*قراءة.. في زوايا وأبعاد 3 أحداث جسيمة
*كل الدنيا تتسابق لتقديم العون لانتشال الباخرة الجانحة.. لماذا؟!
*لأننا لا نتوانى أبدا عن تنظيم الجسور الجوية التي تحمل كافة أنواع المساعدات لأي شعب تعرض لكارثة.. ومع ذلك.. نحن قادرون على تطهير القناة!
*بصراحة أي مبررات لحادث قطاري سوهاج.. غير مقنعة!
*وعمارة جسر السويس.. لن تكون الأخيرة إلا إذا عرف صاحبها وكل موظفي الحي أن الله حق!!
لم تتوان مصر أبدا عن تقديم العون لأي بلد في العالم يتعرض لكارثة طبيعية.. أو غير طبيعية.. مفاجئة أو متوقعة.. حيث تنطلق طائراتنا على الفور محملة بالأدوات الطبية.. وبالأغذية وبالملابس.. وبكافة وسائل الإسعاف.. لتشكل جسرا جويا .. لا يتوقف إلا بعد أن نكون نحن هنا.. قد اطمأننا إلى أن الأوضاع في هذه الدولة أو تلك قد أخذت تهدأ وبدأ الناس يلتقطون أنفاسهم بعد أن أصابهم ما أصابهم..!
***
من هنا لم يكن غريبا.. أن تنهال علينا عروض المساعدات من الشرق والغرب.. وكأن مثلنا الشعبي الذي يقول "من قدم السبت.. وجد الأحد أمامه".. قد أصبح حقيقة واقعة.. بينما نحن نستشعر في أعماقنا.. أن هذه العلاقات السوية التي نقيمها مع شتى دول العالم تؤتي ثمارا إيجابية حيث تقرب المسافات بيننا وبينهم.. وتحول دون وقوع نزاعات أو خلافات.. اللهم إلا إذا حدث ما يمكن أن يضر بمصالحنا ومصالح مواطنينا .
***
في نفس الوقت.. فإن نفس هؤلاء الذين يعرضون علينا المعاونة موقنون بأن لدينا –والحمد لله- من الكفاءات والإمكانيات ما يمكننا من تعويم السفينة الجانحة وأحسب أن ذلك يمكن أن يتحقق خلال الساعات القادمة.
لكن يكفينا نحن المصريين.. أننا لم نملأ الدنيا صياحا لنوزع الاتهامات هنا.. وهناك.. متحسرين على الخسائر التي لحقت بنا وهي خسائر جسيمة بكل المقاييس..!
بل نحن نتصرف كدولة كبيرة لديها معرفة تامة بالقانون الدولي وما يقرره في هذا الصدد في نفس الوقت نرفض استباق النتائج.. أو الجري وراء مروجي الشائعات إياهم الذين انتهزوا الفرصة لينشروا أكاذيبهم وادعاءاتهم المغرضة والتي لم تشغل بال أحد على أي مستوى من أي بقعة في العالم.
ثم.. ثم أقول.. فعلا رب ضارة نافعة.. فكم من محاولات متعددة أراد أصحابها المضللون التقليل من أهمية قناة السويس وسوء مجاريها المائية.. فإذا بهذا الحادث يعيد التأكيد على أن قناة السويس لا تقبل المنافسة.. ليس لها بديل أو مثيل.. وحتى إذا فرض وكان هناك بديل.. فإنه باهظ التكاليف .. مسافاته طويلة وطويلة جدا.. مما يؤدي إلى الإضرار بالبضائع بل حتى بالبشر أنفسهم.
أكثر وأكثر.. فها هي شهادة جديدة لنا تؤكد نجاحنا الفائق في إدارة القناة وتشيد بمستوى مرشدينا الذين هم مصريون لحما ودما بعد أن أحبطنا المؤامرة التي قادتها كل من فرنسا وبريطانيا لسحب المرشدين الأجانب عام 1956 بعد إعلان جمال عبد الناصر تأميم القناة توهما.. أن المصريين لن يقدروا على القيام بتلك المهمة.. فإذا بهم يتفوقون ويتميزون.. ويضربون المثل بصلابة إرادتنا وبإصرارنا على إحراز النجاح تحت وطأة أي ظرف من الظروف.
***
و..و..ونأتي إلى حادث قطاري سوهاج.. وبعدها جريمة انهيار عمارة جسر السويس .
بالنسبة لحادث القطارين.. فإني أتصور أن التحقيقات سوف تسفر عن وقائع مثيرة.. وغريبة.. فالأسئلة التي تدق الرءوس بعنف:
*أولا: ما الذي دفع بسائق القطار الأول إلى التوقف فجأة.. واستمراره متوقفا وكأنه يمهد الطريق للقطار الثاني لكي يطيح به وبركابه الغلابة.. والمساكين..؟!
*ثانيا: وكيف يقال إن سائق القطار الأول رفض كل التحذيرات والتنبيهات والبيانات التي يتحتم عليه الاستماع لها لسبب بسيط.. أنها تحذره من وجود قطار متوقف أمامه..؟
إذن كونه لم يعر التفاتا لكل ذلك فهذا ما يثير الريبة والشك لأن سائقي القطارات ومساعديهم يعرفون هذه النظم من قديم الأزل..؟
أما حكاية "بلف الخطر".. وهو اللفظ الذي اخترق آذاننا بعد وقوع الكارثة حيث لم نكن نسمع عنه من قبل.. فإن المبررات التي يسوقونها حول تعطله توقع جميع قيادات السكك الحديدية في دائرة المحظور.. إذ كيف يكون هذا البلف موجودا في كل عربة وفي أماكن ظاهرة للركاب.. ونحن نعرف جميعا أننا أناس تستهويهم.. مثل هذه الأدوات.. فلا نتردد في اللعب بها.. أو تعمد تعطيلها أو المنافسة على كسر الزجاج الذي هو بمثابة إطار صغير بداخله البلف إياه وهم بذلك يذكرونني بالزر النووي الشهير في أمريكا.. والذي رفض الرئيس دونالد ترامب تسليمه لخليفته.. ومع ذلك قالوا له إنه منذ اللحظة التي غادر فيها البيت الأبيض قاموا بإبطال تشغيل الزر.. يعني أصبح كأنه قطعة حجر..!
هذا في أمريكا.. لكن نحن هنا.. نترك البلف لعبث الكبار والصغار.
***
أخيرا.. كلاكيت عشرين أو ثلاثين أو..أو.. وأقصد عمارة جسر السويس التي انهارت لتلقي بسكانها في آتون النار..؟!
هذه –يا سادة- ليست أول مرة.. ولا ثاني مرة.. ولا ثالث مرة..ولا .. ولا.. بل بين كل يوم وآخر تسقط عمارة هنا.. وأخرى هناك.. وفي كل مرة يتبين أن فساد المحليات وراء تلك الكوارث المفجعة..
وهذه المرة.. الفساد واضح.. ومتأصل.. حيث إن مالك العمارة أقام جهارا نهارا أدوارا فوق أساسات مهترئة بينما الحي إما غائب.. أو متواطئ.. أو بتعبير أوضح.. "مرتشٍ"!
ومع ذلك.. فلا تستبعدوا أن تتكرر نفس الحكاية مرات.. ومرات .. طالما أن الجزاء غير رادع..!
صدقوني.. ولو مرة واحدة.. يصدر حكم بات ونهائي ومشدد ضد أصحاب العمارات "الراقصة".. وما أكثرها ومعه رئيس الحي التابع له.. ومهندسوه وموظفوه.. فسوف ينصلح الحال كثيرا.
***
و..و..وشكرا