مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 01 أبريل 2021
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis


*تقرير سياسي عن أحداث الساعة

*"أحلى تعبير".. مصر رئة اقتصاد العالم.. "يا سلام"

*قناة السويس تظل شاهدا على صلابة إرادة المصريين

*أحسن الرئيس السيسي.. أنتم دائما على قدر المسئولية

*كل الصحف الأجنبية بالإجماع: إنهم بحق عباقرة

*هاماتنا ارتفعت أكثر وأكثر بعد نجاحنا في تعويم السفينة

*بصراحة أكثر: لم نكن ندرك أهمية قناة السويس بهذه الدرجة

*السفير الشامسي: هل هو إماراتي.. أم مصري.. أم مزيج من الاثنين؟

*وقفة واجبة: الذين تخصصوا في إطفاء الأنوار.. حسابهم عسير.. عسير!

*مرتكبو جريمة قطاري سوهاج ومروجو الأكاذيب.. تحت الميكروسكوب

*رمضان "الجديد" رفض التعامل مع مسلسلات الجنس والمخدرات.. برافو

*أنا لست أهلاويا ولا زملكاويا.. فلماذا هذا الهجوم..؟!

للعلا أبناء مصر للعلا

وبمصر شرفوا المستقبلا

وفدا لمصرنا الدنيا فلا

نضع الأوطان إلا أولا

جانبي الأيسر قلبه الفؤاد

وبلادي هي لي قلبي اليمين

أنا لم أجد أفضل من هذه الكلمات لكي أستهل هذا التقرير لأنها كلمات معبرة عن الموقف الذي عشناه منذ أيام وقد صاغها الأديب الراحل الشهير مصطفى صادق الرافعي وحولها إلى أبيات شعرية تغنى بها الجميع.. حتى أصبحت النشيد الوطني للبلاد في الفترة من عام 1922 حتى عام 1936.

***

لا جدال أن ما حدث في قناة السويس مؤخرا وكيف أننا أبهرنا العالم بكفاءتنا وقدرتنا وتميزنا مما جعلنا نفكر من جديد.. في مجدنا التليد.. وفي حضارتنا التي توارثناها جيلا بعد جيل على مدى سبعة آلاف سنة من الزمان.

لا أدري على أي أساس انبرى البعض للتشكيك في قدرتنا على تعويم الباخرة البنمية العملاقة بل وصل الحقد بالبعض الآخر إلى اتهام هيئة قناة السويس التي تدير هذا المرفق الهام بأنها وراء خروج الباخرة عن مسارها السليم.

لكن الحمد لله .. سرعان ما ظهرت ألوية الحق.. وسطعت الشمس.. وبزغ القمر.. ليظل اسم مصر يتردد صباحا ومساء ومن عبارات الإشادة أحيانا والإطراء أحيانا أخرى والحسد مرة ثالثة..

المهم.. قفز اسم مصر من جديد على موائد الأحداث في الشرق والغرب ومعه اسم العزيزة قناة السويس التي أدى أبناؤها دورا بطوليا في صمت وبلا ضجة أو ضجيج.. وذلك وفقا لتقاليد الناجحين الذين يتركون النتائج هي التي تتحدث وتبعث الرسائل إلى الناس أجمعين في شتى البقاع والأصقاع.

 وما استوقفني.. وشد انتباهي من كل هذا المعروض.. ما ذكره عالم اقتصادي ألماني شهير قال بالحرف الواحد:

مصر هي رئة اقتصاد العالم.. "يا سلام" إنها عبارة لم تلق جزافا.. بل الرجل يريد أن يقول إن الكائن الحي في أي مكان يحتاج لكي يتنفس تنفسا طبيعيا وبلا مشاكل أو أزمات لابد أن تكون رئتاه في حالة جيدة.. أما إذا إصاب إحداها عرض طارئ.. أو تيبس لفترة طالت أو قصرت بسبب هجوم فيروسي أو ميكروبي لا قدر الله .. فإن عملية التنفس بأكملها لا تجري كما ينبغي.

