مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 17 يوليه 2021
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*هذا الحشد الجماهيري الهائل.. المعنى والدلائل

*مبايعة جديدةللرئيس السيسي لاتخاذ القرارات التي تحمي أمن مصر

*الكلام واضح.. سواء فهم من فهم أو من لميفهم لا يفهم 

*الإضرار بمصالح المواطنين مستحيل.. مستحيل..!

*الآن إثيوبيا أمام اختبار جديد.. فهل تعي المسئولية..؟

*أرحت بالنا.. قبل العيد

*لن نضرب أخماسا في أسداس فالحقيقة واضحة وضوح الشمس

*نريد "عيد أضحى" هادئا.. ومحققا الغرض!

*تصوروا لو تعرض الآن ابن أي ابن لنفس اختبار سيدنا إسماعيلماذا عساه أن يفعل..؟

*السحل في زمن الكورونا.. بلا أسباب حقيقية

*إلى متى المتاجرة بمرضى الإدمان..؟!

نعم تدفقت جماهير المصريين من كل حدب وصوب إلى استاد القاهرة للاحتفال بالمؤتمر القومي الأول لمبادرة حياة كريمة.. وهي مبادرة فريدة من نوعها لأنها تستحق الإشادة والتأمل.. والإمعان كثيرا كثيرا في أبعادها.. وخفاياها وأسرارها..!

أهلنا في الريف الذين نعتز بهم أيما اعتزاز سيتوفر لهم أخيرا كافة وسائل المدنية الحديثة وسوف يودعون الفقر إلى غير رجعة الذي طالما جثم على قلوبهم وقلوب أبنائهم وهم لا يملكون منه فكاكا..

*** 

أما الهدف الأكبر من هذا التجمع البشري  الذي نادرا ما يتكرر فهو إعادة التأكيد على موقف مصر إزاء سد النهضة الإثيوبي  ويبدو أن الرئيس قد حرص على ذلك قبل أيام من حلول عيد الأضحى المبارك ليبث الطمأنينة في قلوب الناس ويزيل منهم مشاعر القلق كما أشار أكثر من مرة. وقد كان الرئيس محدد العبارات والكلمات كالعادة.. شجاعا.. جريئا صادقا.. وبديهي أن تستقبله الجماهير هذا الاستقبال منقطعالنظير.. والذي يمكن القول إنها مبايعة جديدة لكي يتخذ من القرارات ما يرى أنها تحقق مصالح الوطن وتحمي مقدراته.

وبكل المقاييس عندما يستمع الناس إلى الرئيس وهو يقول لهم.. إن مصر إذا أصابها مكروه -لا قدر اللهفهذالن يحدث إلا إذا ذهب هو نفسه وذهب الجيش معه..

طبعا.. لابد وأن تلتهب أيادي الجماهير بالتصفيق لترد عليه بنفس أسلوب القوة والجرأة من خلال حناجر تهدروتصفيق يدوي ليس داخل أركان الاستاد فحسب بليلف الدنيا بأسرها.

.. ومع ذلك كله.. طرح الرئيس على الإثيوبيين العيش في وئام وتعاون معنا ومع الإخوة السودانيين ليفتح أمامهم الباب من جديد.. إما الانصياع إلى لغة العقل ومنهج السلام.. وإما الإصرار على العناد والمكابرة.. ليتحملوا هم أنفسهم دون غيرهم تبعات ما تسفر عنه تصرفاتهم.

*** 

على أي حال.. سوف نبيت جميعا الليلة.. وكل ليلة وسوف نمضي أيام عيد الأضحى ونحن متلاحمو الصفوف متوحدو الكلمة والموقف.. بعد أن نكون نزعنا من أعماقنا.. أي إحساس بالتوتر أو القلق.

وفي النهاية.. نقول للنظام الحاكم في إثيوبيا.. تأكدوا أن الفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة.. أما أنتم فقد أتيحت لكم العديد من الفرص.. آخرها هذا الاجتماع الجماهيري الحاشد في استاد القاهرة وبالتالي يكون أمامكم إعادة تقييممواقفكم حماية لشعبكم مع الأخذ في الاعتبار أن العدوان على حقوق الشعوب إثم.. وإثم كبير.

*** 

وهذا هو عيد الأضحى على الأبواب وهو عيد تتجلى فيه معانٍ عديدة ربما لا تتوفر في غيره من الأعياد.. إذ يكفي وقفة عرفات المهيبة ويكفي تضحية سيدناإسماعيل ابن النبي إبراهيم وخضوعه لإرادة والده حتى ولو كانت هذه الإرادة تأخذ شرعيتها من ذبحه بالسكين..!

مشهد لم يتكرر على مر تاريخ البشرية منذ عهد إبراهيم وإسماعيل وأحسب أنه لن يتكرر مستقبلا..!

من هنا.. كم أتمنى أن نتفق على صياغة علاقة جديدة بيننا وبين بعضنا البعض.. علاقة تتوارى فيها مشاعر الأنانية وحب الذات.. وأحاسيس الكراهية والبغضاء.

*** 

والله والله لو وضع كل منا في اعتباره أن يسلك هذا المسلك لتلاقت أيادينا فورا على وضع الحق والخير والجمال..!

أما أن نصطدم كل يوم بجرائم مفجعة مثل الرجل الذي قتل زوجته.. ثم يواريها التراب داخل غرفة النوم أو العكس..أي تذبح الزوجة رفيق الحياة ثم تخلع أرضية الغرفة وتخفي جثمانه تحت البلاط أو القيشاني أو الباركيه ثم يطاوعها قلبها على أن تكمل باقي الليل في علاقة محرمة مع رجل آخر لابد وأنه سينتهي به الحال إلى نفس المصير.

