*العشوائية الطبية تتهاوى
*هذا المسح الشعبي لمرضى الضغط والسكر يوفر العلاج.. والدواء .. والأمان أيضا..
*لدينا 16 مليونا من هؤلاء و39 مليونا من الفريق الآخر سيتحولون قريبا.. إلى عناصر فاعلة في المجتمع..
*حان الوقت .. لنتخلص فيه من "الصدفة" في أهم مجريات حياتنا!
دعونا نعترف .. -وأحسب أنه قد حان وقت هذا الاعتراف - بأننا نعتمد في تسيير أمور حياتنا على عامل الصدفة البحتة..!
إنها عادة ولا شك .. نشأت معنا منذ قديم الأزل .. وكانت ومازالت تعد السبب الرئيسي للعديد من مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والصحية بل والسياسية أيضا..!
مثلا.. الغالبية العظمى منا لا يدركون أهمية الكشف الطبي الدوري كل ستة شهور.. أو حتى كل عام..!
من هنا .. تفاجأ الأسرة بسقوط عائلها مصابا بجلطة في المخ.. أو القلب ليتبين أن السبب ارتفاع في ضغط الدم.. ليس وليد اليوم .. بل إنه يتغلغل في الجسد العليل منذ سنوات عدة مضت..
***
ولعل الكثيرين منا لا يعرفون أن عدد مرضى الضغط في مصر يبلغ 16 مليونا وهذا ليس بالعدد الهين لا سيما إذا أخذنا في اعتبارنا أن هؤلاء المرضى لا يكونون عادة في كامل لياقتهم.. حيث تصبح قدرتهم على العمل ليست بالمستوى المطلوب لأن الأعراض التي تطاردهم غالبا ما تقف حائلا بينهم وبين طموحاتهم وأحلامهم .. بل والرغبة في أن يعيشوا حياة طبيعية .
وما يلفت الانتباه .. أن ضغط الدم قد يحل ضيفا ثقيلا على المرء وهو مازال في ريعان الشباب أي يتراوح عمره ما بين الـ18 والـ40 عاما ومع ذلك فإنه يرفض الانصياع إلى نصائح الأطباء الذين يرون أنه يجب قياس الضغط مرة كل أسبوع على الأقل.. بل الأفضل أن يكون هذا القياس يوميا..!
من هنا يثور السؤال:
من منا يمكن أن يستجيب لتلك النصائح رغم إدراكنا لحجم الخطر..؟!
طبعا.. لا أحد..!
وبذلك يمتد الضرر ليشمل الفرد والمجتمع في آن واحد..!
أما الأغرب والأغرب .. فإن الصيدليات فتحت أبوابها لقياس الضغط ووصل ببعضها الحال إلى تعليق لافتات تقول ذلك ويا ليت أن يقوم بهذا العمل الذي يتسم بأبلغ قدر من الحساسية ويحتاج إلى إتقان ما بعده إتقان.. الصيدلي المسئول .. بل يعهدون لعمال " الديلفري" .. أو الباعة داخل الصيدلية بالقيام به..!
منتهى العشوائية ولا شك..!!
***
نفس الحال بالنسبة لمرضى السكر الذي يصيب للأسف 39 مليون مواطن حيث تحتل مصر رقم 8 على مستوى العالم إصابة بهذا المرض..!
وأيضا يتم التعامل معه بنفس البساطة علما بأن آخر الإحصائيات تقول إن كل 6 ثوان يتوفى مريض بسبب السكر ومع أننا ننفق ما يقرب من مليار دولار سنويا على علاج هذا "المرض" الشائع إلا أن النسبة في تزايد بسبب اللامبالاة .. وعدم الالتزام بما ينبغي تناوله من طعام وشراب .. بل في أحيان كثيرة نجد بيننا من يقول إنه أبدا لن يمتنع عن التهام الحلوى وستظل علاقته بالمشروبات الغازية السكرية قائمة دون تغيير ليدفع الوطن كله في النهاية ثمن الفاتورة الباهظة .. فضلا عن التداعيات السلبية التي تحوط الفرد نفسه الذي يمكن أن يكون في النهاية أنا أو أنت.. أو أباك أو أمك.. أو.. أو .. لا سيما .. أكرر لاسيما أن عامل الوراثة له بالغ الأثر بالنسبة لمرضى السكر.
***
لذا .. فإن هذا المسح العام الشامل الذي أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بإجرائه في مختلف أرجاء البلاد.. للكشف عن مرضى ضغط الدم والسكر وعلاجهم سوف يحقق بكل المقاييس فوائد جمة وعديدة .. أهمها:
*أولا: مواجهة العشوائية الصحية .. بمعنى أن كل مواطن سوف يعرف نوعية المرض ودرجة الإصابة به وهذا ما لم يكن متوفرا بالنسبة له قبل ذلك .
*ثانيا: تيسير سبل العلاج وبالتالي لن يتم اللجوء إلى أدعياء الطب.. أو إلى الدجالين والمشعوذين والعطارين..!
*ثالثا: الإصلاح الاقتصادي يستلزم من بين ما يستلزم قاعدة واسعة وقوية من الأصحاء الذين لديهم القدرة على العمل والإنتاج وتحمل الصعاب.. وبالتالي فإن هذا سيوضح أبعاد الخريطة كاملة.. مما يهيئ المناخ الأفضل لذلك الإصلاح .
أما الإصلاح الصحي.. فأحسب أنه قد بدأ يدخل مرحلة جديدة ستوفر الدولة من خلالها لأبنائها وسائل العلاج بمختلف ألوانه .. وأيضا الدواء مهما كان ثمنه.
وبصراحة تلك الإجراءات كلها كنا ننظر إليها حتى وقت قريب على أنها أحلام نأمل أن تتحقق .. وها هي في سبيلها إلى ذلك بالفعل.
***
في النهاية تبقى كلمة:
إلى الذين ما زالوا يتساءلون حتى الآن عن موعد قطف ثمار الإصلاح.. أرجوهم أن يعيدوا قراءة هذا المقال من أوله لآخره..
***
و..و..وشكرا