مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 17 فبراير 2022
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*تقرير سياسي عن أحداث الساعة

*مجتمع التكافل الذي يسعدالمصريين

*سماحة العطاء.. وتفاعل الأخذ

*دخول"معقولة".. ومحاسبة المقصرين.. والمتكاسلين

*تسهيلات للمزارعين.. ولا تهاون في الاعتداء على الأرض الزراعية

*توفر الفواكه والخضروات.. وتصديرها بأفضل الأسعار

*لأول مرة.. مصر تصنعالمبدعين.. وتشجعهم على الابتكار 

*الجامعة الأمريكية تعرقل قبولهم في الكليات الفنية المأمولة

*الفئات المتميزة.. تحصل أخيرا على حقوقها بعد أن أطلق عليها "الجيش الأبيض"

*"القوى الناعمة" مازالت  تحتاج إلى إعادة ترتيب الأوراق

كل شيء في الوجود قابل للتحرك وبالتالي فإن كل الأشياء جميعها بما فيها الإنسان تتغير وتتحدث وتتطور..وطبعا إذا حدث عكس ذلك فإن ماكينة الحياة تتوقف.. وهذا ما  لا يرضاه الله سبحانه وتعالى لعباده.

ونحن هنا في مصر عايشنا مراحل تطور مجتمعنا من البداية.. وحتى الآن.. وكم تمنينا خلال حقبات زمنية معينة أن نشهد تطورا إيجابيا يحقق مصالح الجماهير ويلبي رغباتهم واحتياجاتهم.. 

نعم.. هذه الحركة المستمرة تأتي أحيانا بما هو أفضل وأحيانا أخرى يصيبها التعثر والخلخلة والجمود.. 

لذا.. كم بذلنا من محاولات واجتهادات لكي نصل بمجتمعنا إلى ما فيه الخير.. والسعادة والأمل.

وبكل المقاييس كلنا مؤمنون بأن صدق النوايا وتغليب المصلحة العامة يؤديان إلى الأهداف المرجوة..

من هنا يثور السؤال:

إذا كان ذلك كذلك فلماذا ظل هذا المجتمع يعاني من مشاكل تتراكم يوما بعد يوم وأزمات تزداد حدة بينما كان يفترض أن تجد طريقا للحل..؟!

الإجابة ببساطة شديدة: أن المجتمع صادفته عقبات ناسه هم المسئولون عنها تارة وتركيبته الأساسية هي التي يلقى عليها العبء أو بعض العبء تارة أخرى.. دون أن تتوفر لديه أدوات الإصلاح والتغيير.

*** 

الآن نحن نعيش جميعا مجتمعا أفراده متآلفون مع بعضهم البعض تحت مظلات المشاركة الوجدانية والتآزر والتخطيط محدد المعالم وواضح الاتجاهات.

بديهي.. هذا لا يعني أنه مجتمع المدينة الفاضلة فلا أحد ينكر أن النزاعات موجودة والخلافات قائمة.. حتى الجرائم يتم ارتكابها من جانب قلة ممن انحرف سلوكهم إما أثناءعمليات التنشئة الأولى أو بعد الدخول في مراحل التكوين الجسدي والمعنوي.

لكن على الجانب المقابل نحن نعيش ونحن مطمئنون إلى يومنا وغدنا يزداد رصيدنا من الإيجابيات حيثما تتراجع السلبيات.

إنه مجتمع يمكن أن نطلق عليه مجتمع سماحة العطاء وتفاعل الأخذ.

تلك ليست مصطلحات فلسفية لكنها تعني أن الدولة التي توفر للجماهير التي يتكون منها المجتمع حياة سهلة كريمة ممثلة في دخول "معقولة" وفي رعاية صحية "مقبولة" وفي تعليم جيد أو في طريقه ليكون كذلك.. تصبح دولة مثار التقدير والتبجيل من جانب الغالبية العظمى من أفرادها لأنها حينما توفر الاحتياجات الأساسية وغير الأساسية لهؤلاء الأبناء فإنها لا تمنّ عليهم ولا تدخلهم في متاهات هم في غنى عنها بل ترسخ في أعماقهم أحاسيس العزة والكرامة والإيمان بأن الهدف واحد والطريق مشترك..

في نفس الوقت فإن الناس وهم لديهم تلك الأحاسيس يتبارون بينهم وبين بعضهم البعض لتقديم صورة طيبة عن مجتمعهم.. فيتعاونون مع بعضهم البعض يشاركون في عمليات البناء الحديثة.. لا يعتمدون على الشعارات النظرية في حياتهم بل يحولون تلك الشعارات إلى واقع عملي ينعكس على شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والثقافية.

إنها معادلة متكاملة الأرقام تضم طرفين أساسيين.. كلاهما يريد لهذا المجتمع.. الازدهار والنماء وأحسب وأنكم تتفقون معي على أننا سائرون على ذلك الطريق القويم بإذن الله.

