*اللحظة التي عبر فيها بفكره مع عبور زملائه قناة السويس
*اللواء سمير فرج.. نموذج للعسكرية المنضبطة
*نجاحاته مشهودة عسكريا وسياسيا وثقافيا وفنيا وتنفيذيا
*لم يبخل بعلمه ومعلوماته فأمتعنا بأحاديثه طوال الأيام الماضية
رغم مضي عشر سنوات على تخرجه في الكلية الحربية.. إلا أن مشهد زملائه الضباط والجنود وهم يعبرون قناة السويس والذين كان يتابعهم داخل غرفة العمليات .. حفر في عقله المتوهج صورا عديدة منها ما عاد به إلى الماضي أيام الهزيمة الموجعة لكن سرعان ما قفز بفكره إلى ما هو قادم حيث تنبأ بأن مصر إنما تدخل عصرا جديدا ..بكل المقاييس. عسكريا.. وسياسيا..واقتصاديا في آن واحد.
***
لعلنا جميعا قد تابعنا تواجد اللواء سمير فرج على شاشات التليفزيون المختلفة..ومن خلال صفحات الجرائد القومية والخاصة وهو يحلل.. ويقدم المعلومة.. ويستعرض المقارنات..والمهم أنه لم يكتف بالحديث فقط..بل حرص على أن يكون مزودا.. بالخرائط .. والرسوم البيانية والتقارير العسكرية المحلية والدولية التي نشر منها.. والتي لم تنشر..
***
أنا شخصيا أعرف اللواء سمير فرج منذ أن عين مديرا للشئون المعنوية بالقوات المسلحة عام 1973 وكنت وقتها أشغل منصب رئيس تحرير هذه الصحيفة "المساء".. وأذكر أنه بعد تعيينه بأيام قليلة.. اتصل بي وقال كلاما طيبا مرحبا بإقامة جسور المودة بيننا وبين الشئون المعنوية.
طبعا..استقبلت مكالمته بنفس الترحاب والمودة.. لتستمر العلاقة بيننا على مدى السبع سنوات التي أمضاها في موقعه توثقا يوما بعد يوم.
ولعل هذا ما عبر عنه اللواء سمير في أحد مقالاته الأخيرة التي اختص بها الزميل الكبير إبراهيم سعدة الذي ندعو له جميعا بالشفاء.
***
هذه الأيام.. استمتعت أبلغ استمتاع بأحاديث اللواء سمير فرج التي لم يقصرها على الجانب العسكري فقط بل ضمنها السياسة .. والاقتصاد والاجتماع.. و..و.. الموقف أيضا. فقد أعطى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حقه في إعادة بناء القوات المسلحة وتزويدها بالأسلحة الجديدة.. مؤكدا أن تلك الخطوات الجريئة المتلاحقة قد مهدت -ولا شك- إلى نصر أكتوبر.. كما ركز على العمليات الناجحة التي قام بها الجيش المصري عقب الهزيمة مثل معركة "رأس العش" التي وصفها بأنها كانت أول معركة حقيقية يقاتل فيها جنودنا كما أن إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات كان من أهم العوامل التي بعثت الأمل في قلوبنا جميعا.. بعد الانكسار الذي منينا به.
***
وبعيدا عن النشاط الواسع والمحمود للواء سمير فرج خلال الأيام الماضية-كما أشرت آنفا- فإن الحقيقة تقول إن العسكرية صنعت منه رجلا متعدد المواهب.. متنوع الملكات..فعندما عهد إليه إدارة الأوبرا المصرية استطاع أن يبدع ويبتكر وأن ينقلها نقلة نوعية جعلتها تضارع مثيلاتها الشهيرات على مستوى العالم.. حيث أعاد افتتاح مسرح سيد درويش ومعهد الموسيقى العربية بعد أن ظلا مغلقين سنوات طويلة كما أسس فرقة نجوم الأوبرا التي ذاع صيتها وأصبحت حتى الآن مثار إعجاب وتقدير الجماهير خصوصا بعد تألق العديد من نجومها.
***
نفس الحال بالنسبة لمدينة الأقصر التي عين رئيسا لها والتي تحولت إلى محافظة في عهده بعد أن تعامل معها بنظرة غير تقليدية.. ورؤية مختلفة شكلا وموضوعا عن الرؤى السابقة ويكفي أنه أعد وقتئذ 43 مشروعا لتطويرها يجني ثمارها الآن أهلنا هناك الذين مازالوا يذكرون حقبة سمير فرج بكل الإعزاز والتقدير ..و..و.. والحب.
وهنا اسمحوا لي أن أروي هذه الحكاية:
ذات يوم وجه لي أحد محافظي الدلتا دعوة لأداء صلاة الجمعة في المسجد الذي سيتم افتتاحه.. بالفعل لبيت الدعوة .. لكن ما أن انتهت الصلاة وبدأ موكب المحافظ يشق طريقه حتى اندفعت الجماهير لتعترض الموكب وتردد هتافات بالغة السوء ضده.
بصراحة.. لم أجد بدا من الانسحاب سريعا.. تاركا سيادة المحافظ مع مشاكله.. ومشاكل محافظته.
***
بعد أسبوعين تقريبا من هذه الواقعة .. شاءت الظروف أن أتوجه إلى الأقصر دون أن أبلغ اللواء سمير فرج .. لكن والحق يقال ما أن علم بوجودي حتى أصر على الحضور لي واصطحابي إلى مكتبه..عندئذ تبينت الفارق الشاسع.. بين محافظ يحظى بتأييد الناس وإعجابهم وهو سمير فرج ومحافظ.. تطارده اللعنات.
***
إلى جانب كل تلك السمات المؤثرة والفاعلة في شخصيته فإنه كاتب موهوب يتميز برشاقة الأسلوب.. ورقي الكلمة والتواضع الذي يبدو في كل سطر من السطور التي يخطها بيده.
ثم..ثم.. فهو رجل من أشجع الرجال وأذكر أنه قد تعرض بعد أحداث 11 يناير لمؤامرة رخيصة من جانب عصابة الإخوان.. لكنه لم يهن.. ولم يخضع .. ولم يستسلم .. بل بدا وكأنه الظافر المنتصر حتى في أحلك الظروف.
***
في النهاية تبقى كلمة:
لقد أردت أن أخصص هذا المقال بأكمله للواء سمير فرج وأحسب أنه يستحق ما هو أكثر.. باعتباره نموذجا ينبغي أن يحتذى بالنسبة لشباب هذا الوطن الذين يشقون هم الآخرون طريقهم بالعلم والعمل.. و..والأخلاق..!