*أحداث.. ووقائع..وشهادات موثقة
بقلم: سمير رجب
*"الجمهورية" جريدة الشعب فعلا.. عن جدارة.. وحق أصيل
*علاقتي بها امتدت على مدى 68 عاما..
*في صالات تحريرها وأجهزتها الفنية.. ومطابعها.. تعلمت وتدربت وأيضا تميزت
*عندما جاءني المدير العام ليسلمني رخصة إصدارها ازددت إيمانا ويقينا بأنها جريدة الثورة بحق
*أول مقال كتبه أنور السادات ينم على أنها جريدة الثورة بلا منازع
*قال السادات إنها حرة وقوية قوة الثورة
*اتسمت منذ البداية.. بالمانشيتات العريضة التي تملأ الصفحة الأولى
* هاجمها الآخرون ثم سرعان ما ساروا على دربها
*أيضا.. كل الذين اتهموها بأنها موالية للسلطة ذهبوا.. وبقيت هي برجالها تدافع عن مصالح الشعب
*عندما رحل الاستعمار البريطاني عن مصر كانت هي خير معبر عن الحدث الجلل
*.. وعندما أمم عبد الناصر قناة السويس حمل قراؤها وباعتها مئات النسخ فوق الأكتاف
*الآن تشق طريقها بثبات وإيمان ويقين من خلال كتيبة واعدة.. استوعبت تجارب الآباء والأجداد..
*وقفت بشجاعة مع جماهير الشعب حتى إسقاط الرئيس الإخواني وخرج من بين الصفوف المخلِّص والمنقذ الفريق أول عبد الفتاح السيسي
*تواصل تقدمها في ظل مناخ آمن ومستقر وفره القائد عبد الفتاح السيسي لجميع المصريين
*نصيحة: إذا أردت أن تعرف إلى أين تتجه الريح اقرأ ما بين سطور صفحات الجمهورية
كل سنة وجميع شعب مصر بخير.. وأنا حينما أقول جميع شعب مصر.. لأن "الجمهورية" هي من نبت هذا الشعب خرجت من رحمه.. وعاشت وناضلت وكافحت بين صفوفه لكي تكون دائما وأبدا المعبرة عن آلامه وآماله.. وفي هذا الصدد تقر الجمهورية وتعترف بل وتفخر وتعتز بأنها تعيش الآن مناخا من الحرية يكفل لها "ثبات المبدأ" وترسيخ المعنى والإسهام مع القائد والزعيم في رفع صروح الديمقراطية والتنمية أعلى وأعلى.. والعمل على خلق وعي جديد يعيد لمصر بهاءها وجمالها ونقاءها وصفاء شعبها.
ودعونا نبدأ الحكاية من أولها.. علاقتي بالجمهورية نشأت عام 1956.. أي منذ 66 عاما.. عندما دخلت أقدم رجلا وأؤخر أخرى متجها إلى محرابها "المقدس" باحثا عن ذاتي.. وساعيا لأحقق هوايتي المحببة إلى قلبي.. ولكن كيف.. والأبواب شبه موصدة.. والأساتذة الكبار يتحدثون بالقسطاس..!
المهم.. لم أنبث ببنت شفة حتى جاءني من يسألني عما أريد.. ولم أعرف بماذا أرد.. إلى أن ظهر من وراء ستار وجه مألوف لدي.. إذا تحدث يبدو صامتا وإذا صمت بدا مغلق الشفتين.. إنه الأستاذ سامي داود.. وقبل أن أتحدث رفع صوته قليلا قائلا:
مفيش صحافة.. هل معقول كده على طول من الشارع للجريدة..؟!
أصدقكم القول لقد آلمتنى كلمات المحرر المسئول وقررت أن أذهب بلا عودة.. لولا أنه استطرد قائلا:
تعال غدا.. الساعة 12 ظهرا وبعد ذلك نرى ماذا سنفعل معك..!
في اليوم التالي جئت في الموعد المحدد.. ومن ذلك التاريخ لم تنقطع علاقتي أبدا بالجمهورية..!
***
لقد خدمني سامي داود ربما دون أن يدري عندما قرر أن أجوب كل الأقسام من أول أرشيف الصور حتى سكرتارية التحرير مرورا بالتحقيقات الصحفية والأخبار والفن.. وأشهد أنني تعلمت بحق كل فنون الصحافة.. رغم أني كنت مازلت وقتها في السنة الثانية بكلية الآداب.. ولم يكن عمري قد تجاوز الستة عشرة عاما ورغم ذلك صدر قرار بتعييني يوم 6 سبتمبر عام 1956 بمرتب قدره عشرة جنيهات يصل بعد خصم الضرائب والذي منه إلى تسعة جنيهات و46 قرشا وأربعة مليمات..!
