*البابا تواضروس.. وهذا الإيمان الصادق بمصر.. والمصريين
*نعم.. هي في قلب الله بالضبط مثلما قال البابا شنودة
"إنها وطن يعيش فينا"
*أنا شخصيا أحيي الكنيسة في تعاملها المحايد جدا مع حادثة مقتل أنبا وادي النطرون
أعجبني جدا تعبير البابا تواضروس الثاني بطريرك الأقباط الذي قال فيه حرفيا:
"كل بلاد العالم في يد الله.. لكن مصر في قلب الله".
إنه ولا شك تعبير ديني سمح يؤكد مكانة مصر .. وعظمتها على مدى التاريخ .. ويثبت – بحق- أنها بلد الجميع لا فرق فيها بين إنسان وآخر..!
وبذلك تنضم كلمات البابا تواضروس .. إلى مشاعر وأحاسيس سلفه الراحل البابا شنودة الذي قال أيضا:
"مصر ليست وطنا نعيش فيه.. بل وطن يعيش فينا ".
ويحسب للرجلين –ولا شك- أنهما لم يتورطا في الوقوع في براثن العنصرية أو التعصب... بل في أحلك الأزمات التي تعرض لها المسيحيون على أيادي المتطرفين التكفيريين الإرهابيين.. سرعان ما كانوا يبادرون بترطيب المناخ مؤكدين الحقيقة الثابتة بأن الإرهاب لا دين له ولا وطن.
حتى عندما كان أقباط الخارج ينفلتون أحيانا .. ويوجهون اتهامات غير صحيحة للنظام في مصر –أي نظام- لم ينجرف البابا شنودة ولا البابا تواضروس مع تيار العداء.. بل كثيرا ما وجها اللوم لهؤلاء الغافلين.. أو الكارهين.. أو المسيّرين من جانب الآخرين ..!
وقد وصف أيضا البابا تواضروس مصر بأن فيها بركة خاصة استحقت بفضلها أن تسمى بالأرض المقدسة مثل فلسطين التي ولد على أرضها "المسيح".
***
وغني عن البيان .. أن كلمات وعبارات البابا تواضروس ليست مجرد نظريات فحسب.. بل إنها تستند إلى واقع عملي مشرف وطيب .
ولعل ذلك قد بدا واضحا في حادث مقتل الأنبا أبيفانيوس داخل دير الأنبا مقار بوادي النطرون فمنذ البداية لم يحاول البابا تواضروس التعتيم على ما جرى .. ولم يفكر في إبعاد التهمة عن واحد من كبار رجال الدين المسيحي .. بل أعلن منذ اللحظة الأولى أنه يترك لجهات التحقيق الرسمية مهمة الكشف عن هوية المجرم وتقديمه للقضاء .. وهذا ما حدث بالفعل.. حيث فتح الدير أبوابه لضباط الشرطة ووكلاء النيابة الذين استمعوا إلى أقوال الشهود .. وأجروا التحريات الكاملة إلى أن تم ضبط المتهم الذي صدر قرار بحبسه وهو الآن رهن المحاكمة الجنائية.
***
إنها قمة التحضر ولا شك حيث تعاملت الكنيسة مع الموقف باعتبارها كيانا أساسيا من كيانات الدولة.. لها ما لها وعليها ما عليها..!
في نفس الوقت الذي أخرس فيه البابا ألسنة الذين أرادوا –كالعادة- الاصطياد في الماء العِكر حينما طالبوا بأن تنفرد الكنيسة بإجراء التحقيقات دون تدخل من السلطات المعنية..!
والغريب أن الذين كانوا يرددون هذا الكلام الفارغ هم من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية الذين يناصبون الأقباط العداء والذين استباحوا دماءهم وعملوا على وأد الفرحة والبهجة في أعماقهم باستهدافهم الكنائس في الأعياد مستخدمين أسوأ ألوان البشر الذين ارتدوا الأحزمة الناسفة وفجروا السيارات المفخخة بينما هؤلاء القوم المسالمون المتسامحون .. يؤدون صلواتهم ويرفعون أكفهم داعين الله بأن يوفر الأمان لكل من يعيش فوق أرض مصر بصرف النظر عن ديانته.. أو هويته .. أو توجهاته السياسية.
ولقد ندد البابا تواضروس مرارا وتكرارا بالعمليات الإرهابية مؤكدا تأييده الكامل للقوات المسلحة والشرطة إزاء العملية الشاملة "سيناء 2018 "وأن آفة الإرهاب –حسب قوله- كلفت مصر الكثير ونحن على ثقة بأنها قادرة على دحره والقضاء عليه قضاء مبرما لأن الشر لا يعيش دائما وأشد مراحله ظلما هي التي تسبق الانتظار ..
***
على المستوى الشخصي.. لقد ربطتني علاقة جيدة ومتميزة مع البابا الراحل شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة المرقسية حيث اعتدت زيارته في مقره البابوي بالعباسية خلال المواسم والأعياد..بل عندما طلبت منه كتابة مقال أسبوعي في الجمهورية باعتباره عضوا في نقابة الصحفيين لم يتردد..وظلت الجمهورية تنشر المقال على مدى سنوات عدة.. وإمعانا للحق.. كان ملتزما بمواعيد تسليم المادة .. حريصا على معرفة ردود الفعل بعد النشر والتي كانت إيجابية حيث ترتفع معدلات التوزيع في اليوم الذي ينشر فيه المقال .
***
في النهاية تبقى كلمة:
دعونا نسجد لله حمدا وشكرا على ما نحن فيه .. من تلاحم.. وتكاتف ..وتراحم.. وتعاطف وجداني بين بعضنا البعض.
.. ويكفي أن التفرقة الدينية لا مكان لها.. فالمسلم والمسيحي كلاهما يحمي الوطن ويذود عن ترابه بكل ما أوتي من قوة.. ويشهر سلاح الحق في وجوه المعتدين الآثمين..!
بارك الله فيكِ يا مصر يا من قال الله سبحانه وتعالى عنها في القرآن الكريم " اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم" وقال في الإنجيل: "كان الرب مع يوسف فكان ناجحا وكان في بيت سيده المصري.. وكان من حين وكله على بيته أن الرب بارك بيت المصري بسبب يوسف وكانت بركة الرب على كل ما كان له في البيت".
***
و..و..وشكرا