فجأة.. وجدت نفسي عاجزا عن التنفس.. بديهي أن أضطرب وأتوتر.. لكن زوجتي على الجانب المقابل تبدو في مثل تلك الحالات رابطة الجأش حتى تضمن التصرف السليم.. لذا عندما رأت ابنتنا الطبيبة ريهام التي تعاملت في الآونة الأخيرة مع مئات من مثل تلك الحالات سرعة الانتقال إلى المستشفى طلبت الزوجة الحنون التريث قليلا.. ومع ذلك أصرت ريهام ووافقها أخوها أحمد على ضرورة أن أكون تحت رعاية طبية فائقة.
على الفور اتصلت بالرجل الإنسان الذي حدثتكم عنه أمس باستفاضة والذي سرعان ما أن صاح معاتبا.. أرجوكم اذهبوا به إلى أقرب مستشفى وأنا سأكون معك يا ريهام خطوة بخطوة..
الغريب أنني وأنا أغادر المنزل انخرطت زوجتي في نوبة بكاء حادة وكأنها قد تخلت عن رباطة الجأش التي قلت إنها تتميز بها.
ما أن ركبنا السيارة ود.محمد عوض تاج الدين يتابعنا دقيقة بدقيقة ولا أريد أن أقول ثانية بثانية.. حتى وصلت المستشفى لنجد مجموعة أطباء وممرضات حجرة الطوارئ في انتظارنا بعد أن أحاطهم د.عوض بما يجب اتخاذه.
ما أريد أن أقوله اليوم استكمالا لكبسولة الأمس إن الرجل الذي ارتبطت معه بصداقة على مدى ثلاثين عاما لم يحدث أن أخلف وعدا.. أو ضج من اتصال تليفوني في منتصف الليل أو تردد في المجيء إلى منزلي لمعاودة أمي رحمها الله.. وبعدها أختي رحمها الله أيضا.
وإنصافا للحق لم يغير طبائعه منصب ولم يفت في شهامته بريق ضوء.
هل تعرف لماذا كل تلك الصفات الحلوة؟!
لأنه ابن أصل وابن الأصل يستحيل أن يخذل صديقا.. أو يشيح بوجهه عمن وثق به.. وتعاهد معه على أن يكونا خير نموذج للعلاقات الإنسانية الرائقة المنزهة عن الهوى والغرض..
وهكذا بالفعل كنا..