***
استمريت على هذا الحال حتى تخرجت في شهر مايو 1959 لتتغير دفة حياتي الصحفية.. خلال الفترة من 56 إلى 1959.. أيقنت أن الجمهورية هي جريدة الثورة بلا منازع وبالتالي لابد من احترام سياستها بل وتبجيلها والعمل على ترسيخ دعائمها أولا بأول وقد بدا ذلك واضحا بالتجربة العملية..
مثلا.. بعد رحيل آخر جندي بريطاني من مصر يوم 16يونيو عام 1956 أي قبل دخولي مقر الجمهورية..لكني كنت شغوفا بمتابعتها .. فصدرت مانشيتاتها على ثمانية أعمدة تقول: انتهاء الاحتلال البريطاني..!
ساعتها.. تمنيت أن تزداد سطور المانشيت ليحمل تفصيلات أكثر لكن لم تكن باليد حيلة.
أيضا بعد شهر واحد.. وبالتحديد يوم 26 يوليو عام 1956صدرت الجمهورية بالمانشيت التالي: قائد مصر جمال عبد الناصر يعلن باسم الأمة:
*تأمين شركة قناة السويس فورا
*الاستيلاء على منشآت الشركة أثناء إلقاء الخطاب
*إقامة السد العالي بإيرادات الشركة
*تجميد أموال الشركة في مصر والخارج
*الآن.. جاءت الوجبة الصحفية من خلال المانشيتات أكثر إشباعا للقارئ..
في نفس الوقت أود أن ألفت نظر القارئ إلى أن مفردات الجمهورية في تحريرها وصياغتها للموضوعات والأخبار لم تتغير كثيرا منذ نشأتها حتى الآن.. فقائد مصر هو قائد مصر بصرف النظر عن تغير الظروف والأحوال وانتقال مسيرة التاريخ من مرحلة إلى مرحلة.. وذلك عكس صحف عديدة أخرى سرعان ما تغير جلدها فور تغير النظام أو انتصار حزب على حزب وفوزه بالأغلبية عندئذ تتحول البوصلات إلى اتجاه 180 درجة وأكثر..!
***
ثم..ثم.. عودة إلى ما بعد حصولي على ليسانس الآداب ودخولي-كما أشرت آنفا- إلى مرحلة جديدة شكلا وموضوعا فبعد تخرجي بنحو أربعة شهور استدعاني الأستاذ سعد الدين وهبة وكان وقتئذ يشغل منصب مدير التحرير المشرف على الأقسام الإخبارية وأبلغني أنه اختارني مع الزميل فؤاد الشاذلي لتغطية أخبار الطيران وقتها غمرتني مشاعر السعادة رغم أن الطيران كمصدر في تلك الأيام لم تكن معالمه اتضحت بعد لكن والحمد لله استطعت أن أنتزع منه مانشيتات وأخبار الصفحة الأولى.. وأخبارا اقتصادية وفنية فضلا عن الحوارات مع الوزراء.. بل ورؤساء الوزارات الأجانب والعرب حيث يمكن القول إن تجربتي الصحفية قد صقلت تماما خلال عملي كمحرر شئون الطيران بالجمهورية ثم أخذت أنتقل من موقع إلى موقع.. حتى استقر بي المقام في العدد الأسبوعي الذي يصدر كل خميس كمدير تحرير له.. والذي استطعت بعون الله وتوفيقه القفز بتوزيعه من 68 ألف نسخة إلى 430 ألف نسخة في المرحلة الأولى ثم إلى 990 ألف نسخة في المرحلة الثانية.
***
و..و.. تمر السنون والشهور والأيام ليجيء لي مدير عام مؤسسة دار التحرير التي تصدر الجمهورية يسلمني مستندات وأوراقا مهمة بمناسبة تعييني رئيسا لمجلس الإدارة وكان ذلك في يوليو عام 1989.. وبينما أنا والرجل نتسامر في أحاديث ودية إذا به يتوقف عن الكلام ويخرج مظروفا متوسط الحجم راجيا إياي قراءة ما بداخله.. نفذت المطلوب فتحت المظروف فإذا بالورقة "الكنز" هي طلب الرئيس جمال عبد الناصر باسمه إصدار صحيفة تتحدث باسم الثورة اسمها الجمهورية.. هنا أقسم لكم أنني أستشعرت في أعماق نفسي عندئذ.. أن المسئوليات زادت ضخامة.. وأثرا وتأثيرا.
