سمير رجب يكتب مقاله "غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " نهبوا آثارنا..وسكتنا..! وحرقوها.. ومازلنا ننتظر"

بتاريخ: 10 أكتوبر 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*نهبوا آثارنا..وسكتنا..!

وحرقوها.. ومازلنا ننتظر

*أما أن "يهينوها"..فلا وألف لا

*سيناريوهات تبرير فرح معبد الكرنك غير مقنعة وعيب أن نقضي على قدسية آلاف السنين..مقابل عدة جنيهات!

*سيادة وزير الآثار: أرجو أن تحدد موقفك

نهبوا آثارنا الغالية.. وظللنا صامتين على مدى عقود.. وعقود.. اللهم..إلا صيحة هنا..وصيحة هناك مطالبين باستردادها من اللصوص دون أن يحدث شيء..!

.. وحرقوها بفعل فاعل مع سبق الإصرار والترصد.. وبعد أن اكتشفنا الواقعة شكلنا لجنة سافرت إلى البرازيل محل الجريمة.. ويبدو أنها تاهت بين شوارع ريودي جانيرو وميادينها.. التي اشتهرت بالرقص.. والطبل والزمر..!

***

من هنا.. فقد ضحكت كما ضحك غيري- ولا شك- عندما أعلنت وزارة الآثار أنها ستجري تحقيقا حول حفل الزفاف أو عقد القران الذي جرت فعالياته بين أحضان معبد الكرنك.

من يحقق مع من يا سادة..؟!

من الذي سمح بإهانة أعز كنوزنا الغالية بهذه الصورة الفجة.. هل هو مدير المعبد.. أم مدير المنطقة.. أم .. أم..؟!

وللعلم جميع هؤلاء لديهم كارت أخضر يسمح لهم بما فعلوه..والدليل.. أن وزارة الآثار تلك هي التي فتحت الهرم الأكبر لإقامة الأفراح والليالي الملاح بداخله مقابل 200 جنيه لكل فرد والحجة في ذلك.. زيادة الموارد بدلا من أن يبقى " الهرم" هكذا تمضي به القرون الواحد تلو الآخر دون أن نستفيد منه شيئا.. حتى راكبو الجمال.. والخيل.. حولوه إلى ساحة "رخيصة" من ساحات القرى والنجوع .. وأيضا لا أحد يحاسب..!!

***

الأدهى.. والأمر.. أن جميع السادة "الأثريين" كما يحبون أن يطلقوا على أنفسهم أخذوا يتبادلون الاتهامات فيما بينهم.. بسبب هذا" الفرح" الذي يبدو وكأنه أقيم في الكتمان قبل اكتشاف المهزلة الكبرى..!

لقد قدموا "سيناريو" متهالك الخيوط لا يقنع عاقلا.. بل يثير الاستفزاز والغضب في آنٍ واحد..

مثلا.. الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار يأمر بتحرير محضر ضد الشركة التي أقامت الحفل على اعتبار أنها لم توضح مسبقا.. أنه حفل زواج ونحن بدورنا نسأله:

وما الفرق بين هذا وذاك..؟!

أليس في الحالتين.. أناس يرقصون.. وآخرون يغنون.. بينما شعاعات الليزر تخترق جدران وأعمدة المعبد الديني المقدس الذي سبق أن أقامه الفراعنة العظماء مقرا للآلهة.. آمون وزوجته موت وابنهما خون..!

الأدهى والأمر أنهم في تبريراتهم الساذجة اعترفوا بأن المأذون الذي عقد قران العروسين لم يحرر العقد رسميا داخل المعبد.. بل إنه جاء مرافقا لهما مسديا النصيحة بأن يتعهد كلٌ منهما بالعيش في تبات ونبات مع الآخر..!

بالذمة هل هذا كلام..؟!

أرجوكم.. ليس ثمة داعٍ للف والدوران وبالتالي فإن وزير الآثار مطالب بأن يعلن للرأي العام ما إذا كان هو صاحب فكرة استغلال المناطق الأثرية في حفلات الزواج أم لا؟ فإذا كان ذلك كذلك فما علينا وقتئذ إلا أن نخضع ونستسلم لفكر معاليه.. أو نعترض عليه ونرفضه ليبقى القرار النهائي في يد رئيس مجلس الوزراء..!

لكن إذا كان العكس هو الصحيح.. فالمسئولية تحتم على الوزير ضرورة محاسبة كل من أقدم على هذا الفعل الغريب.. مع إصدار التعليمات المشددة بعدم تكراره مرة أخرى..!

و..و..ونحن في الانتظار..!

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر .. فاسمحوا لي بأن أروي لكم هذه الحكاية:

مرة كنت في زيارة للعاصمة البريطانية لندن.. وذهبت لأشهد معرض توت عنخ آمون الذي كان مقاما في المتحف البريطاني الذي يعد من أكبر وأقدم المتاحف في المملكة المتحدة حيث تم تأسيسه عام 1753.

طوابير طويلة ممتدة.. ورجال ونساء وشباب يقفون وهم منهمكون في قراءة الكتب والمراجع التي تتحدث عن الفرعون الذهبي الشهير..!

بصراحة.. خجلت ألا أنضم إلى تلك الطوابير.. وبالفعل وقفت أكثر من ثلاث ساعات حتى جاء دوري لأدلف من أبواب المتحف.

في نهاية الزيارة سألت مدير المتحف البريطاني:

Xبصرف النظر عن مقتنيات توت عنخ آمون التي تعرضونها بموافقة المصريين.. فماذا عن كل تلك القطع الأثرية العديدة التي يضمها متحفكم والتي من بينها حجر رشيد الشهير؟

نظر لي الرجل وقال بالبرود الإنجليزي المعتاد:

ألا تعتقد أننا هنا قادرون على الحفاظ عليها بأساليب أفضل..؟!

استشطت غضبا.. وهرعت على الفور إلى سفيرنا في بريطانيا وأبلغته بما حدث متسائلا: لماذا لا نسترد كنوزنا الغالية التي سرقها المحتلون.. أو أذنابهم من مصر..؟

وفوجئت بالسفير يربت بيده على يدي معلقا:

Xقهوتك سكر زيادة.. أم سادة ورددت على الفور:

Xبديهي لابد أن تكون سادة يا سيادة السفير لكنني أعتذر عن عدم تناولها..

..و..و..وانصرفت..!