*التعليم "الحديث" في مصر "الجديدة"
*واضح أن.. الوزير فاهم.. وحاسم.. ولكن:
المهم.. المتابعة.. والانضباط
ومواجهة "ظاهرة الغياب"
*نحن معك يا دكتور:
سقَّطُهم..ألف مرة ومرة
لا مكان للجهلة ... والمدللين في هذا العصر *الرعاية الاجتماعية والنفسية لا ينبغي أن تكون "استراحة" للمحظوظين والحوامل وسائقي التاكسي!
أيام قليلة .. وينعقد في مصر امتحان بالغ الأهمية والتأثير لأنه يمس مصير ومستقبل الأجيال القادمة المتعاقبة.
ولعل أهم ما يميز هذا الامتحان .. أن أول من يخوضه في إصرار وتحدٍ رجل اسمه طارق شوقي وزير التربية والتعليم الذي قرر أن يدخل مغامرة يرجو ونحن معه أن تكلل بالنجاح بإذن الله .
بداية .. أناشد الوزير .. أن يتحلى بالصبر .. والصبر الجميل .. لأننا أناس بحكم طبيعتنا وتلقائيتنا تعودنا على التسرع في الحكم على الأمور .. وبالتالي لن تخلو الأيام الأولى من تطبيق الثورة التعليمية التي وضع الرجل مع معاونيه قواعدها وأسسها من انتقادات ممن يعلمون .. وممن لا يعلمون .. واعتراضات .. بل وهجوم ضارٍ دون مبررات محددة ومنطقية!!
عندئذ .. لا ينبغي على الوزير أن يحزن .. أو يفتر حماسه .. أو يلوم نفسه بل طالما أنه واثق مما يفعل .. فعليه مواجهة كل العواصف والتيارات التي تنطلق سواء بقصد أو بدون قصد.
والواضح أن الوزير فاهم.. ومدرك لحقائق الأشياء .. وقد أعجبتني تصريحاته الحاسمة التي أدلى بها مؤخرا والتي قال فيها إنه لن يسمح بنجاح أي طالب "أمي" في المرحلة الابتدائية بل سيسَقِّط هؤلاء الأميين مائة مرة فقد عانينا من الأمية الكثير والكثير كما كنا نتعجب ونضرب كفوفنا على كفوف البعض ونحن نرى الأبناء والبنات وقد قضوا ست سنوات في المدارس دون أن يعرفوا كيف يكتبون أسماءهم ولا يستطيعون قراءة عبارة واحدة من ثلاث أو أربع كلمات.
لذا فنحن نقول له: فلتسقطهم ألف مرة ومرة.
واسمحوا لي أن أسرد لكم حكاية قديمة كنت طرفا فيها وشاهدا حيا على أحداثها ووقائعها :
تعود د. حسين كامل بهاء الدين الذي كان يشغل منصب وزير التعليم - رحمه الله - أن يقوم بجولات مفاجئة للمدارس .
ذات يوم توجه في الصباح الباكر إلى إحدى مدارس محافظة البحيرة دون أن يخطر المحافظ أو وكيل وزارة التربية والتعليم في المحافظة .. ودخل أحد الفصول ليطلب من التلاميذ قراءة أحد النصوص المقررة في اللغة العربية .. فإذا بهم صم .. بكم لا ينطقون!!
استشاط الوزير غضبا وسارع بالاتصال بالمهندس أحمد الليثي محافظ البحيرة في ذلك الوقت أيضا.. الذي هرع بدوره إلى مقر المدرسة لتنشب محادثة شديدة اللهجة بين الاثنين ..!
***
المهم .. انصرف الوزير غاضبا .. دون أن يودعه المحافظ الذي كان هو الآخر غير راضٍ عن الزيارة المفاجئة ..!
في اليوم التالي اتصل بي كل من الوزير والمحافظ وكنت على علاقة طيبة بهما .. وكلاهما يعتب على الآخر.. واتفق ثلاثتنا على اللقاء في المساء حول فنجان شاي في محاولة لترطيب الأجواء ..!
باختصار شديد .. خلصنا جميعا إلى أن تلاميذ سادسة ابتدائي عاجزون عن التفرقة بين الألف وأي حرفٍ آخر وهنا قلت لهما: دعونا من ردود الفعل الشخصية لنركز على الحقيقة الموجعة.!
ثم انصرفنا .. دون الوصول إلى حل .. والله وحده أعلم ما إذا كان تلاميذ هذا الفصل وغيرهم استفادوا مما حدث بين الوزير والمحافظ .. أو العكس..!
***
على الجانب المقابل .. فإني موقن بأن الوزير الحالي وضع في اعتباره ضرورة متابعة سياسته متابعة دقيقة وفاعلة.. وإلا كأنك "يا أبا زيد ما غزيت" لا سيما وأنه حدد إجراءات حاسمة تتعلق بسلوكيات المدرس والطالب في آنٍ واحد.. مثل عدم استخدام التليفون المحمول .. ومنع التدخين .. فهل يكون الالتزام في هذا الصدد باتا.. وقاطعا..أم سنجد- كالعادة – من يلفون ويدورون؟
أيضا يجب عدم التغاضي بحال من الأحوال عن مبدأ أساسي يقول: المدرسة لتحصيل العلم وبالتالي فالغياب مرفوض .. مرفوض فنحن لا نريد تكرار عورات الماضي ليعرف الجميع أن هذا المكان المقدس لا مكان فيه للجهلة والمدللين .. أو المشاغبين .. أو البلطجية..
***
على الجانب المقابل.. أتمنى أن يكون الوزير قد اهتم ضمن برامجه بتطوير التعليم بالرعاية الاجتماعية والنفسية للطالب.. فكم من عناصر طيبة اضطرت للتسرب بغير أن يكون لها ذنب أو جريرة.
لذا.. فإن تنشيط وسائل الرعاية الاجتماعية والنفسية ضرورة حتمية وهذا لن يتأتى إلا بتغيير الصورة داخل المدارس وخارجها وإسناد تلك المهمة لمتخصصين أكفاء لا من اتخذوا من مكاتبهم.. استراحات .. وبالتالي فليمتنع من اليوم الأول أصحاب الوساطات والمحظوظون وسائقو التاكسي الذين يعملون إخصائيين اجتماعيين ونفسيين لمدة ساعة أو ساعتين.. ثم سرعان ما ينضمون إلى مشروع أوبر أو كريم..
و..و.. الحوامل..!
***
في النهاية تبقى كلمة:
يكفي.. د.طارق شوقي شرف المحاولة وإذا كنا قد أخذنا نشكو على مدى عقود وعقود من انهيار التعليم فلا أقل حاليا إذن من الوقوف بجواره وإتاحة الفرصة كاملة أمامه لاسيما وأنه ليس أمامنا بديل آخر..!