***
المهم بدأت أمارس مهمتي الجديدة والتي تتطلب مني ضمن ما تتطلب توفير الموارد المالية الكفيلة بإصدار الجمهورية وباقي الإصدارات الفرعية.. وهي موارد ليست ضئيلة.. بل إنها باهظة.. عندئذ أخذت أجري اتصالات بغية تكوين علاقات قوية مع مؤسسة الرئاسة.. ومجلس الوزراء.. ومجلس الشعب.. ومجلس الشورى.. وإنصافا للحق وللحقيقة وجدت تعاونا مثمرا من الجميع ..وفي هذه الفترة تميزت الجمهورية بنشر أحاديث انفرادية مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك.. كما أن الوزارات وشركات قطاع الأعمال كانت تخصها أكثر من غيرها بالإعلانات وعمليات الطباعة مما رفع حجم الدخل مرات ومرات..وقد أسهم كل ذلك في إقامة المبنى العملاق للجمهورية في شارع رمسيس إلى جانب مطبعة على أحدث طراز والتي تطبع جريدة من ٥٦صفحة بالألوان بسرعة٧٠ألف نسخة في الساعة..
***
ومنذ هذه اللحظة أيضا عدت بذاكرتي إلى عدة سنوات للوراء وبطريقة "الفلاش باك" توقفت أمام العدوان الثلاثي على بورسعيد في أكتوبر عام 1956 وكيف أن الجمهورية حاربت مع أبناء شعب القناة من أجل دحر قوات بريطانيا وفرنسا وإسرائيل حتى كتب الله لمصر النصر المبين.
وهنا أذكر واقعة إنسانية بحتة.. لقد كان سكان القاهرة خلال تلك المعركة الضارية يهاجرون إلى الريف حيث قراهم الأصلية أو عزبهم أو بيوتهم المتواضعة وجاءني والدي رحمه الله يبلغني بأنه يرى أن تنتقل والدتي وشقيقتي إلى قريتنا تحسبا لأية نتائج متوقعة أو غير متوقعة فإذا بي أرد عليه عفوا والدتي وشقيقتي لن تسافرا وستظلا معي هنا في القاهرة وبالفعل أمنت الوالدة -رحمها الله- على كلامي واستمرت على موقفها حتى رحلت قوات العدوان تجر أذيال الخيبة والخجل.
***
ومن حلاوة النصر إلى مرارة الهزيمة لم تنجرف الجمهورية بعد حرب يونيو 1967 التي أدت بنا إلى هزيمة نكراء.. بل أشعلت جذوة الحماس ودافعت عن الضابط المصري والجندي المصري ونقلت وقائع حرب الاستنزاف بكل فخار ومباهاة وذلك أيضا عكس صحف أخرى قررت أن تلقي السم في العسل وتكيل أقذع الاتهامات إلى جند مصر.. حتى كتب الله لنا نصرا مؤزرا في أكتوبر عام 1973.
***
من هنا.. وجدت الجمهورية مجالها الرحب أثناء معركة العبور وبعدها وخصصت معظم صفحاتها لانتصارات الجيش وأخذت تنشر منذ ذلك التاريخ وحتى الآن أروع قصص البطولة والفداء..
ويجب أن يكون واضحا أن "الجمهورية" مهما مر الزمن لن تفرط في هويتها الوطنية تحت وطأة أي ظرف من الظروف ولعل هذا سر نجاحها المتقد يوما بعد يوم..
هذا النجاح الذي شارك في صنعه أيضا القارئ الذي وضعته الجمهورية في الحيز الأكبر من دوائر اهتمامها.. أتاحت له الفرصة للتعبير عن رأيه.. كما تناولت مشاكله وساهمت في حلها وهيأت المناخ للعديد من شعراء ومطربين وممثلين لكي يتبوأوا المواقع الفنية والتي مازالت حتى الآن تضيء سماء الوطن في مصر والدول العربية والأجنبية.
***
واليوم.. أشهد شهادة حق.. أن الجمهورية يتولى مسئوليتها الآن شباب واعد يقودهم رئيس تحرير واعد أيضا وفاهم وواعٍ ومتحمس لمهنته..
