لا خير النساء.. ولا كوبرا.. شاركتا فى تنصيب الرئيس!!
مرة.. جاء مفتى تركيا لزيارة مصر ضيفا على وزارة الأوقاف.. وخلال حفل العشاء الذى أقامه الوزير تكريما له فى نفس يوم وصوله.. طلب «فضيلة المفتى».. كوبا من البيرة..!!
فجأة توتر الجو.. حيث لم يكن أحد من الحاضرين يتوقع أن يحتسى الخمر رجل الدين الأول فى تركيا.. فضلا عن أن تلبية طلبه سوف تثير زوابع عاتية ضد «وزير الأوقاف» الذى يقدم البيرة على مائدته..!!
المهم.. لقد أخذت إدارة الفندق الذى أقيم فيه الحفل.. المسئولية على عاتقها متذرعة بحجة عدم «توفر الصنف».. إلى أن انتهى العشاء على خير..!
* * *
وفى موسم الحج.. يؤدى الأتراك مناسكهم على أكمل وجه.. لكن ما إن يعودوا إلى بلادهم.. حتى يمارسوا حياتهم بصورة عادية.. لدرجة أن كثيرين منهم لا يؤدون صلاة الجمعة فى المساجد بزعم أنها تحل محل الفرض وليست فرضا فى حد ذاته.
من هنا.. تتفاخر تركيا بأنها دولة علمانية.. تلتزم بتعاليم مصطفى كمال أتاتورك ولا يجوز لكائن من كان الخروج عن تلك التعاليم أو استبدالها بغيرها..!
لذا.. بالرغم من سيطرة حزب العدالة والتنمية «الإسلامى» على مقاليد الأمور.. إلا أن قياداته وأعضاءه لا يستطيعون إلا أن يؤكدوا على علمانيتهم بصرف النظر عما تطويه سرائرهم..!!
* * *
أمس.. فاز عبدالله جول وزير الخارجية ومرشح حزب العدالة والتنمية بمنصب رئيس جمهورية تركيا بعد محاولات مستميتة.. تمثلت من بين ما تمثلت فى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.. وجولتى «تصويت» فى البرلمان.. قبل الانتخابات.. ثم ثلاث بعدها..!!
وقد حرص جول على أن يعلن فور انتخابه بأن مبدأ العلمانية من أهم الثوابت التى لن يحيد عنها.
بديهى.. أن يشعر حزب العدالة والتنمية بنشوة ما بعدها نشوة نتيجة هذا الانتصار.. السهل، والصعب فى آن واحد.. السهل لأن الحزب لديه 340 نائبا فى البرلمان.. بينما كان المطلوب بالنسبة لعبد الله جول من أجل تحقيق الفوز 279 فقط أى أن الأغلبية مضمونة بنسبة مائة * المائة..!
أما الصعوبة فتكمن فى الغبار الذى أثارته أحزاب المعارضة.. وأولها حزب الشعب الجمهورى الذى أعلن مقاطعته لانتخابات الرئاسة منذ اليوم الأول..!!
على الجانب المقابل.. ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. تلك حقيقة لا تقبل اللبس أو الجدل.. فقد أصبح الطريق للاتحاد الأوروبى شائكا، ووعرا أمام تركيا.. إذ كيف يرضى الاتحاد بانضمام دولة.. كل زعمائها وقادتها من «الإسلاميين» رغم ما يرددونه بشأن العلمانية.. واحترام حرية العقيدة والدين..؟؟
فى نفس الوقت.. فإن جول قد افتقد مشاركة زوجته «خير النساء» وابنته كوبرا فى حفل تنصيبه أثناء أدائه اليمين الدستورية أمام البرلمان الذى يمنع دخول المحجبات.. والاثنتان ترتديان الحجاب وتصران على عدم خلعه.. بل إن الزوج والأب أيضا يحترم إرادتهما.. بل هو الذى شجعهما على التمسك بالزى الإسلامى مهما تعرضتا لأى هجوم، أو ضغوط.
* * *
عموما.. لم يفت جول أن يستشهد خلال خطابه بعد الفوز بكلمات «أتاتورك» المأثورة وأهمها: «سلام فى العالم.. وسلام فى الوطن».
كذلك إعلان التزامه بالدستور.. الذى لا يقوم أى بند من بنوده على أساس دينى.. ليبقى السؤال: هل يستمر الركب التركى على هذا المنوال.. و.. و.. إلى متى..؟؟