وهكذا.. اعتبر العالم الألماني قناة السويس بمثابة الرئة التي يتنفس من خلالها الاقتصاد العالمي.. والذي كان يسير بصورة طبيعية على مدى عقود وعقود.

وبالتالي عندما تعرضت القناة لحدث طارئ أدى إلى تعطيل الملاحة بها.. سرعان ما امتدت آثار هذا الحدث إلى مختلف الدول مما أدى على الفور إلى خسائر فادحة في البورصات وإلى موجات من التشاؤم بالنسبة لمعدلات التضخم.. وزيادة نسبة البطالة و..و..

وظل الحال كما هو عليه حتى تم تعويم السفينة وبدأ إبحار السفن المحتجزة فانتعشت الصدور من جديد..!

في نفس الوقت.. فإن قناة السويس التي حظيت بالتقدير والعرفان منذ إنشائها وحتى الآن.. فها هو يجيء عليها يوم جديد ليجعل منها شاهدا على صلابة إرادة المصريين.. وعلى صبرهم.. وعلمهم.. واجتهادهم.. وكل تلك الصور المبهرة تظل محفورة في سجلات التاريخ إلى يوم الدين.

***

على الجانب المقابل فقد استشعر العاملون في هيئة قناة السويس وجميع عمالها وكوادرها المتباينة أنهم قد انتقلوا من مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر إشراقا لاسيما عندما توجه إليهم الرئيس عبد الفتاح السيسي بنفسه مؤكدا لهم أنهم  على أعلى قدر من المسئولية لأنهم بالفعل ركزوا جل همهم على الحفاظ على سمعة مصر.. وتنقيتها من الشوائب واتخاذها أهم السبل التي تقود للمستقبل بإيمان ويقين وعلم وروية وتعاون إنساني يفوق الحدود والتصورات.

أيضا.. قدمت الصحف "المطبوعة" صورة تبدو من خلال ملامحها شعاعات الضياء والنور.. لتكتمل المنظومة التي أحسب أنها لو تكونت بموضوعية وحيادية.. ولا تفكير في الاستعانة برأس المال الخاص.. فستحقق الانطلاقة المتجددة يوما بعد يوم.

بكل المقاييس.. فإن إجماع الصحف الورقية قبل الإلكترونية على وصف المصريين بالعباقرة فإن ذلك يجعلنا نشعر بالزهو والفخار دون تكبر أو غرور.. لأننا تعودنا منذ أن خلقنا الله على التواضع وعلى الإنصات لما يقوله الآخرون دون أن نسفه اقتراحاتهم أو مشاركتهم لنا.

وفي جميع الأحوال يكفينا أن ما حدث في قناة السويس جعلنا نرفع هاماتنا أكثر وأكثر في ظل مناخ من البهجة والمودة إذ قد أدركنا مؤخرا أن هذه القناة قادرة على أن تصنع التاريخ على مستوى الدنيا بأسرها.

***

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد استقبلت القاهرة مؤخرا سفيرا جديدا لدولة الإمارات العربية هو د.حمد سعيد الشامسي.. شاب مثقف أنيق يجيد عدة لغات أجنبية.. يحب "العشرة" كما يقولون.

بعد وصوله مباشرة اتصل بي قائلا: لقد علمت أننا جيران.. أجبته.. نعم.. فبالفعل مقر السفارة والسفير لا يبعد كثيرا عن منزلي في القاهرة الجديدة.

أضاف في عجالة:

إذن نلتقي على مائدة عشاء..

وبالفعل التقينا.. وتحاورنا.. وأدركت كم حجم المودة التي يحملها الرجل في أعماقه تجاه مصر والمصريين..

لقد قال مثلا من ضمن ما قال:

خذ عليَّ عهدا.. أنني إذا لم أزد العلاقات بين البلدين توثقا يبقى بيننا "حق عرب".