وما يثير الحسرة والألم أن تخضع العلاقات الأبوية أو الأخوية لنفس هذا النوع من الهوس.. أو الجنون أو الحيوانية التي لم يعرفها الإنسان من قبل..!

ها هي الأم التي تلقي رضيعتها في بلاعة صرف صحي..!

وها هو "الابن" الذي يسحل أمه في الشارع لأنها رفضت إعطاءه نقودا لشراء مخدرات.. والأمثلة عديدة وكثيرة..!

من هنا.. وها هو عيد الأضحى على الأبواب هيا نرفع أكفنا لنتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن ينقي نفوسنا من شهواتها وأن يعيدنا إلى طريق الحق والصواب وأن يذكرنا دوما بأننا لسنا سوى مخلوقات ضعيفة سيجيء عليها يوم لتطويها ملفات النسيان..

*** 

وبالمناسبة اسمحوا لي أن نضع في مخيلتنا هذه الأيام صوت الابن إسماعيل وهو يسلم رقبته لأبيه إبراهيم..!

تُرى.. هل هذا المشهد كان يمكن أن يحدث في أيامنا هذه..؟

بالطبع لا.. وألف لا..!

بل ربما لو سمع الابن هذه الكلمات من أبيه لبادر هو وطرحه أرضا وأنهى حياته..!

باختصار شديد.. نحن نتكلم كثيرا عن الحبوطوال الليل والنهار نتابع آهات ولوعات المحبين.

ومع الأسف معظم هؤلاء لا يعرفون معنى الحب وإلا ما سمحوا لهذه الجرائم أن ترتكب باسمه.. أو اتهامه بأنه السبب..!

*** 

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر.. فإن ما يدور داخل أروقة وغرف ما تسمى بمراكز علاج الإدمان.. يتنافى مع أي عرف.. أو قانون أو أخلاق..!

يا سادة.. هذه المراكز أصبحت سبوبة للارتزاق..ومع ذلك لا يتابع نشاطها اللئيم أحد..!

نعم.. تحدث أحيانا "ضجة" وأخذ ورد وشد وجذب ثم سرعان ما تعود الأمور إلى ما كانت عليه..!

عفوا.. الجميع يعرف أن هذه المراكز هي التي تشجع المدمنين على الإدمان.. وهي التي توفر لهم أجواء الانحراف.. وهي التي تجبرهم على أن يكونوا أسرى لرغبات أصحابها وهي رغبات ليست محمودة.

إذن.. فلنعد ونتمسك بأضواء عيد الأضحى ونطالب بالضرب بأيادٍ من حديد على تلك البيوت الخربة والتي فقد أصحابها كل أردية الحياء..

ونحن في الانتظار..

*** 

           مواجهات

*أرجوكم.. أرجوكم.. لا تذبحوا الخراف أمام بعضها البعض.. لأن من يفعل ذلك يفقد صفة الإنسانية بسبب حيوان ضعيف يائس من الحياة لاسيما وأنه عندما يرى أمه أو أباه أو أخته أو أخاه والدماء تسيل منها أنهارا وأنهارا وسط تهليل وسعادة هذا الإنسان الغريب.. والعجيب..!

*** 

*نصيحة.. مهما كنت معجبا بفلان أو بعلان فلا تحاول تقليده أبدا.. لسبب بسيط أن الظل الذي يلازمك في الظلام ينكشف عند أول بقعة ضوء..!

*** 

*جاءني عثمان وقد بدا محبطا.. مشتت الفكر زائغ البصر ليقول في صوت خفيض:

تصور أخذت عزة توهمني بقرب حلول موعد زفافنا وحددته بثاني أيام عيد الأضحى..!

سألته: وهل تراجعت في كلامها..؟

أجاب: أبدا.. بل اشترطت علي أن أتناول اللقاح نيابة عن والدتها المسنة والتي تعد العدة للسفر للخارج وطبعا هذا شيء مستحيل لأنه تزوير فاضح وإضرار بصحتيشخصيا..!

عاد ليتحدث: أفهمتها كل ذلك.. لكنها لا تريد أن تقتنع.

قلت له: إذن اتركها لحال سبيلها..!

قال: كنت أتمنى لكني في نفس الوقت أنا شديد الإعجاب بها بسبب محبتها لأمها..!

وهذا يكفيني..!

*** 

*كل ذكرى جميلة.. تدور بمخيلتنا فجأة تثير فينا "الوجع".. السؤال:

وماذا عن الذكريات السيئة..؟

ماذا تتركه لنا سوى الكره والبغض.. وعدم الإحساس بالمسئولية..!

إذن الذكرى الجميلة من أهم أرصدة الحياة.. المهم من يعرف ومن يتعلم.

*** 

خيرا نأتي إلى حسن الختام:

اخترت لك هذه الأبيات الشعرية من نظم الشاعرة العراقية نازك الملائكة:

الليل يسأل من أنا

أنا سره القلق العميق الأسود

أنا صمته المتمرد

قنعت كنهي بالسكون

ولففت قلبي بالظنون

وبقيت ساهمة هنا

أرنو وتسألني القرون

أنا من أكون 

والريح تسأل من أنا

أنا روحها الحيران أنكرني الزمان

أنا مثلها في لا مكان

نبقى نمر ولا بقاء

فإذا بلغنا المنحنى

خلناه خاتمة الشقاء

*** 

و..و..وشكرا