عندما قفزت عصابة الإخوان الإرهابية فوق مقاعد الحكم ليمارسوا إرهابا دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق لم تقف الجمهورية موقف المتفرج.. بل هاجمت العصابة وقياداتها وكوادرها بكل جرأة وشجاعة وهم في سدة الحكم ويملكون في أياديهم كافة مفاتيح السلطة.. وتوسعت الجمهورية في نشر التحقيقات الصحفية التي تفضح جرائم عصابة الإخوان وتكشف كيف أن رئيس الدولة سلم مقاليد حكم البلاد إلى مكتب الإرشاد القابع في حي المقطم أو جبل المقطم ليس هذا فحسب بل لم تتردد في نشر بيانات واجتماعات وصيحات وانتقادات حركة تمرد التي أنشأها مجموعة من الشباب الغاضبين.. ولم تتوقف عن النشر إلا بعد أن اندلعت ثورة 30 يونيو عام 2013 التي عمت جميع محافظات مصر حتى طالبت جموع الشعب الرئيس الإرهابي محمد مرسي بالرحيل.. ليجيء المنقذ والمخلِّص الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة التي أصدرت بيانا تاريخيا أعلنت فيه منح مهلة مدتها 48 ساعة وإذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة طريق وإجراءات تشرف على تنفيذها.
وبالفعل أصدر الفريق الأول عبد الفتاح السيسي بيان 3 يوليو معلنا إنهاء حكم محمد مرسي على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية التي جرت بالفعل عام 2014 والتي فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بأغلبية ساحقة.
خلال تلك المراحل لم تترك الجمهورية صغيرة وكبيرة إلا ونشرتها بالتفصيل وبالتعليق والتحليل والتي كانت كلماتها تحمل في طياتها أسرارا وأخبارا وتشجيعا للناس على الوقوف صفا واحدا خلف قيادة الرئيس الجديد الذي يحسب له أنه وضع رأسه فوق كتفه في سبيل العزيزة مصر.
***
اختط الرئيس عبد الفتاح السيسي لنفسه سياسة مستقلة ركز من خلالها جل همه على إعادة بناء مصر وتجديد دمائها .. وتقوية جيشها بتزويده بأحدث المعدات والأسلحة وتدريب أفراده تدريبا بأعلى سبل العلم والمعرفة.
حرص الرئيس السيسي على إقامة صروح التنمية في شتى بقاع الوطن وكانت معه الجمهورية في جميع تحركاته تنقل فكره وتتابع أحلامه وتطلعاته كما كانت قاسما مشتركا مع أبناء الوطن تستمع إلى نبضهم بكل حيادية وموضوعية وتطرح اقتراحاتهم وأفكارهم.. وطبعا مازالت الجمهورية حتى كتابة هذه السطور تؤدي تلك المهمة عن قناعة وإيمان.. بالقائد والشعب.. القائد الذي حافظ على استقرار البلاد وحمى قواته المسلحة وخاض أعتى المعارك وأشدها ضراوة وهي الحرب ضد الإرهاب.. مؤكدا على أنه لابد من قطع دابر مخططيه ومموليه ومنفذيه.. كل ذلك والجمهورية دائما حاضرة تنقل الأحداث من مواقعها الأصلية وتشيد بالرجال الذين يواجهون العنف بأرواحهم وتتوسع في نشر قصص الشهداء لكي تهيئ الرأي العام دائما إلى أن الدفاع عن رمال مصر واستقرارها لتوفير الأمن لأبنائها وبناتها يظل دائما حقا مشروعا حتى تسقط نزعات التطرف ومعها رموز الضلال والبهتان.
ولقد شاء القدر أن يكون رئيس تحرير الجمهورية خلال هذه المرحلة من تاريخ البلاد محرر سابق للشئون العسكرية شارك في التدريبات وحضر الندوات وتابع برامج التسليح هو الأخ والابن النجيب عبد الرازق توفيق.
وكتيبته الصحفية المتميزة وهم من قال عنهم أساتذة الإعلام بإنهم يصنعون صحيفة صاحبة امتياز في التحقيقات الصحفية الجريئة والصفحات المتخصصة وهي صحافة الانحياز للشعب والمواطن والتي تستطيع خوض المعارك وحسمها لصالح الجماهير.
مبروك للجمهورية وأسرة تحريرها ومبروك لشعب مصر وكل عام وزعيمها وقائدها الرئيس عبد الفتاح السيسي بألف ألف خير يدعم بفكره وجهده ونواياه الطيبة الصحافة بمختلف أنواعها قومية وخاصة وحزبية لترفع رايات الانتماء أكثر وأكثر يوما بعد يوم.