*إيران.. وأمريكا.. وأبلغ تشبيه بظاهرة.. المد والجزر!
*واشنطن.. كانت أعز الحلفاء للشاه ثم سرعان ما انقلبت عليه..وطردته من جنة الحماية المزعومة
*تهديدات ترامب لم تسفر عن شيء .. أيضا بايدن لن يفعل شيئا
بداية اسمحوا لي أن أقدم شرحا مبسطا حول تعريف عبارة المد والجزر.. ولماذا استخدمتها جزءا من عنوان هذا المقال..
يقول علماء البحار.. ومعهم أساتذة الطبيعة.. إن المد يعني ارتفاع منسوب مياه البحر ليغطي جزءا كبيرا من سطح الأرض.. وذلك عكس الحركة التي تمثل انحسار مياه البحر تاركة الأرض وهي شبه جافة بمساحات كبيرة والتي أطلق عليها الجزر..!
***
والعلاقات بين أمريكا والولايات المتحدة.. منذ نشأتها وهي تعطي أبلغ مثل للفعل ورد الفعل بين المد والجزر..فأمريكا هي التي سبق أن أعادت الشاه محمد رضا بهلوي إلى عرشه وجاهه وسلطانه وصولجانه عقب الانقلاب الذي قام به ضده رئيس وزرائه محمد مصدق والذي انتهى به المقام إلى السجن..
وبديهي أن يحفظ الشاه الجميل للأمريكان فعمل لهم كل ما يخطر لهم على بال أو لم يخطر.. من تسهيلات عسكرية واتفاقيات حماية لرعاياهم ورعايا أصدقائهم مهما ارتكبوا من أخطاء أو حتى جرائم ومهما خرقوا من قوانين.
ليس هذا فحسب بل أسهمت أمريكا في تكوين جهاز المخابرات السرية أسوة بالـC.I.E اسموه "سافاك" الذي كاد يقتصر نشاطه على ترسيخ قواعد حكم الشاه بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
***
لكن شهر العسل أو شهور العسل كان لابد لها من نهاية حيث اضطرت أمريكا إلى الوقوف بجانب زعماء الدين الإيرانيين الذين أعلنوا التمرد ضد حكم الشاه وتم تنظيم استقبال حاشد لهم أثناء وصولهم من فرنسا ليتولوا حكم البلاد اعتبارا من يوم 11 فبراير 1979.
وليس كل ما يشتهيه الأمريكان وأصحاب العباءة السوداء قد حصلوا عليه.. إذ سرعان ما تعارضت المصالح.. ووجدت واشنطن أنها غرست بمحض إرادتها "شوكة" في منطقة الخليج التي تبسط عليها نفوذها.. لاسيما بعد أن رفع الحكام الجدد.. شعار تصدير الثورة الإسلامية حتى وقع الزلزال الأشهر في 11 سبتمبر عام 2001 وتم تدمير برجي التجارة العملاقين في نيويورك فضلا عن ضرب مبنى البنتاجون ذاته في واشنطن بالطائرات المدنية المفخخة..!
وقتئذ وقف الرئيس جورج دبليو بوش ليخير المجتمع الدولي ما بين صداقة أمريكا.. أو عدائه لها.. واشترط كذلك الاشتراك في حربها ضد الإرهاب.. أو وقوفها في صفوف المتفرجين..!
ورغم أن الإيرانيين أبدوا ما اعتبروه نوايا حسنة وذلك بالسماح بشحن القمح من خلال موانيهم إلى مناطق الحرب في أفغانستان.. إلا أن أمريكا أصرت على اعتبارا طهران قوة من قوى الشر في العالم.. شأنها شأن كوريا الشمالية.. والعراق.. وحركة طالبان في أفغانستان..!
***
وهكذا كان لابد للعلاقات.. أن تتوتر لاسيما في ظل تصعيد نبرات التهديد والوعيد من جانب الطرفين.. إلى أن تولى باراك أوباما السلطة في أمريكا.. ليميع المواقف فتارة يهاجم إيران هجوما عنيفا.. وتارة أخرى يعلن ترحيبه بالمفاوضات مع حكامها في سبيل الوصول إلى صيغة ملائمة بشأن سياستها النووية.. وانتهى الحال بالفعل إلى توقيع اتفاق بين إيران ومجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بما عرف باتفاق 5+1 والذي قام على أساس تقليص البرنامج النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضدها .
***
من هنا.. اطمأن الإيرانيون إلى حد ما حتى جاء دونالد ترامب رئيسا لأمريكا والذي اشتهر بعدائه للإيرانيين وبالتالي ألغى الاتفاق السابق.. لتشتعل معارك الحرب الباردة بين الطرفين..!
***
ثم.. ما بين المد والجزر.. والعكس.. سرعان ما استهل الرئيس الجديد جو بايدن حكمه بإلغاء أو تجميد قرار "ترامب".. بشرط أن تقوم إيران بتنفيذ التزاماتها بالكامل وأبلغت واشنطن بالفعل مجلس الأمن بذلك..!
لكن كالعادة.. رفضت إيران هذا الشرط بل اشترطت هي من ناحيتها رفع العقوبات أولا وقبل أن تعلن موافقتها على تنفيذ أي بند من بنود الاتفاق..!
***
في النهاية يثور سؤال مهم:
هل ستشهد مرحلة جو بايدن بالفعل تحسن العلاقات مع إيران.. وهل سيوقف الطرفان حملاتهما التهديدية المتبادلة مثلما كان الحال أيام دونالد ترامب..؟
أنا شخصيا أرى أن ثمة تغييرا يمكن أن يحدث رغم الخلاف الصارخ بين ترامب وبايدن.. فلا أمريكا لديها الاستعداد لخوض حرب.. شاملة أو محدودة.. ولا إيران تقدر على تنفيذ تهديداتها.. بهزيمة الأمريكان من أول جولة.. والدليل.. ما حدث في محافظة أربيل الكردية بالعراق.. التي أطلقت عليها صواريخ استهدفت قاعدة أمريكية فأصيب العشرات..و..وحتى الآن.. لم يتحرك جندي أمريكي واحد.. ليأخذ بالثأر كما يروجون دائما..!
***
و..و..وشكرا
***