سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان "كلها محطات مضيئة في قطار القاهرة - الرياض "

بتاريخ: 01 نوفمبر 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis
كلها محطات مضيئة في قطار القاهرة - الرياض 
منذ 92 عاماً تم توقيع اتفاق الصداقة ومن وقتها .. العلاقات تزداد توثقاً يوماً بعد يوم 
حينما هتف شعب مصر للملك فيصل : 
أهلاً .. ببطل معركة البترول 
العاصمتان تبادلتا المشاعر قبل الكهرباء ! 
رغم التحفظات ومحاولات الضغط .. 
انضمت السعودية إلي حركة عدم الانحياز 
جامعة القاهرة منحت الملك سلمان الدكتوراة الفخرية وكان لقاؤه مع شيخ الأزهر والبابا محل تقدير 
الإيرانيون مازالوا يكابرون .. وفي الواقع يترنحون 
استرخي التونسيون .. فعاد الإرهاب ليدق قلب عاصمتهم ..! 
والرئيس يقول لهم : هذا نتاج خلافاتكم السياسية 
50 ألف سوري بين مطرقة الدواعش .. وسندان سوريا الديمقراطية ! 
أقول لرئيس الوزراء مدبولي : 
الجماهير بالفعل في انتظار قراراتك الاحترازية 
دائماً .. المشبوهون يعيشون في ذعر فاضرب بيد من حديد .. ولا "تتواني" 
لعل البعض يتساءلون: لماذا أكتب مقال اليوم عن العلاقات بين مصر والسعودية لاسيما وأني كنت قد نشرت أيضا مقالاً عن نفس الموضوع يوم الاثنين الماضي؟ 
الاجابة ببساطة ووضوح.. أن تلاحق أحداث الحياة.. وتطور وتغير الظروف يوماً بعد يوم تجعلنا نسهو عن أشياء لو وقفنا أمامها قليلاً.. لأدركنا أن الله سبحانه وتعالي عندما أضاء الكون بشمسه الساطعة.. فإنما أراد أن يتمتع أهل الأرض بما وهبهم إياه من نعم.. والتي من بينها.. أن يعيش البشر في وئام وسلام.. ومودة.. وإخاء. 
وبكل المقاييس.. فإن الوشائج المتينة بين مصر والسعودية.. كفيلة بأن تكون النموذج الذي يحتذي.. وبالتالي لابد من تسليط الضوء عليها بين كل آونة وأخري حتي تصبح في متناول الأيادي سواء بالنسبة للمتحدثين بالعربية.. أو غيرهم من باقي الشعوب والأجناس. 
*** 
قد لا يعرف الكثيرون أن العلاقة بين مصر والسعودية قد بدأت بصفة رسمية عام 1926. 
أي منذ 93 عاماً عندما وقع البلدان اتفاقية الصداقة التي يعبر اسمها عن جوهرها ومضمونها.. والواضح أنه مع اختلاف الحكام وتوالي الأجيال.. فإن هذه المعاهدة لها أبلغ الأثر في تحديد وتطوير وتحديث المسيرة بين الطرفين. 
نحن لا نقول.. إن هذه المسيرة "الحياتية" قد خلت من السلبيات.. أو الخلافات.. أو التباين في وجهات النظر وإلا فكأننا نتحدث عن عالم من الملائكة! 
طبعاً.. حدثت خلافات.. وتصارعت مواقفت.. لكن والحق يقال.. دائماً تنتهي النتائج.. بالصفاء والمودة.. والحب.. لتظل معاهدة الصداقة نبراساً يضيء السبيل. 
علي الجانب المقابل.. أريد أن أوضح أن كم من معاهدات بين دول وحكومات يصيبها جمود الزمن.. أو تتجاوزها الأحداث.. لكن معاهدة 1926 هي التي حددت التوجهات المشتركة.. بكل صدق وحسن نوايا.. والدلائل كثيرة.. أهمها.. أن كلاً من مصر والسعودية كانتا من أوائل الدول التي وقعت علي ميثاق جامعة الدول العربية عام 1945 بل هما.. اللذان يرجع إليهما الفضل في إظهار هذا الميثاق للنور.. وفي حث باقي العرب علي التوقيع عليه. 