وغني عن البيان أن الطرف الثاني من المعادلة وأعني به الجماهير إذا ما استشعرت أنها تحيا حياة هي نفسها راضية عنها فإنها ترفض أن تضم صفوفها المقصرين والمتكاسلين الذين أصبح وضعهم لا يتمشى مع طبيعة هذا المجتمع الجديد.. ولا مع مواصفاته وسمات أبنائه لأن الطرفين كما أشرت آنفا- باتا وكأنهما ملتزمان بعقد موحد يوضح كل بند فيه حقوق وواجبات الآخر.

*** 

واسمحوا لي أن أسوق مثلا ونموذجا من الواقع..هذا المثل يخص فئة عزيزة علينا جميعا هي فئة المزارعين الذين يحصلون حاليا على ميزات عديدة تكفلها لهم الدولة التي من حقها هي الأخرى ولا شك أن تقف في وجه المعتدين على الأرض الزراعية فلا تتهاون معهم ولا تغض الطرف عما يفعلون لأنها لو نهجت هذا النهجفسوف تمتد الآثار السلبية تلقائيا إلى أصحاب المصلحة الحقيقيين.

وبما أننا اتفقنا على أن النوايا صافية والجهود خالصة فتلقائيا لابد وأن تأتي الثمار طيبة شهية وقد تمثلت هذه الثمار في إنتاج كميات هائلة من الخضروات والفواكه.

ويكفينا والحمد لله أن مركز التجارة العالمية التابع للأمم المتحدة أصدر تقريرا قال فيه إن مصر حصلت على المركز الأول عالميا في تصدير الفراولة حيث بلغت قيمة تلك الصادرات 165 مليون دولار.

المهم.. أن استهلاكنا المحلي لم يتأثر بل ها هي الفراولة منتشرة لدى الباعة وفي محلات السوبر ماركت وبأسعار متهاودة.. وبالتالي إذا عرفتم أن حجم صادراتنا من الفراولة عام 2010 لم يتعد الـ 11 مليون دولار لاستطعتم أن تحسبوا الفارق الشاسع بين أمس واليوم.

أما فيما يتعلق بباقي الفواكه مثل البرتقال الذي صدرنا منه بـ112 مليون دولار وأيضا دون أن يتأثر السوق المحلي.

*** 

استنادا إلى كل تلك الحقائق المضيئة وسيرا على ذات المفهوم فقد امتدت الرؤية المصرية الثاقبة إلى مجال مهم للغاية هو صناعة المبدعين فوضعت من أجلهم البرامج.. ونفذت الخطط والأنشطة حيث تكلفت الدولة في الفترة ما بين يوليو 2018 حتى يونيو 2021 تسعة مليارات جنيه.. وهو مبلغ ليس هينا لكن الرئيس السيسي حريص على إعادة بناء الإنسان المصري بناء متميزا وفريدا تترسخ في أعماقه الهوية الثقافية والحضارية .

وهنا اسمحوا لي بوقفة تفرضها الظروف.. 

الجامعة الأمريكية مفروض أنها تعمل في إطار القوانين المصرية لكن الملاحظ أن هذه الجامعة تتعمد إيجاد عثرات في طريق الطلبة والطالبات الذين يريدون الالتحاق بتخصصات علمية حيث تظل تضع العقبات تلو العقبات.. أمامهم حتى يملوا ويضجروا ويصرفوا النظر.

لذا لزم التنويه..

*** 

وطبيعي في مجتمع التكافل أن يتم إنصاف من سبق تعرضهم لظلم أو إجحاف أو عدم إنصاف وأشير على سبيل المثال للأطباء الذين طالما عانوا من التهميش وعدم التقدير لسمو العمل الذي يؤدونه.

الآن.. نالوا معظم حقوقهم المادية والأدبية وعندما أطلق عليهم الجيش الأبيض غمرتهم سعادة بالغة وأيقنوا أن النظرة قد تغيرت بالنسبة لهم وأن مهمتهم الإنسانية أصبحت مثار تقدير واهتمام حيث إنها تستحق وتستحق.

*** 

في النهاية وقفة أخرى وأخيرة مع ما تسمى القوى الناعمة.

المفترض أن القوى الناعمة تؤدي دورا إيجابيا في المجتمع فما بالنا بهذا المجتمع الذي نتحدث عنه..؟

القوى الناعمة تضم من بين ما تضم الممثلين والممثلات والمطربين والمطربات وجميع هؤلاء للأسف لا يستطيعون تقدير أهمية أدوارهم.

ها نحن نسمع عن خناقات أسرية وغير أسرية وألفاظ سوقية وإدراك غير واعٍ.. لدور الفن فخلطوا بين ما يجب أن يكون وبين ما هم يصنعونه بأياديهم بالفعل.

لذا.. كم أتمنى أن يعيدوا إصلاح أنفسهم بأنفسهم حتى يكونوا قوى ناعمة بحق وحقيق.

***

ثم..ثم.. نأتي إلى مسك الختام:

بسم الله الرحمن الرحيم:" قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلى ربي إنه سميع قريب ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب".

صدق الله العظيم

و..و..وشكرا