مقال سمير رجب "غدا مساء جديد"بجريدة المساء

بتاريخ: 17 مارس 2021
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*الإصلاح الاقتصادي هل تختلف نتائجه من مجتمع لآخر..؟!

*ذهبت مرة إلى رومانيا.. فوجدت الناس تئن وتتوجع من ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة..!

*وفي مصر.. صبرنا واجتهدنا وها هي أنهار الخير تتدفق

*أحلى ثمار.. زيادة المرتبات والمعاشات بهذه النسبة غير المسبوقة..

هل برامج الإصلاح الاقتصادي التي تطبقفي دول شتى من العالم.. كلها تأتي بنتائج متشابهة.. إيجابية كانت أو سلبية.. أم أن العبرة أولا وأخيرا بنوعية الحكم في كل مجتمع من المجتمعات وأيضا طباع الناس وعاداتهم وتقاليدهم ومدى استعدادهم لتحمل تداعيات الإصلاح.. طبعا.. لا يوجد "كتالوج" موحد يطبق بحذافيره هنا.. وهناك.. بل حتى برنامج الإصلاح في البلد الواحد يخضع للتغيير والتعديل والحذف والإضافة وفقا للظروف وتطورات الأحوال.

*** 

مرة ذهبت لزيارة رومانيا عندما كانت ترزح تحت نير الحكم الشيوعي.. البلد بصفة عامة تضم مظاهر طبيعية خلابة من جبال وبحيرات وسهول ووديان لكن المشكلة أن معظم الناس يجدون صعوبة في الحصول على احتياجاتهم الأساسية بينما توجد فئات مميزة أو ذات حظوة خاصة يتوفر لها كل ما لذ وطاب من وارداتالشرق والغرب وبأرخص الأسعار..!

من هنا.. فقدت العملة الوطنية "ليو" قيمتها وبالتالي سيطرت السوق السوداء على معظم أو كل النشاطات الاقتصادية.. بحيث أصبح للدولار أكثر من سعر.. 

ففي داخل البنوك يساوي خمسة أو ستة "ليو" بينما على الأرصفة في الشوارع يصل إلى ستين أو سبعين.

من هنا.. كان للسياح الذين تستقبلهم البلاد أهمية كبيرة.. واحترام أكبر حيث يتسابق إليهمالباعة وغير الباعة ليحصلوا منهم على الورقة الخضراء التي يسيل من أجلها لعاب الرومانيين جميعا..!

*** 

المهم.. أذكر أنني بقيت في رومانيا حوالي سبعة أيام عانيت خلالها من متناقضات عديدة وغريبةفي كل شئون الحياة من أول سداد فاتورة الفندق.. وحتى سيارة التاكسي مرورا بمترو الأنفاق الذي كانوا يعتبرونه في ذلك الوقت بمثابة معجزة حققها الحكم الشيوعي..!

*** 

ثم.. شاء قدر رومانيا شأنها شأن غيرها من دول شرق أوروبا.. أن تتحرر من الشيوعية وتبدأ في تطبيق سياسة الحرية الاقتصادية لتنقلب الأوضاع رأسا على عقب..!

حدث هذا عام 1989 ومرة أخرى ذهبت إلى رومانيا في عام 1993 لأجد العاصمة بوخارست وقد خلعت ثياب التقشف والحرمان لترتدي أفخر ما أنتجته المصانع الأوروبية.. والأمريكية.. وتلتهب الأسعار بصورة خيالية ووقف الدولار عند حده بعد اختفاء السوق السوداء التي كان يلهو فيها ويلعب نتيجة تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي وضعته رومانيا لكي يكون ضامنا لها عند انضمامها للاتحاد الأوروبي .

وهكذا تبينت بالتجربة الواقعية أن برامج الإصلاح تختلف من دولة إلى أخرى.. ففي الوقت الذي كان فيه الرومانيون يشكون مر الشكوى من ارتفاع الأسعار ومن زيادة نسبة البطالة ومن مضاعفة المصروفات المدرسية.. نجد بلدا مثل مصر اتفق أبناؤه على أن يتحملوا تبعات الإصلاح وأن يصبروا.. وأن يكدوا.. وأن يجتهدوا وهم موقنون بأن الخير آتٍ..آتٍ.

بالفعل ها هي أنهار الخير تتدفق علينا.. والتي بدت في مواجهتنا لفيروس كورونا.. وكيف نجحنا في محاصرته محاصرة محكمة عكس آخرين كثيرين.. وأيضا في انخفاض معدلات التضخم.. بحيث توفرت السلع بأسعار متهاودة.. و..و..

وأمس نحصد المزيد من الثمار اليانعة المتمثلة في زيادة المرتبات والمعاشات زيادة غير مسبوقة ليس هذا فحسب بل تعهدات صارمة من الحكومة بعدم زيادة الأسعار مقابل هذه الزيادات.

*** 

في النهاية تبقى كلمة:

الآن.. يجيء الواقع ليدحض ادعاءات المكذبين الضالين الذين أرادوا يوما استغلال الإصلاحالاقتصادي لإثارة وتهييج أفراد المجتمع فإذا بصروح التنمية ترتفع والأرض تجود بأفضل ما عندها..ومازال الأمل يتجدد مع بزوغ كل فجر جديد.

*** 

و..و..وشكرا

***