نفس الحال بالنسبة للأمم المتحدة التي انضم إليها كل من مصر والسعودية في توقيت واحد..! 
حتي بالنسبة لحركة عدم الانحياز التي دعا إليها وأطلقها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وبالرغم من أنها لم تلق قبولاً أو استحسانا بل معارضة وانتقاداً من جانب الأمريكان والأوروبيين فقد ضربت السعودية عرض الحائط بكل هؤلاء الرافضين وانضمت للحركة علما بأن العلاقات بين البلدين في عهد عبدالناصر لم تكن في أحسن أحوالها بصفة عامة..! 
وإنصافاً للحق والحقيقة.. فإن حرب 1973 تعد بمثابة نقلة نوعية جديدة للعلاقات بعد أن أوقفت السعودية ضخ البترول للعالم كله لاسيما دول الغرب.. وتلك المبادرة قد نالت تقدير جموع الشعب المصري الذي خرج عن بكرة أبيه ليحيي الملك فيصل- رحمه الله- عندما جاء لزيارته بعد انتهاء الحرب واستقبله المتظاهرون بهتافات تقول: أهلاً ببطل معركة البترول.. مثلما كانوا يهتفون للسادات.. عاش بطل العبور. 
*** 
وشهدت العلاقات في عهد كل من الملك فهد والملك عبدالله مزيداً من الازدهار والتقدم.. حتي جاء الملك سلمان لتحدث نقلة نوعية جديدة.. ولعله قد لمس بنفسه مدي صدق المشاعر عندما قام بزيارة البرلمان المصري وجامعة القاهرة التي منحته الدكتوراة الفخرية والتي استقبله أساتذتها وطلابها استقبالاً حافلاً. 
أيضا.. لقد حرص الملك سلمان أثناء تلك الزيارة علي أن يلتقي بكل من شيخ الأزهر وبطريرك الأقباط.. وبذلك يكون قد رأي ممثلي الشعب المصري بمختلف طوائفه واستمع إليهم أيضاً. 
هنا.. أود الاشارة إلي نقطة جديرة بالاهتمام وهي أن الربط الكهربائي بين البلدين الذي يتيح لهما تبادل الطاقة قد سبقه تبادل المشاعر بين الشعبين اللذين يجد كل منهما في الآخر. 
الوئام.. والاطمئنان.. والسعادة. 
*** 
والآن.. دعونا ننتقل إلي الجانب الآخر من الخليج العربي.. وليس الفارسي وأقصد إيران. 
إيران تعيش حالياً ظروفاً اقتصادية وسياسية صعبة للغاية بعد توالي العقوبات التي تفرضها أمريكا عليها.. والتي ستمتد لتشمل حزمة جديدة خلال الأيام القادمة. 
إن الخيوط كلها ممزقة.. فالاقتصاد منهار.. والعاطلون يرقدون علي أرصفة الشوارع.. والذين لا مأوي لهم.. يتضورون جوعاً فلا مسكن ولا طعام ولا شراب..! 
ومع هذا كله يقف وزير خارجية الملالي ليزعم أنهم يعيشون أفضل ظروف حياتهم.. بينما الواقع يؤكد العكس تماماً..! 
وهكذا تدفع الشعوب- للأسف- ثمن أخطاء وجبروت وطغيان وتهور حكامها..! 
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر.. فإن المأساة التي تعيشها سوريا منذ أكثر من سبع سنوات قد أشعل نيرانها- ولازالت- هؤلاء الملالي أصحاب العباءات السوداء الذين لا يعرفون في تعاملهم مع الآخرين.. سوي سلاح الدم..! 
وبالمناسبة يعيش حالياً نحو 50 ألف مواطن سوري معظمهم من النساء والأطفال محاصرين في ريف دير الزور بين مطرقة الدواعش الذين مازالوا يمارسون جبروتهم وسندان ما تسمي بقوات سوريا الديمقراطية..!
