*نحن.. بحق شعب متدين بالفطرة
*صمنا يوم عرفات وأدينا صلاة العيد في محبة .. وتآلف .. ويقين
فلماذا يخرج من بيننا متطرفون وتكفيريون ؟!
*صدقوني: المواجهة الأمنية .. وحدها لا تكفي
* تجديد الخطاب الديني .. ضروري..ضروري
*حكاية الخطبة الموحدة.. ثبت أنها لا تحل شيئا..!
نحمد الله سبحانه وتعالى أننا شعب متدين بالفطرة.. بلا تزيد.. أو تطرف.. نرفض وصاية أولئك الذين حولوا الإسلام إلى أداة للعنف والترهيب وفرض الرأي بقوة السلاح.
مثلا.. لقد حرصت الأغلبية العظمى منا على صيام يوم وقفة عرفات .. فما من صديق أو قريب التقيته أو اتصلت به أو اتصل بي إلا وأبلغني أنه يسير وفق سنة الرسول الكريم الذي قال إن صوم هذا اليوم يكفر ما فات من ذنوب السنة والتي بعدها.
ليس هذا فحسب.. بل اكتظت المساجد بالمصلين جماعة في الظهر والعصر.. وارتفعت الأكف بالدعاء حتى صلاة المغرب .. الجميع يطلبون الرحمة والمغفرة من الله سبحانه وتعالى إيمانا منهم .. بأنه سوف يستجيب نظرا لمكانة يوم عرفة عنده الذي هو أحد الأيام المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة والذي قال فيه الرسول الكريم:" ما من عمل أزكى عند الله – عز وجل – ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل ولا الجهاد في سبيل الله.. قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ".
تعاليم سمحة .. وسنة نبوية مشرفة راعى فيها معلم الإنسانية الأول محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام إنسانية الإنسان وحرصه على عدم تحميله أكثر ما يحتمل..!
***
ثم.. ثم.. جاء أول أيام عيد الأضحى .. وتدفقت الجماهير على المساجد والساحات يؤدون الصلاة مكبرين مهللين وقد غمرتهم السعادة.. والبهجة حيث انطلقوا بعد أداء الصلاة لذبح الأضاحي من هنا يثور السؤال:
لماذا حصر هؤلاء التكفيريون أنفسهم داخل زوايا ضيقة دون علم أو فهم.. أو إدراك لحقائق الأشياء..؟
هل المسئولية تقع عليهم وحدهم .. أم ساهم في وقوعهم في براثن الانحراف .. المجتمع بصفة عامة .. سواء المدرسة .. أو الجامعة.. أو النادي .. أو المسجد .. أو ..أو .. الأسرة..؟؟
***
غني عن البيان .. أن عتاة الإجرام وجدوا في الشباب الغض الذي مازالت شخصيته لم تتشكل بعد.. العقول التائهة الحائرة التي تفتقر إلى العلم.. والمعرفة فقاموا بتوجيههم حسب أهوائهم .. وأغراضهم فكان ما كان..!
في نفس الوقت الذي وفروا فيه المال بسخاء لهؤلاء الشباب متعهدين لكل من يرتكب عملية إجرامية ..بأن يعيش في بحبوحة ويسر هو وأسرته وبالتالي أصبح السقوط واردا في أي وقت.
***
على أي حال .. أود أن أخلص من تلك الحقائق إلى أن أجهزة الأمن هي التي كانت ومازالت تتحمل العبء الأكبر في مواجهة الإرهاب والتطرف.. فهي التي تجهض العمليات الخسيسة قبل وقوعها.. وهي التي تضبط .. وتخوض المعارك ضد أناس اعتادوا طريق الضلال والشيطنة فأصبح الخير والشر بالنسبة لهم صنوان..!
وبصراحة..هذا لا يكفي..! فالمؤسسات الدينية لا تؤدي حتى الآن دورها كما ينبغي أن يكون..!
الحكاية.. ليست في خطبة موحدة.. أو في إغلاق المساجد في غير أوقات الصلاة.. بل إنها
أعمق من ذلك بكثير .. وكثير جدا..!
والله .. والله ..الدين الإسلامي.. زاخر بأروع وأفضل وأحسن القصص التي لو استوعبها الأئمة.. أو من يطلق عليهم أئمة لقدموا للناس .. القدوة .. والمثل .. والقيمة والمعنى في شتى مجالات الحياة..!
***
ودعونا نأخذ أقرب مثال بالأمس.. والأمس فقط .. خطبة العيد التي استمعت إليها.. إنما هي نسخة مكررة من خطبة العام الماضي .. بل وما قبل الماضي ..!
نفس الكلام .. ونفس المحتوى علما بأننا جميعا حفظنا عن ظهر قلب كيف كان إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام صابرا محتسبا ابنه إسماعيل عند الله سبحانه وتعالى حتى افتداه بذبح عظيم .. فكانت الأضحية كل عيد.
بصراحة.. تمنيت أن أسمع جديدا .. لكن هذا لم يحدث .. في حين أنه كان يمكن الربط بين اجتهاد إبراهيم وصبره على البلاء .. بالأخطار التي تواجه الأوطان وتصدى أشجع بنيها لوأدها .. أو الإجهاز عليها .. أو تأديب مرتكبيها ..!
طبعا.. وزير الأوقاف حدد لنفسه ورجاله زاوية محددة لا يريدون الخروج عنها .. بينما الدين الإسلامي كما أشرت .. واسع الدوائر .. متعدد الاتجاهات .. كثير الأبعاد..!
المهم من يحسن استثماره.. ويدرك أن تجديد الخطاب المنبثق عنه يفيد أكثر مما يضر.. لأنه دين السماحة.. والمعرفة.. وصدق رسول الله عندما قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلال كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا".
***
و..و..ولعل الرسالة تكون قد وصلت.