*تقرير سياسي عن أحداث الساعة
*المسئولية.. "مسئولية".. تتجاوز حدود الزمان والمكان
*الرئيس السيسي استثمر وجوده في بروكسل وبحث الأزمة الليبية.. وتطورات الأوضاع في تونس ثم عقد لقاءات مع الزعماء والقادة
*رؤساء فرنسا وعشق الآثار المصرية
*فكم جاءوا وهم في الحكم أو ما بعده ليمضوا أحلى الأوقات
*آخرهم ساركوزي انبهر بعظمة الفراعنة.. وبالمشروعات العملاقة في عصر غير مسبوق
*رغم المواقف غير الحاسمة.. بوتين يتفوق..!
*كعادة الأمريكان.. بايدن يحاول التلاعب بمشاعر الأوكرانيين .. الاستجابات محدودة..!
*خلع الساعة رمز لاستعراض العضلات أم مجرد عادة متوارثة من أيام الحكم الشيوعي..؟!
*عزيزي جلال.. صدقني سأفتقدك
المسئولية لا يقدر عليها إلا من هو أهل لها ولا يقدر الأمور تقديرا صحيحا إلا من اجتهد وتمرس ودخل تجربة تلو أخرى..
ولا يعرف قيمة الوقت إلا من وضع في حسبانه أن الساعة الواحدة في عمر الفرد تساوي الكثير.. فما بالكبالمجموع..؟
والسفر للخارج لا يكون عند صاحب المسئولية نزهة أو مجرد رحلة خالية من التأمل بل هو بمثابة وقفات تأمل وإمعان وتكريس مبادئ وترسيخ قيم ومعانٍ.
***
الرئيس عبد الفتاح السيسي سافر منذ أيام إلى بروكسل لحضور القمة الأوروبية- الإفريقية ومنذ اليوم الأول لوصوله العاصمة البلجيكية وهو يلتقي برؤساء وقادة وزعماء وهناك كان كل من محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي وقيس سعيد رئيس تونس وطبعا نحن نعرف أن الأوضاع الداخلية في كل من البلدين في قمة الحساسية وهذه الأوضاع تتطور يوما بعد يوم.
وأيضا معروف أن مصر شديدة الارتباط بهذين البلدين الشقيقين اللذين تريد شعبيهما مستقرين آمنين ينطلقان إلى المستقبل دون أحداث عنف أو عنف مضاد أو اغتيالات سياسية أو غير سياسية.
وكان من الممكن أن يتوجه الرئيس السيسي إلى كلٍ من ليبيا وتونس في أي وقت لكن الرئيس ما أن وجد القائدين العربيين في بروكسل حتى حرص على لقائهما وناقش معهما كل مجريات الأمور بالتفصيل الشامل والعام مؤكدا على ضرورة إشاعة الاستقرار بالعدل والحق بين صفوفجميع المواطنين واستمع كل من المنفيوقيس سعيد إلى كلام الرئيس الذي يؤمنان به تمام الإيمان.
ويمكن القول إن الاثنين غادرا بروكسل كل إلى بلده وهما أبلغ قناعة بما يمارسانه من سياسة.. ويضعان من أسس ومبادئ في حكميهما اللذين يسعيان بالطبع إلى إرسائه على قواعد ثابتة وراسخة.
***
على الجانب المقابل التقى الرئيسبعدد من زعماء وقادة العالم الذين تحدث معهم بنفس اللغة.. اللغة التي تنير الطريق إلى الحاضر والمستقبل منبها إلى ضرورة التلاحم بين الناس والتوافق بينهم حتى لا تقع أي دولة في براثن المتطرفين من أي نوع والمتآمرين وأيضا التكفيريين.
