الدم يحن كما يقول مثلنا الشعبي.. والأرض تنادي من تحبه.. ويحبها.. وواضح أن الملك أحمد فؤاد الثاني أصغر ملوك مصر يعشق تراب هذا البلد ويبدو وكأن لسان حاله يقول:
آه لو رجع الزمن للوراء.. وجيت لأعيش هنا بين دروب القرى والمدن ووسط الأحياء الشعبية والراقية لكن سرعان ما يفيق على "جرس"التاريخ الذي طوى صفحته وصفحة أهله جميعا منذ سنوات طويلة.. فيعوض ما تبقى من شريط ذكرياته في السير في الشوارع والوقوف أمام قصر عابدين الذي شهد لحظة خروجه للحياة مشدوها تكاد تنهمر الدموع من عينيه حارة كانت أو ساخنة.. كل ذلك بينما المصريون في نفس الوقت لم يشدهم وجود الملك بينهم لنفس السبب ألا وهو "سلطان التاريخ"..!
لكن اسمحوا لي أن أقارن بين مصر اليوم التي تحرص على أن تقدم أحلى صور الحضارة وأبلغ أشكال الواقعية وأروع معاني احترام الآخر لمواطن مثلهم شاء قدره أن يفقد الجاه والمال والصولجان قبل أن يبلغ الستة شهور من عمره.
أقول بين مصر اليوم ومصر التي سبق أن استقبلت والده الملك فاروق عام ١٩٦٥ وهو جثمان داخل صندوق لتشيعه إلى مثواه الأخير في الظلام الدامس بعد أن أطفأت الحكومة كل أنوار الشوارع التي مر بها الموكب الجنائزي الصامت.