مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 11 سبتمبر 2021
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*3 ساعات في قسم "شرطة".. ما هذا الذي يجري..؟!

*نظافة.. انضباط.. حسن معاملة الجمهور!

*قلت للمأمور: الرجل الأنيق يكون أنيقا في كل شيء

*كان رده: تغير العادات رويدا.. رويدا.. يحقق الآمال المنشودة

*سألته: غرفتك هل تسلمتها بهذه الصورة أم أضفت لها من عندك..؟!

*أجاب: إيمان زملائي السابقين بدور الشرطة.. غيَّر المفاهيم 

*آخر لقطة: قلت للعميد هيثم التهامي.. قهوتك"مضبوطة" فأصر على أن يُهديني عبوة كاملة 

*واللواء ناصر محيي الدين: طراز من نفس المعدن النفيس 

*الكويت "الرسمية".. حريصة على دعم العلاقات دوما مع مصر 

*الأمير وولي عهده يقدمان دوما النماذج المضيئة

*أحسن عهد.. وأجمل وعد.. التنمية مستمرة.. والتحديات تزيدنا قوة

اضطررت ذات يوم إلى دخول قسم شرطة ادوارد الخامس القابع في قلب العاصمة البريطانية لندن.. بسبب تعرضي لحادث سرقة بعد ساعات من إقامتي في أشهر وأغلى فنادقها.

طبعا.. كان لابد أن تسيطر على ذهني تلك الصورة الشهيرة لشرطة سكوتلاند يارد وكيف أنهم بارعون في استرداد مالك ومالي وملابسك وملابسى بعد ساعات قليلة من وقوع الواقعة.. لكن ما شهدته بعيني أصابني بالذهول التام:

ضابط صغير برتبة صغيرة وأمامه أو بجواره باشجاويش وجندي.. 

سردت لهم الحكاية في هدوء وبرود أعصاب لكنهم لم يعيروني اهتماما ويبدو أنهم لم يكتفوا بذلك بل علق الباشجاويش: لا تشغل بالك بما تسمعه أو تراه فيما يتعلق باسكوتلاند يارد فالوضع مختلف.. عندئذ.. أدركت أنني أمام جماعة تستهينبمشاكل الناس فوقفت على قدمي بُرهة ثم انصرفت دون أن يحاول واحد من الشرطيين الثلاثة معرفة سبب غضبي أو ماذا أنتوي أن أفعل بعد أن خسرت كل ما لدي فور وصولي عاصمة الضباب والكآبة بساعات قليلة ومن ناحيتي فقد سلمت أمري لله.. دون ندم أو حسرة اقتناعا مني بما يخبئه القدر.

*** 

ومنذ أيام مضت ساقني هذا القدر إلى قسم شرطة مدينة نصر أول بعد أن أبلغوني بأنه قسم يحظى بالمرتبة الأولى بين أقسام شرطة العاصمة المصرية.. 

اسمحوا لي أن أصارحكم القول إن الحال في هذا القسم الشرطي يعد أفضل وأفضل كثيرا مما سبق أن رأيته في لندن أو سمعته على لسان ضباطها وجنودها..!

بداية.. المكان نظيف للغاية.. الأصوات لا تخرج.. إلا همسا.. فلا زعيق ولا صراخ ولا دموع تذرفها الأعين سواء بحق أو بدون حق.. 

الأهم.. والأهم.. أنني لم ألتق داخل القسم بمواطن أو مواطنة.. سائح أو سائحة.. إلا وأبدى لي دهشته مما يصل إلى بلده من أكاذيب وادعاءات.. حول المحبوسين احتياطيا في مصر.. وكيف أنهم يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة.. فالشواهد كلها لا تنم عن ذلك..!

بالعكس.. المحبوسون احتياطيا يتناولون غداءهم أو عشاءهم وفقا لاختيارهم.. حيث لا إجبار على تناول العدس.. أو الكشري مثلما تروج جماعة الإرهاب.

ثم..ثم.. ما شدني أكثر وأكثر أناقة العميد هيثم التهامي مما دفعني إلى سؤاله سؤالا مفاجئا:

هناك مبدأ في علم المنطق يقول.. الرجل الأنيق يكون أنيقا في صباحه ومسائه وفي غدوه ورواحه.. لأن الأناقة تجلب أناقة بالضبط مثلما الاحترام يولد احتراما.