تصوروا.. هؤلاء المغلوبون علي أمرهم ينتظرون بين كل لحظة وأخري أن تطير أعناقهم.. أو تحصد المدافع أجسادهم حصداً..! 
إنها- بكل المقاييس- مأساة ما بعدها مأساة نرجو من الله سبحانه وتعالي أن يخفف وطأتها علي هؤلاء الغلابة الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما يجري فوق أرض بلدهم..! 
*** 
ثم.. ثم.. فلنتجه غرباً.. إلي تونس التي تعرضت بالأمس لعملية إرهابية خسيسة وسط العاصمة..! 
واضح ان الإخوة التونسيين.. قد استرخوا قليلاً.. وخفت إجراءاتهم تجاه تلك الظاهرة اللعينة.. حتي لقي الإرهابيون ثغرة ينفذون ثانية من خلالها..! 
المواطنون هناك.. ورئيس الحكومة ووزير الداخلية قد أخذوا يتبادلون الاتهامات.. كل طرف يحاول تحميل الآخر.. المسئولية.. حتي جاء رئيس الدولة ليعلن صراحة أن الإرهاب لن ينتهي في نفس الوقت الذي ألقي فيه باللائمة علي الأحزاب والقوي السياسية التي اتهمها بالتناحر وتغليب المصلحة الذاتية علي المصلحة العامة.. والتكالب علي المناصب..! 
*** 
بعد هذا الاستعراض لما يجري من حولنا لابد لنا.. أن نمعن التأمل في شئوننا. 
ربما أجد حرجاً لو قلت إن القضية التي تشغل بالنا هذه الأيام.. هي قضية نقص البطاطس وارتفاع سعرها..! 
لكنها الحقيقة- للأسف- بكل أبعادها..! 
ولقد دخل الأمس د.مصطفي مدبولي في صلب القضية عندما أعلن أن الدولة لن تتهاون مع الممارسات الاحتكارية وبصرف النظر ما إذا كان هذا التصريح جاء متأخراً أم لا.. لكن في الحالتين تبقي العبرة بالتنفيذ..!
يعني.. لابد أن يستشعر هؤلاء المحتكرون أن ثمة إجراءات سوف تتخذ ضدهم.. وبسرعة.. ودون إبطاء حتي لا تتكرر نفس الحكاية بذات فصولها في سلع أخري عديدة. 
أيضا.. ليس غائباً علي الأذهان.. أن هؤلاء المحتكرين رغم ثرائهم وقوة نفوذهم إلا أنهم يعيشون في رعب كامل.. حيث يتوقعون أن يتم ضبطهم يوماً ما.. سواء اقترب هذا اليوم أو بعد. 
لذا أرجو من رئيس الوزراء أن يضرب بيد من حديد علي رءوس هؤلاء الذين ليسوا محتكرين فقط.. بل هم مدلسون.. ومهربون.. وتجار سوق سوداء. 
ودائماً.. كل من يعرف أنه يرتكب خطأ فإنما يخشي ساعة الحساب.. والآن.. مطلوب منك يا دكتور.. أن تصل رسالتك لهذه الفئة من البشر بسرعة وفعالية.. وقوة.. وحسم.. مع الأخذ في الاعتبار أن رأس الذئب الطائر تكون في أحيان كثيرة درساً لكل من يفكر أو يشرع في الانحراف عن سواء السبيل.. وعلي حكومتك أن تضع يدها علي اثنين أو أربعة من هؤلاء.. بعدها.. ستتواري ظاهرة الاحتكار تدريجياً ونحن في الانتظار. 
*** 
أخيراً.. اخترت لك هذه الأبيات من شعر الإمام الشافعي: 
يخاطبني السفيه بكل قبح.. فأكره أن أكون له مجيباً 
إذا نطق السفيه فلا تجبه.. فخير من إجابته السكوت 
يزيد سفاهة وأزيد حلماً.. كعود زاده الإحراق طيباً 
*** 
و.. و.. وشكراً