سمير رجب يكتب مقاله "غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " لا تفرحوا.. لتراجع العجز في الموازنة "

بتاريخ: 25 نوفمبر 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*لا تفرحوا.. لتراجع العجز في الموازنة

ولا تتبرموا من ارتفاع عدد طلبة الفصل الواحد إلى 50 أو 60

ولا تهاجموا مصيلحي.. كلما زادت طوابير الخبز! وكفوا عن الصياح وأنتم لا تجدون مكانا حتى على الأرصفة!

*حذر مالتوس منذ أكثر من 200 سنة من التهام السكان .. للموارد الغذائية وقبله ابن خلدون..!!

*ننظر إلى رقم 114 مليونا وكأنه في بلد غير بلدنا!!

حينما ظهر عالم الاقتصاد والرياضيات البريطاني الشهير توماس مالتوس على خريطة العالم منبها إلى خطورة الزيادة السكانية..لم يلتفت إليه كثير من البشر.. بينما اتخذ آخرون أجراس الخطر التي قرعها خرائط طرق لحاضرهم ومستقبلهم.. فاستطاعوا تحقيق المواءمة بين الأفواه التي ينبغي الحد من تكاثرها.. وبين مصادر الغذاء التي تكبلها قيود وأغلال الطبيعة..!

لقد أطلق مالتوس منذ أكثر من 200 سنة نظرية شهيرة تقول إنه في الوقت الذي يزيد فيه عدد السكان وفق متوالية هندسية.. فإن الإنتاج الزراعي يزيد وفق متوالية حسابية مما يؤدي حتما إلى نقص الغذاء والسكن!

ولم يتوقف مالتوس عند هذا الحد.. بل ذهب إلى ما هو أبعد .. إذ قال في شجاعة إن الإنسان – أي إنسان- لن يجد له نصيبا من الغذاء على أرضه.. فهو عضو زائد في وليمة الطبيعة حيث لا صحن له بين الصحون إذ تأمره الطبيعة بمغادرة الزمن..‍!

وبالرغم من أن عالم الاجتماع عبد الرحمن بن  خلدون قد سبق أن تحدث في مقدمته الشهيرة عن العلاقة بين عدد السكان ومستوى الحضارة.. إلا أن صيحة مالتوس.. كانت أقوى وأبلغ تأثيرا..!

***

المهم.. لقد كانت النتيجة أن بعض شعوب العالم اتخذت من نظرية مالتوس منهاجا وهدفا..وتمكَنت بمرور الزمن من تحقيق المعادلة.. بينما هناك آخرون لم يكترثوا.. ولم يلقوا بالا لكل ما يتردد حول الزيادة السكانية التي التهمت بإرادتهم تارة ورغما عنهم تارة أخرى مواردهم كاملة.. فأصبحوا بالفعل- كما قال مالتوس- حائرين .. أو عاجزين .. ينتظرون اليوم الذي يقضي فيه الله أمرا كان مفعولا..!

لكن السؤال: إلى متى..؟!

في مصر.. على سبيل المثال تبذل الدولة قصارى جهدها لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة..لكن ثمار هذه التنمية تتبدد أولا بأول في ظل خروج مليوني ونصف مليون مولود جديد للحياة كل عام..!

نعم.. هناك حملات توعية لتنظيم النسل ..وهناك نداءات وتنبيهات وتحذيرات.. لكن مازال الكثيرون يصمون الآذان..ويرفضون الانصياع إلى أصوات العقل متذرعين بأفكار بالية قديمة.. ويتصورون أن هذه الاتكالية التي نشأوا عليها ستجلب لهم طعامهم وشرابهم.. وهم يسترخون تحت ظلال الأشجار بينما ذلك هو الخطأ بعينه..!

وحتى نكون صرحاء مع أنفسنا لابد لنا جميعا من وقفة مع النفس..! بلا لف.. أو دوران.. أو مواربة.. أو..أو..

أقول.. لا تفرحوا كثيرا لتراجع العجز في الموازنة العامة إلى 1,9% لأنه سيصبح بلا جدوى طالما أن تدفق المواليد الجدد لن يتوقف.. أو لن تبطأ سرعته..!

أيضا.. لا تتبرموا من ارتفاع عدد الطلبة في فصول المدارس إلى خمسين أو ستين.. فذلك وضع تلقائي أو بالأحرى طبيعي مع هذا التسابق الإنجابي "الغريب"..!

وأرجوكم لا تهاجموا د.على المصيلحي وزير التموين.. إذا زادت طوابير الخبز يوما بعد يوم.. فماذا في استطاعة الحكومة أن تفعل.. وهذه الملايين في حاجة لتأكل وتشرب..؟!

أيضا..فلنكف عن الصياح بسبب ارتفاع نسبة البطالة.. فقد ذكر مالتوس ضمن ما ذكر أنها نتاج طبيعي .. لعدم التوافق بين المتوالية الهندسية والعددية..!

بل الخشية ألا يجد شبابنا مكانا حتى على أرصفة الشوارع بسبب تلك الزيادة الرهيبة..!

***

من هنا فلابد أن نسارع بإنقاذ أنفسنا بأنفسنا.. واضعين في اعتبارنا أن من لا يأكل بعرق جبينه.. فلا مكان له في هذا العالم.. ومن يحسب أنه يغرد منفردا.. فلابد أن يعي ويفهم.. أن أحدا لن يستمع إليه..!

أخيرا.. أيها السادة.. هل فكرتم من الآن.. أن بلدكم هذا سوف يصل تعداده عام 2030 إلى 114 مليونا.. أم أن هؤلاء يعيشون.. ويتربون.. ويتعلمون.. ويعملون.. ويعالجون.. ويتنزهون..في بلد غيرنا...؟!

والجواب لك.. وأرجو..وألح في الرجاء أن نفيق من غفلتنا..!!

***

و..و..وشكرا