهر ويتنافس البشر كل في مجاله.. كل ذلك من أجل استمرار الحياة..

وشهر فبراير الذي جاوزناأسبوعا من بدايته له في شريط ذاكرة المصريين اهتمام وآثار وأحداث.. قد تكون معروفة لدى البعض ومجهولة تماما بالنسبة للبعض الآخر.. لاسيما من الأجيال الجديدة التي لم تعاصر هذه الأحداث..!

*** 

في يوم 4 فبراير عام 1942 حدث في قلب القاهرة ما لم يتوقعه المصريون الذين فوجئوا بمحاصرة دبابات الجيش البريطاني المستعمر قصر عابدين حيث اقتحم السفير البريطاني ومعه قائد القوات العسكرية الغازية مكتب الملك فاروق وبيدهما وثيقة طالباالملك بالتوقيع عليها وإلا.

كانت بنود الوثيقة غريبة.. ولم تخطر ببال الملك نفسه فهي تنص على إقرار تنازله عن العرش إذا لم يتم تكليف مصطفى النحاس باشا بتشكيل الحكومة بمفرده  وكل ذلك يتم قبل الساعة السادسة مساء..!

للأسف خضع الملك فاروق لإمرة بريطانيا بناء على نصيحة أحمد حسنين باشا رئيس الديوان ووقع الوثيقة..!

*** 

هنا يحسب لثورة يوليو 1952 أنها وضعت ضمن أهدافها طرد المستعمر البريطاني وقد نجحت الثورة في ذلك وإلا لظلت إرادة مصر والمصريين مكبلة خاضعة لنفوذ أجنبي أبد الدهر..!

نعم.. لقد راوغ الإنجليز وأخذوا يضعون العراقيل ويتفننون في إيجاد الصعاب لكنهم في النهاية أدركوا أنه ما من سبيل أمامهم سوى الرحيل..!

*** 

أما الواقعة الثانية التي شهدها شهر فبراير فكانت في الثاني والعشرين منه عام 1958 عندما أعلنت الوحدة بين مصر وسوريا وهي التي سعد بها جمال عبد الناصر أبلغ سعادة بينما كان السوريون يضمرون في أنفسهم أمرا..!

ما لم تذكره سجلات التاريخ.. أن شكري القوتلي رئيس سوريا في ذلك الوقت والذي تنازل عن منصبه لجمال عبد الناصر همس في أذنه قبل التوقيع على التنازل مباشرة قائلا: لقد ورثتتركة ثقيلة.. أعانك الله على تحمل أعبائها..!

وفي نشوة النصر لم يعبأ عبد الناصر بما قاله شكري القوتليلاسيما بعد أن حملته الجماهير داخل سيارته ولفوا بهما أرجاء دمشق.. إذ لم يتخيل عبد الناصر أن هذه الجماهير نفسها هي التي يمكن أن تنقلبعليه.. وعلى الوحدة رافضة حتى مجرد اسم بلدهم الجديد.. وهو الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة.

لقد انتهز مجموعة من الضباط السوريين فرصة وجود عبد الحكيم عامرالرجل الثاني في مصرفي زيارة لإقليمهم ودبروا انقلابا فوجئ به عامر نفسه عندما استمع إلى الإذاعة السورية وهي تذيع بيانات الانفصال ثم يجيء من يقتحمون مقر إقامته.. واقتياده بالقوة إلى المطار حيث كانت في انتظاره طائرة حربيةتوجهت به إلى القاهرة..!

*** 

هبط عبد الحكيم عامر مطار القاهرة وقد بدت على ملامحه علامات الحزن والأسى بل وربما الخوف أيضا..!

منذ ذلك اليوم بدأت تتمزق عرى الصداقة والأخوة بين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر حيث جرت اتهامات متبادلة بين الصديقين الحميمين.. كل منهما يلقي بالتبعة على الآخر.. ورغم ذلك استمرت العلاقة المشوبة بظلال الشك.. والريبة وسوء النوايا حتى حدثت الهزيمة الساحقة والموجعة في يونيو عام 1967.

*** 

الآن.. دعونا نخلص من هذين الحدثين اللذين وقعا في شهر واحد مع اختلاف السنين بعدة حقائق أساسية:

أولا: امتلاك مصر جيش قوي مزود بأحدث الأسلحة والمعدات وخيرة الرجال.

ولعل ذلك ما تضعه القيادة السياسية الآن نصب عينيها.. بل تعمل دوما على تطوير وتحديثهذا الجيش ليحتل مكانة متقدمة بين جيوش العالم.

ثانيا: تحرير الإرادة المصرية من أية شوائب.. ليبقى المصريون دائما وأبدا هم أصحاب القرار ولا يجرؤ أحد على التدخل في شئونهم الداخلية والخارجية.. وأيضا هذا الهدف الغالي هو ما تذود عنه القيادة السياسية الحالية بكل ما أوتيت من قوة.

ثالثا: أمور الدولة العليا.. يجب أن تكون بعيدة عن أية نزعات ذاتية أو علاقات شخصية.. بل المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

رابعا: الاستفادة من تجارب الماضي تجنبا للوقوع في أخطاء كانت في يوم من الأيام سببا في دفع ثمن باهظ.. تحمله ولا شك المصريون بمختلف فئاتهم.. 

خامسا: ترسيخ قواعد الأمن والأمان في شتى ربوع الوطن.. وتوفير حياة كريمة لكل مصري ومصرية تعميقا لمعاني الانتماء أكثر وأكثر.

*** 

و..و..وشكرا

***