***
من هنا أريد أن أؤكد حقيقة مهمة بل بالغة الأهمية هي "مصر الجديدة" التي تلقى من الشرق والغرب والشمال والجنوب كل تقدير واحترام وإيمان لا يتزعزع بثقلها وحيادها وتميزها وتفوقها وحسن نوايا قائدها الذي عرفه الجميع بأنه رجل يتسم بالحكمة والعقلانية لا يعرف الأنانية ويتعامل مع القريب والبعيد بعيدا عن أية أهداف ذاتية أو أغراض خاصة.
وسيرا على نفس النهج دعونا نتوقف ثانية أمام ضي القمر وحول قرص الشمس الذي يضيء الكون كله في عزة وإباء وشمم وأعني مصر التي جاءها هذا الأسبوع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الذي جاء مع جميع أفراد عائلته والذين انبهروا بما شاهدوه وهذا ما عبر عنه ساركوزي للرئيس مشيدا بعظمة الماضي وبعبقرية الحاضر وفي واقع الأمر ليس ساركوزي هو رئيس فرنسا الوحيد الذي يأتي بعد مغادرة السلطة بل يمكن القول ما من رئيس إلا وقدم إلينا من أول جورج بوميدو وحتى جاك شيراك مرورا بجسكار ديستان.
ولعل ما يثير الدهشة أنهم جميعا يفضلون الإقامة في الأقصر وأسوان وبعد الانتهاء من زيارتهما يتجهان للقاهرة.
مرة كنت في الأقصر والتقيت هناك بالرئيس شيراك وكنت قد حصلت على تصريح بلقائه.
بعد أخذ ورد ومناقشات ومحايلات وافق الرئيس شيراك على اللقاء لكن ما أن دخلت عليه في جناحه الخاص بفندق "ونتر بالاس" حتى استقبلني ضاحكا ومهللا.. ثم قال: اسمح لي أن أسألك أنا أولا..
قلت: تفضل يا فخامة الرئيس.
*هل عندما تجيء فرنسا أنت وأسرتك .. هل تفكر في أن تلقى صحفيا..؟
ابتسمت ثم استطرد هو في الحديث:
*طبعا لا.. فما بالك وأنا أريد وكل أفراد العائلة أن نعيش بين آثاركم الخالدة أطول فترة ممكنة..
عندئذ ما كان مني إلا أن اعتذرت وصرفت النظر عن الحديث تلبية لرغبة الرئيس الضيف.
***
وغني عن البيان أن فرنسا عانت أشد معاناة من فيروس كورونا واضطرت إلى وقف معظم نشاطات حياتها على مدى أكثر من عام.
لذا.. فإن ساركوزي وهو يأتي إلى مصر فإنه أيضا لا يريد تضييع دقيقة من برنامج الرحلة إلا إذا كانت ذات جدوى وفائدة.
حقا.. عشتِ يا مصر .. عشتِ ونحن نفخر بك أمام العالمين ونرفع صوتنا في كل وقت وكل حين مرددين شعر حافظ إبراهيم:
إن مجدي في الأوليات عريق من له مثل أولياتي ومجدي
نظر الله لي فأرشد أبنائي فشدوا إلى العلا أي شد
قد وعدت العلا بكل أبي من رجالي فأنجزوا اليوم وعدي
بالله عليكم عندما تمعنون التأمل في هذه الأبيات ألا تستشعرون أن مصر بالفعل تناديكم وتحدثكم وأنتمواقفون في محرابها فخورين رافعيهاماتكم تخشون حسد الحاسدين.
***
والآن.. أجد نفسي مضطرا لأنتقل بكم من الجمال والنغم والروعة الإلهية إلى لهيب النار وساحات الخوف والذعر.. إلى أوكرانيا التي تشهد حاليا أغرب حرب أعصاب بين أمريكا وروسيا وهي حرب تبدو فيها الميوعة الأمريكية واضحة يتندر بها كثير من المراقبين السياسيين والعسكريين في أنحاء كثيرة من العالم.
اتصل بي عادل جورجي مدير قناة "سي سات" التليفزيونية بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية وسألني عن تقديري للموقف في ظل هذه التصريحات المتبادلة الساخنة.
أجبت.. لا حرب..!