ابتسم العميد هيثم (48 سنة ) ابتسامة هادئة ثم أشار أو بالأحرى وضع يده على طاقم الاسبلايد الذي يزين كتفيه وقال: أعرف ما يدور بذهنك.. إنه ليس ذهبا كما يتصور الكثيرون بل لأني أهتم به وببريقهوبالمحافظة عليه ليلا ونهارا وبالتالي يبدو في أروع صورة وهي الصورة التي كم تمنيت وأنا مازلت طفلا أو صبيا أو شابا أن أضع نفسي داخل إطاراتها بعد التخرج المأمول الذي تحقق بالفعل.

نفس الحال بالنسبة لغرفة المأمور التي بدت وكأنها متواجدة داخل أشهر وأغلى وأروع فنادق العالم وأيضا استشعر أنني أريد أن أقول شيئا فتكلم وكأنه يعقب:

هذه الغرفة.. وأي غرفة في القسم حرص زملائي السابقون وهم من أفضل العناصر الشرطية أن يضيفوا لها كل يوم ما هو جديد.. حتى وصل حالها إلى ما هو عليه الآن.. بالمناسبة والكلام مازال على لسان العميد هيثم.. إن إيمان زملائي السابقين بدور الشرطة غيّر المفاهيم وزاد المعاني جمالا فوق جمال وبالتالي سواء أضفت فهذا واجب أو لم أضف فتلك مسئوليتي نحو هذا الكيان الذي أتباهى به منذ أن خرجت للحياة وبالتالي الجميع يقدرون ما أقول وما أفعل.. ويكفي أننا أصبحنا جميعا نعزف سيمفونية واحدة مشتركة ليس فيها لحن نشاز واحد..!

*** 

الآن.. دعني أقدم لك آخر لقطة أسفر عنها هذا اللقاء الذي استمر نحو ثلاث ساعات بيني وبين العميد هيثم التهامي مأمور أول قسم شرطة مدينة نصر بما أني أستطيع أن أميز بمهارةبين فنجان القهوة المضبوط والآخر الذي افتقد الإعداد السليم.. أقول لك.. قهوتك التي قدمتها لنا الآن مضبوطة.. ومضبوطة جدا..!

*** 

فجأة.. وجدت العميد هيثم يقفز من مقعده ويبعث إلى"فرد الخدمة" المخصص له آمرا إياه بإحضار كل عبوة البن الموجودة لديه والبن الغامق وليس الفاتح تلبية لطلبي وتعبيرا عن الإعزاز المتبادل.. ولم يسعني إلا أن أقبل الهدية.. وهاآنذا أكتب لك هذا المقال.. وأنا أتناول بين كل ساعة وأخرى واحدا مضبوطا تماما..!

*** 

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد أصبحت وزارة الداخلية -والحق يقال-زاخرة في أيامنا هذه بمعادن نفيسة وغالية لا تقل شأنا ومكانة.. عن العميد هيثم التهامي..!

من تلك المعادن ما يتيه به ونحن معه اللواء ناصر محيي الدين مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات وهو الذي تربى أحسن تربية وسط مناخ إعلامي وشرطي وسياسي وأسري.. فأصبح يقدم كل يوم أفضل عصارات فكره لكي تكون وزارته دائما مثار اهتمام وتقدير الرأي العام في مصر والخارج.

بالمناسبة اللواء ناصر أعرفه منذ ما يزيد على ثلاثين عاما عندما كان برتبة رائد أو ربما أقل.. ومن يومها بدت ومضات فكره تسطع ونتاج تفكيره يتبلور ويتمدد.. وبالمناسبة اللواء ناصر محيي الدين هو الذي فتح نافذة العلاقات المتميزة.. لي وللعميد هيثم.. فأجاد وتميز.. وحصل على "نياشين" العمل الجاد المتعارف عليه دوليا..!

*** 

وبما أننا حريصون على أن تكون العلاقات العربية-العربية على أعلى مستوى من الترابط والتوافق فقد توقفت أمام الرسالة التي بعث بها أمير الكويت للرئيس عبد الفتاح السيسي والتي تحدث من خلالها عن الوشائج المتينة بين البلدين الشقيقين العربيين.. 

نعم.. أحيانا تحاول بعض قوى الشر إلقاء بعض الأحجار التي تعطل سريان المياه الجارية.. لكن سرعان مايجرف تيار المودة والإخاء هذه النباتاتالشيطانية وبالتالي تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه وربما أفضل وأفضل..

