*"الوعي".. وطرائق تشكيله على أسس واضحة.. وقواعد محددة
شغل بال العلماء منذ قديم الأزل
*تساءل الرئيس ولديه الحق كل الحق:
هل لدى الكثيرين منا الوعي الكافي بالصورة الكلية.. للواقع المصري..؟
الإجابة: ضرورة أن يضع كل منا نفسه موضع المسئولية أمام الوطن ومواطنيه..
* ليس منطقيا أن نكون في حرب مع الإرهاب ثم يجيء من يجيء.. ليتحدث عن ارتفاع سعر الطماطم
*حرام.. وألف حرام.. أن يختزل أهم وأنجع برنامج للإصلاح الاقتصادي على مستوى العالم داخل زوايا ضيقة وأطر أكثر ضيقا
*الصحافة.. والتليفزيون.. يشغلان بالهما بقضايا فرعية.. تاركين الأهم. والأهم..!
*.. وأيضا.. الجامعات و"مراكز البحوث".. ومنظمات المجتمع المدني.. عليها دور كبير
*وأخيرا.. فلنتذكر جميعا قول الله سبحانه وتعالى "ما يعقلها إلا العالمون"
انشغل العلماء منذ زمن طويل بالتعريف العلمي للوعي.. وأهمية تشكيله على أسس واضحة ومحددة سواء بالنسبة للفرد.. أو المجموع معا..
ولقد رجعت خلال الأيام الماضية إلى العديد من المؤلفات والكتب التي أصدرها الفلاسفة وأساتذة علم النفس في بلدان شتى من العالم.. وأعجبني من بين ما أعجبني هذا المفهوم الواضح والصريح:
"الوعي هو الحالة العقلية التي يتم من خلالها إدراك الواقع والحقائق التي تجري حولنا وذلك عن طريق تعامل الإنسان مع البيئة التي يعيش فيها واتصاله مع الآخرين.. يستمع.. ويبحث.. ويمحص.. ويعقد المقارنات بما يمكنه في النهاية من اتخاذ القرارات التي تمس أهم القضايا سواء الخاصة به.. أو بأسرته أو بالمجتمع بصفة عامة".
***
الأهم.. والأهم.. أن ثمة اتفاقا علميا على أن الوعي السليم تصنعه العقول المستنيرة مما يجعله ممارسة ومسئولية معا.
ولقد شد الرئيس عبد الفتاح السيسي انتباه الجماهير عندما ركز في حديثه بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة على" الوعي" وهل هو متكامل لدى المصريين أم العكس.
وهنا طرح الرئيس سؤالا تحتم المسئولية على جميع فئات هذا المجتمع الإجابة عنه بموضوعية .. وشفافية.. وصراحة.. وأيضا بعلم ودراسة.
سؤال الرئيس يقول:
"المشكلة عندنا: هي عدم اكتمال الوعي.. فهل لدى الكثيرين منا الوعي الكافي بالصورة الكلية للواقع المصري.. أم أن جرعات الوعي اللازم غائبة عند الكثيرين من المثقفين والقادة لحشد الفهم الصحيح للواقع الحقيقي..؟؟".
ثم لخص الرئيس نفسه الإجابة بأن ما يتم تحقيقه اليوم من إنجازات سوف يضيع في حالة عدم وجود هذا الوعي الحقيقي.. وبالتالي ينبغي على جموع المصريين استيعاب الواقع الذي تواجهه الدولة حتى نستطيع معا إنجاح القرارات المطلوبة.
ذلك هو بيت القصيد..
وبصراحة إذا لم يضع كل واحد منا كبيرا كان أو صغيرا .. مثقفا.. أو محدود الثقافة .. عالما .. أو مازال على أول طريق المعرفة.. نفسه أمام مسئولياته . فحرام وألف حرام أن نبدد جهودنا بأيادينا.
مثلا.. هذه الحرب الضروس والشجاعة ضد الإرهاب ألا تستحق أن نركز ليل ونهار على النتائج التي تحققها يوما بعد يوم..؟؟
هذه الحرب التي نقدم في سبيلها أغلى التضحيات البشرية والمادية .. لم تمنعنا من أن نقيم صروح التنمية في كافة أرجاء الوطن رغم أن ذلك كان يمكن أن يكون واردا.. فالدولة في حالة حرب.. وحالة الحرب كما نعرف جميعا .. تقتضي تسخير الإمكانات والجهود كافة من أجل "المجهود الحربي".. فهل تلك الرسالة وصلت أو تصل مكتملة وواضحة لرجل الشارع أم نتركه نهبا لإشاعات سخيفة تتسلل إلى أسماعه بين كل آونة وأخرى.. أم لا نقدم له البراهين العقلانية والمنطقية .. لمعنى .. العيش في أمان واستقرار لا تهدد حياته وحياة أبنائه .. سلوكيات هوجاء.. حمقاء من قبل عصابة إجرامية فقد أفرادها أبسط مبادئ الانتماء.. ونذروا أنفسهم لإشاعة الفوضى.. والعنف.. والدمار والتخريب..؟!