بدت الدهشة في نبرة كلامه وعاد ليسألني في استغراب:
كيف؟
رددت: لا روسيا لديها استعداد لدخول حرب شاملة ولا الأخ بايدن لديه الحمية ليفعل ذلك.
نعم.. هناك"موضة" العقوبات الاقتصادية التي ثبت فشلها بالنسبة لبلدان عديدة على رأسها إيران على سبيل المثال التي مازالت تتحدى أمريكا بعنف وأحسب أنها ستفوز في النهاية.
على الجانب المقابل استشرت غضبة شعبية ضد روسيا بسبب اعترافها بالانفصاليين في كلٍ من بدونيتسك ولوجانسك لكن واضح أن الرئيس بوتين ماضٍ في طريقه الذي رسم بدايته ونهايته تاركا الآخرين يضربون أخماسا في أسداس.
ولقد أثار بوتين دهشة واهتمام البشرية عندما قام بخلع ساعته قبل أن يجلس على المكتب الذي وقع من فوقه قرار الاعتراف بالانفصاليين والأسئلة التي تدور حاليا حول هذه الحركة..
هل هي نوع من استعراض العضلات أم عادة متوارثة من أيام الحكم الشيوعي السوفيتي الذي رغم أن بوتين لا يطيقه إلا أنه مازال متشبثا بتلابيبه..؟!
عموما دعونا ننظر ونرتقب .
نفس الحال بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يتلاعب بأعصاب الأوكرانيين الذين يعدهم تارة بحمايتهم حماية كاملة وتارة أخرى يبدو وأنه سيتركهم للمجهول.
قبل أن أنهي حواري تدخلت في الحديث ميرة فيكتور المذيعة بالقناة مشيدة بما قلت وأيدت رأيي.
باختصار شديد كل طرف يتصور أنه سيوقع الرعب في قلب الآخر وتلك طبيعة المتحاربين.
***
في النهاية وأنا أختم هذا التقرير أعترف لك بأني كتبت والألم يعتصر قلبي فبالرغم من أننا مؤمنون بأن الموت حق ولكل أجل كتاب وأن الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز خلق الموت والحياة.. أي ذكر الموت قبل الحياة.. إلا أن الفراق صعب والقلب يحزن كثيرا عندما يجد شخصا عزيزا عليه قد انقطع عنه ولن يراه أبدا..
أنا شخصيا فقدت أخي وصديقيوزميلي جلال دويدار الصحفي لحما ودما والإنسان دمث الخلق والرجل الذي أثبت على مدى حياته أن المواقف لا تباع ولا تشترى.
لقد عرفت بالخبر أو بالأحرى تأكدت منه من عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم بعد صلاة الجمعة مباشرة.
انخلع فؤادي وعدت بالذاكرة إلى الوراء عندما جمعتنا بلدان كثيرة شرقا وغربا نأكل ونشرب وكل منا يحاول أن يسبق الآخر بإبلاغ الجريدة بالأخبار المتوالية وعند منتصف الليل لا يرغب أي منا في أن يذهب لينال قسطا من الراحة حتى الصباح.
كل هذه الذكريات مرت بي وأنا أقول سبحان الله إلى هذه الدرجة تنتهي حياة الإنسان في غمضة عين؟
وقد كان جلال حيا حتى قبل أذان صلاة الجمعة وها هو الآن بعد صلاة العصر يوارى الثرى جسدا بلا روح..
نعم.. لكن فلندعو الله سبحانه وتعالى أن يكتب الجنة لروح جلال فهي الباقية وهي التي قال عنها سبحانه وتعالى إنها من أمره وحده ولا يعلم عباده عنها شيئا.
رحمك الله يا جلال ووهب لروحك السلام.. والأمان والخلود..و..والأبدية.
ومنح الصبر والسلوان لرفيقة حياتك الفاضلة يسرية رجب وابنك المهندس حاتم.. وابنتك القريبة إلى قلبك حنان..
***
و..و..وشكرا