وللعلم.. لقد وجد المصريون العاملون في الكويت أثناء أزمة فيروس كورونا كافة ألوان الدعم والمساندة من أشقائهم الكويتيين الذين تعاملوا معهم وكأن البيت واحد.. والمصير مشترك.. 

نفس الحال بالنسبة لولي عهد الكويت الذي دائما ما يقول للمصريين الذين يعرفهم أو لا يعرفهم.. إن الصرح المصري-الكويتي يستحيل.. يستحيل أن يتعرض لأي من عوامل التعرية بل إنما هو يزداد توثقا واكتمالا مع كل يوم يمر في تاريخ هذه العلاقة الإنسانية المشتركة.

***

أخيرا.. دعونا نختم حديثنا معا بهذا العهد وذلك الوعد وكلاهما مرتبط بالآخر أفضل ارتباط.. فالبنسبة للعهد فلقد أشار الرئيس السيسي إلى أن المصريين حكاما ومحكومين قد قطعوا على أنفسهم عهدا للمضي نحو التنمية.. ولا شك أنهم على ذلك قادرون لأسباب عديدة أهمها المسئولية المشتركة.. والواجب الملقي على كل طرف.. والإيمان الصادق بما يقولون.

أما فيما يتعلق بالوعد.. فإن هذين الطرفين أيضا اللذين يشكلان جسورا متصلة غير قابلة للبعاد أو الابتعاد اتفقا ووعدا بمواجهة التحديات بكل ما أوتوا من قوة..

وغني عن البيان أن الوعد عندما يكون صادقا فلابد أن تتحقق أفضل النتائج وأغلى الثمار.

         مواجهات

*أحيانا تكون الدموع وسيلة من وسائل الهدوء النفسي..!

وفي أوقات كثيرة تتحول إلى وسيلة ضغط على شرايين المخ مما يؤدي إلى انفجارها..!

وحينئذ يصبح على الدنيا السلام.

*** 

*الأب الذي استحوذ على قلوب أبنائه وبناته يظل طوال حياته نورا لا يخفت أبدا.. اللهم إلا إذا حدث ما لا يتوقعه الطرفان فتتمزق الخيوط.. وينخسف القمر..!

*** 

*عرفته منذ نحو 15 عاما وأشهد بأنه رجل طيب القلب.. صبور.. يعتز بكرامته أيما اعتزاز.. حتى إذا تعرض لحملة استفزاز لا يثور ولا يغضب بل يقول.. دعهم وشأنهم.. وادعوا لهم بالهداية.. وإذا تصادف وقابل واحدا من أفراد هذه الحملة بعد يومين أو شهرين أو حتى سنة كان سرعان ما يرتمي في أحضانه ويبكى وكأنه المعتدي وليس العكس.. إنه صديقي حسن حسن محمد شكر الذي هو والجدعنة والأخلاق الطيبة صنوان والذي يرقد الآن فوق سرير أبيض في مستشفى استثماري باهظ الثمن.. يصارع الموت..

تُرى هل يتحقق النصر.. لمن آمن وعمل صالحا وسار ينثر ورود الحب في كل مكان أم لمن يتباهى باسمه وصفته كملاك للموت.. وإن كان في النهاية يلقى نفس مصير كل الخلائق..؟

طبعا.. العلم عند الله سبحانه وتعالى الذي ندعوه أن ينقذ روحا طيبة جميلة مستبشرة هي روح الأخ حسن حسن محمد شكر.. صديقي وصهر ابني أحمد.

*** 

*لا تصدق أن امرأة واحدة يمكن أن تجمع بين الطيبة والذكاء والجمال.. لكن ثلاث سيدات ممكن!!

*** 

*ثم.. ثم.. نأتي إلى حسن الختام..

لقد اخترت لك هذه الأبيات من نظم الشاعرة السعودية فاطمة القرني:

تلاشى النجم في غيب

الظلام ونام الخلق يا عيني نامي

أثيبي غيّ من عاثت تمطي

بأعصابي تصلب في عظامي

مضت سبع وما قاربت غفوا

ولا أزرى بها طول المقام

تشب بها الجفون لظى وتصلى بها

الأضلاع رجفا من سقام

تخلق حرها من زمهرير

ونشأ يردها وقد الضرام

فأمسى والدثار على احتراب أشد

أرد أعجزه مرامي

*** 

و..و..وشكرا