ثم.. ما أعجبني فيه أكثر وأكثر.. أنه نشر تغريدة في أعقاب حادث الباخرة البنمية قال فيها:

إن الإنجاز العظيم الذي حققته مصر في إنهاء أزمة السفينة الجانحة يثبت للعالم أجمع كفاءة وقدرة المصريين على التعامل مع هذا الحادث العرضي وإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي.. هنيئا لمصر قيادة وشعبا.

والله لا فض فوك سيادة السفير..

ومن أعماقي أرجو لك إقامة طيبة في مصر وأن تحقق وعدك خلال الشهور القادمة.. وليس بعد سنة أو سنتين.. لأنك قادر على أن تفعل.

***

على الجانب المقابل.. فهناك فئات من البشر لا يريدون لك السعادة بحال من الأحوال.. وكلما أحرزت نجاحا أو كسبت مالا.. أو تقلدت منصبا يقفون بالمرصاد ليفسدوا عليك فرحتك..

نفس هؤلاء الناس هم أيضا الذين يصرون على إطفاء الأنوار كلما حقق البلد الذي هو في أغلب الأحيان بلدهم نصرا.. أو خطا عدة خطوات للأمام.

وها هم عادوا من جحورهم.. ودهاليزهم المظلمة ليقللوا من شأن العمل العظيم الذي قام به المصريون في قناة السويس.

زعموا زورا وبهتانا أن القناة الجديدة هي السبب فيما جرى.. وادعوا أن القناة القديمة تحتاج إلى تطوير وإصلاح.

صدقوني مثل هؤلاء الناس.. نصيحتي لك.. ألا تعيرهم التفاتا.. لكن لابد أن يعرفوا أن زمانهم ولى وانتهى.. وأنهم مجرد "مجموعة أطفال" يسيرهم من هم أكبر منهم وإن كان الاثنان يتساويان في الخيبة وفي الفشل.. بل في "قلة الأدب" أيضا..وهم لم يقصروا هجومهم الدنيء على قناة السويس فقط.. بل أخذوا يفبركون الروايات حول حادث قطاري سوهاج.. ويروجون لحكايات ساذجة مغرضة.. وإن كان هؤلاء لا يختلفون كثيرا عن مرتكبي الجريمة الأصلية جريمة اصطدام القطارين.. فالواضح أن هناك أخطاء فاحشة.. أو إهمالا جسيما.. أو تآمرا دنيئا.. وكل ذلك سوف تكشف عنه تحقيقات النيابة.

كما ينبغي وضع جميع العاملين في قطاعات السكك الحديدية من مديري محطات إلى مديري وكمسارية قطارات إلى عمال السيمافورات إلى نظار المحطات ومعاونيهم.. أقول كل هؤلاء يجب أن يوضعوا تحت الميكروسكوب على الأقل حتى يعرفوا أن عين الرقابة والمتابعة ليست غافلة عنهم.. ربما.. ربما تقل الحوادث الدامية.

***

والآن.. دعونا نختم هذا التقرير بحدثين سريعين واحد عن الفن.. والثاني عن الرياضة.

فيما يتعلق بالفن.. فنحن نحمد الله أن رمضان القادم الذي نعتبره جديدا شكلا وموضوعا رفض التعامل مع مسلسلات المخدرات.. الجنس والقتل والسرقة وما إلى ذلك من عواريات طالما تنافس المنتجون على عرضها خلال الشهر الكريم.

الآن.. تأتينا مسلسلات تاريخية.. ووطنية.. وقومية.. وإن شاء الله سوف تجد قبولا وإقبالا أكثر من سابقاتها.

***

أما بالنسبة للرياضة.. فـأنا طوال حياتي لم أتعصب لنادٍ على حساب نادٍ آخر.. الكل عندي سواء.. الأهلي حبي وقلبي لأن أبنائي وأحفادي شديدو الارتباط به.. والزمالك.. أميل إليه ميلا زائدا لأن زوجتي ارتبطت به منذ سنوات عديدة.

لذا.. عندما أُسأل ما إذا كنت زملكاويا أم أهلاويا؟ أجيب دون تردد:

أنا "بلاستيكاويا"..

عندئذ يسود الصمت..!

***

و..و..وشكرا