*هل يُصلح عيد الحب ما أفسده كورونا..؟
*باقة ورد بعد خمسين عاما ماذا تساوي..؟
*دعونا نتعهد من اليوم.. بإعادة ترميم جسور الأسرة وإشاعة أرقى المعاني بين جنباتها..
*الصغيرة جودي.. وشعار ترفعه: من آخذ منهما.. أعطيهما.. وليس العكس
أخذ الناس في شتى بقاع الأرض يشكون –ومازالوا- من الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا وما تفرضه تلك الإجراءات من قيود.. أولها بعد الإنسان عن صاحبه أو حبيبه أو أبيه.. أو أمه بمسافة محددة.. ووضع الكمامات وتطهير الأيادي بصفة مستمرة..!
وبالرغم من أن هناك اقتناعا لدى الجماهير بضرورة تطبيق الإجراءات الاحترازية.. إلا أن المشاكل الأسرية زادت معدلاتها الطبيعية.. بل وارتفعت نسبة الطلاق.. وافتقرت البيوت إلى العلاقات الإنسانية الدافئة.. وبالتالي فإن السؤال الذي يتردد على كل الألسن ليلا نهارا:
إلى متى يستمر الحال على ما هو عليه.. ثم أليس هناك من وسائل فاعلة.. للتخفيف من التداعيات السلبية للإجراءات الاحترازية..؟!
***
أمس فاجأتني زوجتي بباقة ورد "أحمر"فتحت عينيّ في الصباح على أريجه العطر ومظهره الخلاب..
بصراحة لم أكن أتوقع ذلك لاسيما وأن الارتباط بيني وبينها كادت مدته تقترب من نصف قرن..!
ويبدو أنها قد لمحت آثار الدهشة على تضاريس وجهي فسألتني:
هل تعرف ما هي المناسبة التي أهديك بسببها باقة الورود..؟
ثم سرعان ما أردفت:
اليوم عيد الحب.
بصراحة تغيرت الكيمياء بداخلي.. وأحسست أن الحياة ما دامت فيها قلوب تنبض وعيون ترقب وترى.. تصبح الاستمرارية واردة.. بل قائمة بقوة تاركة العنان لسفينة المودة والاشتياق لتأخذ طريقها وسط أمواج البحر حتى تصل في أمان وسلام إلى مرافئ العشرة الطيبة.. والأمل والتفاؤل.
***
المهم.. سرعان ما شغلتنا هموم الحياة ليمضي اليوم سراعا ولولا مبادرتي بدعوة زوجتي على العشاء لتاهت رائحة الورود في زحام الحياة وكأننا نعود إلى مربع صفر.. أي إلى بداية تحتاج نفس المدة لكي تتحرك من جديد بنفس الإيجابية والنوايا المخلصة الصادقة.
***
ثم..ثم.. تجيء مفاجأة من نوع آخر.. صنعتها هذه المرة حفيدتي الصغيرة "جودي" التي لا يتجاوز عمرها العشر سنوات.. والتي اتصلت بي تليفونيا لتبلغني بأنها اختارت هدية لأمها وأخرى لأبيها وسوف تقدمهما لهما اليوم.
سألت جودي العزيزة:
*ولماذا اليوم..؟
ردت عليّ وقد بدت علامات الدهشة واضحة على وجهها عبر جهاز المحمول:
* ألا تعرف أن اليوم هو يوم الحب وأنا عرفانا مني بما يبذله الوالدان من جهد تجاهي وتجاه شقيقتي وشقيقي فلابد أن أقدم لهما رمزا يلتفان حوله.. رمزا قوامه البهجة.. والبسمة والخير الوفير بإذن الله..
أعجبتني كلمات الصغيرة التي تعكس ولا شك أحلى المعاني وأنقى مواقف المحبة والتلاقي المجرد من أي هوى أو غرض .. مما دعاني إلى أن أوجه لها بدوري سؤالا بسؤال:
ومن الذي دفع ثمن الهدية؟
جاء ردها حاسما وقاطعا تتخلله علامات الدهشة والاستغراب:
*من مصروفي طبعا.. هل معقول أن آخذ منهما ثم لا أعطيهما..؟!
***
إذن خلاصة القول إن الإنسان –أي إنسان- ذكرا كان أو أنثى.. عجوزا أو شابا أو صبيا بل حتى طفلا في استطاعته التحرر من لباس الروتينية وتغيير لون النظرة إلى الأشياء من الأسود للأبيض.. لو وضع في اعتباره أن كل ما يحوطه الآن من قيود.. أو شروط أو تعليمات صارمة كلها تصب في بوتقة مصلحته أولا وأخيرا..!
عزيزي الرجل الذي تقوم في الصباح.. وقد اكتسى وجهك بخطوط الغضب والبؤس والشقاء:
أرجو أن تضع في مخيلتك لو أن هذا الفيروس اللعين قد تمكن منك.. أو من أحد أفراد أسرتك ماذا يكون الحال عندئذ..؟
بكل المقاييس ما نشهده أمامنا وما نتابعه من أحداث يوما بعد يوم.. كلها كفيلة بأن تعيدك إلى صوابك وسلوكك الحميم ما يجعل يوم الخلاص من كورونا قريبا وقريبا جدا..؟
.. وأنتِ عزيزتي المرأة .. المنزل هو مملكتك الصغيرة كما تكررين دوما .. في أحاديثك وحواراتك .. فكيف إذن تعملين على هدم جدران هذه المملكة بسبب ذرائع واهية تسبب فيها كما تقولين الجلوس وجها لوجه.. مع شخص أصبح لا يطيق حتى سماع صوتك أو صوت أحد من أبنائه أو بناته..
إذا افترضنا وكان ذلك كذلك.. فالمسئولية تقع عليك في إعادة ترميم الجسور.. وتثبيت خيوط المودة والاحترام حتى لو وصل بك الأمر إلى بناء قصور من الرمال تشدين بها انتباه زوجك لكي تشعلي فيه جذوة الحماس حتى يكون أكثر تقاربا.. غير خاضع لسطوة الفيروس أي فيروس..
أما هؤلاء الأطفال فهم جنة الله في أرضه.. إنهم لآلئ من نور.. إذا لم نحافظ عليهم وننشئهم التنشئة السليمة .. سلوكا وحديثا ورقة.. وعذوبة .. فمتى نفعل ذلك إذن..؟
***
والآن.. بعد هذا السرد الإنساني الذي اشتمل على أحداث شخصية وقضايا عامة .. أقول لك:happy valentines day
***
و..و..وشكرا