بالله عليكم.. ألا تستحق هذه الحالة.. أن نفرد لها يوميا أكبر عدد من صفحات الجرائد القومية والخاصة.. وأن تكون محورا لحوارات هادفة من خلال شاشات التليفزيون .. بدلا من هذه المواد "الغثة" التي تتناول زوايا جانبية.. وتثير نزاعات وصراعات ما أنزل الله بها من سلطان..؟!
***
الإصلاح الاقتصادي.. الذي بهرت مصر به العالم والذي تشيد ببرامجه وخطواته .. ورؤاه .. المؤسسات الدولية التي لا تعرف الانحياز أو المجاملة..!
هذا الإصلاح.. لا يليق اختزاله في ارتفاع سعر الطماطم .. أو كيلو الخيار.. أو اختفاء "التفاح المستورد" من الأسواق..؟!
يا عالم.. يا هوه.. انظروا ماذا فعلت المجتمعات التي قررت يوما تغيير مسار حياتها نحو الأفضل..!
لقد تحمل أناسها وصبروا .. ورضوا بأن يعيشوا في الظلام لمدة أربع أو خمس ساعات يوميا .. ورضوا بإرادتهم البحتة .. عدم إنفاق دولار واحد فيما لا يفيد .. فكانت النتيجة تحقيق ما كانوا يتمنونه منذ سنوات طوال..!
وها نحن في مصر.. نسير في طريق هذا الإصلاح في نفس الوقت الذي تتحمل فيه الدولة أعباء .. وأعباء ..!
مثلا.. لتر بنزين 80 يباع بـ خمسة جنيهات ونصف الجنيه بينما تكلفته الحقيقية تبلغ سبعة جنيهات و600 قرش..!
اسطوانة البوتاجاز تباع في السوق المحلية بـ 50 جنيها .. بينما تكلفتها تصل إلى ما هو أكثر من 161 جنيها.. وهكذا دواليك.. فبعد تلك الأرقام التي لا تكذب.. هل من المنطق في شيء أن نمر عليها مرور الكرام.. وكأن الأمر سهل وبسيط..؟!
ثم..ثم.. لقد وقف بالأمس "جيم كيم" رئيس مجموعة البنك الدولي خلال الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد ليعلن أن مصر استطاعت استثمار رأس المال البشري أفضل استثمار مما ساعدها على استقطاب الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة فهل سيخرج علينا من يشرحون تلك الحقائق بتفصيلاتها .. وأبعادها ..؟!
هذا ما ننتظره!!!
بكل المقاييس .. النظر إلى الأساسيات من خلال نظرة ضيقة وزاوية أكثر ضيقا لا يقود إلى الأهداف الكبار التي يبتغيها رئيس الدولة والتي يبذل المستحيل من أجل تحقيقها بما يتطلب منا ضرورة حشد الوعي ومعايشة ما هو قائم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا .
***
في النهاية تبقى كلمة:
المفترض أن لدينا مؤسسات وهيئات ومنظمات عديدة قادرة على القيام بالمهمة السهلة ولا أقول الصعبة .. مهمة توعية الجماهير وتنمية وعيهم والانطلاق بهم إلى ما هو أرحب وأوسع.
عندنا.. الجامعات بندواتها .. ومحاضراتها.. وعندنا .. منظمات المجتمع المدني التي لم يعد لمعظمها نشاط إلا البحث عن المعونات المحلية والأجنبية .
وعندنا .. الأحزاب التي نرجو .. ونرجو أن تبث في شرايينها دماء الحياة.
وعندنا مراكز البحوث المتخصصة والتي يغلق مسئولوها الأبواب على أنفسهم .. وكأنهم يتشاءمون من الالتحام بالقاعدة العريضة .. من المواطنين..
..وأولا.. وأخيرا.. عندنا قنوات تليفزيون عديدة وصحف ومطبوعات كثيرة معظمها تتوفر لديها أفضل المقومات والإمكانات ..
وللأسف ينقصها "العقل" .. العقل بمفهومه الواسع والشامل الذي لو أحسن استخدامه لتمكنا من خلق "الوعي" الذي نبحث عنه.. ونتوق للوصول إليه .. ونحن لقادرون..
وصدق الله العظيم عندما قال في كتابه الكريم:
"وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون..".
وقال:" وما يعقلها إلا العالمون".
وقال: "وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير".
صدق الله العظيم
***
..و..و..وشكرا