سمير رجب يكتب فى جريده المصرى اليوم مقال بعنوان "من يهزم من.. فى هذه الحرب الباردة جداً ؟"

بتاريخ: 17 ديسمبر 2017
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.. ومع بداية الخمسينيات اشتد التنافس العسكرى بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى (السابق).. كل يسعى إلى بسط نفوذه وتأكيد وجوده.. وتوسيع دائرة إمبراطوريته الموعودة!.

 (COLD WAR)  نتيجة ذلك.. ظهر مصطلح ما يسمى بالحرب الباردة 
التى تم إنفاق ملايين الدولارات بسببها ليظل شبح الخوف مهددا كلا الطرفين.

لم تكن هناك مواجهة عسكرية معلنة.. بل لن تكون غير أن أمريكا من جانبها أخذت تبذل أقصى الجهد لترسيخ دعائم الرأسمالية التى تروج لها منذ نشأتها وعلى الجانب المقابل نذر الاتحاد السوفيتى نفسه لنشر الشيوعية وتجميل صورتها البغيضة!.

من هنا.. انقسم العالم إلى فريقين متضادين.. الفريق الأول احتل النصف الغربى من الكرة الأرضية.. والفريق الثانى كان من نصيبه النصف الشرقى وبالتالى كاد هذا الصراع العنيف يؤدى إلى مواجهات عسكرية.. لكن سرعان ما كانت القوتان تتراجعان إلى الوراء.. خوفا وهلعا من خطر داهم قد لا يبقى ولا يذر.. ولعل العالم لا ينسى حكاية صواريخ كوبا الشهيرة التى أقامها الاتحاد السوفيتى حماية لنظام الرئيس الراحل فيدل كاسترو.. وعندما اكتشفت الولايات المتحدة أن هذه الصواريخ تستطيع الوصول إلى قلب أراضيها.. هاجت وماجت وهددت بضرب موسكو بمائة صاروخ نووى!.

وفجأة.. وبغير أدنى توقع.. أعلن الاتحاد السوفيتى سحب الصواريخ.. وانتهت المشكلة على خير!.

 

 

■ ■ ■

أيضا اعتبرت ألمانيا صورة صارخة من هذا الصراع المشتعل فقد انقسمت إلى شطرين.. أحدهما يتمتع سكانه بحياة رغدة هانئة.. أما الثانى فكان أهله يعيشون حياة تقشف صعبة.. لدرجة أنهم طالما أقدموا على اقتحام سور برلين الحصين من أجل العبور للجانب الغربى رغم أنهم يعرفون مقدما أن رصاصات قوات الحدو الروسية.. سوف تحصدهم حصدا!.

 

 

■ ■ ■

 

أما الزعماء السوفيت فكانوا يتفننون فى إثارة حفيظة نظرائهم الغربيين ويكفى أن الرئيس نيكيتا خروشوف وقف مرة يخطب فى اجتماع للسفراء الغربيين فى مقر السفارة البولندية فى موسكو قائلا: سواء شئتم أم أبيتم.. فإن التاريخ ملكنا وسوف ندفنكم أحياء ولن تقدروا علينا!.

المهم.. لقد استمرت هذه الأوضاع الدولية المتوترة إلى أن ظهر للوجود عام 1988 شخص اسمه ميخائيل جورباتشوف تولى رئاسة الدولة ورئاسة الحزب الشيوعى وأذهل الدنيا بأسرها عندما أطلق شعار البريسترويكا الذى أسفر فى النهاية عن تفكيك الاتحاد السوفيتى وتقسيمه إلى دول صغيرة مستقلة.. وبذلك حقق لأمريكا وحلفائها مغانم لم يتصوروا يوما تحقيقها الأمر الذى جعلهم يرشحون جورباتشوف لجائزة نوبل التى حصل عليها بالفعل.. ثم أسندوا إليه بعد ذلك عدة وظائف أغدقوا عليه بفضلها مئات الألوف من الدولارات سنويا!.

 

■ ■ ■

 

وهكذا انتهت الحرب الباردة «الأولى» لتأتى مرحلة سكون أو هدوء نسبى إلى أن قامت أمريكا بالترويج أو التضليل لما سمته بالربيع العربى!.

لقد أدى هذا الربيع المزعوم إلى صراعات وحروب ومعارك فى معظم دول الشرق الأوسط التى تسلل إليها بالتالى الإرهابيون من كل فج عميق!.

ولقد وجد الأمريكان والروس «الجدد» ضالتهم المنشودة فى كل من العراق وسوريا.. حيث بعثت كلتاهما بقوات عسكرية.. وأقامتا قواعد «عينى عينك» تشهد تنافسا محموما لاستعراض القوة!.

 

■ ■ ■

 

ما يثير الانتباه أن يقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ليعلن أن قواته قضت على دواعش العراق لكنها لن تغادر أراضيه إلا بعد الانتهاء من تدريب الجيش.!

على الجانب المقابل.. يأتى الرئيس بوتين شخصيا إلى سوريا ليتفقد القوات المنتصرة مؤكدا أن مهمتهم انتهت ومع ذلك سوف يحتفظون بعدد من الوحدات والكتائب العسكرية!.

أتى الرئيس بوتين إلى سوريا وهو يعلم جيدا أن عدوه اللدود ما زال متواجدا على نفس الأرض بل إنه لن يغادرها!.

 

■ ■ ■

ها هى إذن حرب باردة من نوع جديد لم تشهد مواجهة بين الطرفين المتضادين منذ قديم الأزل.. بل كل منهما يرقب الآخر فى حذر.. وفى تربص!.

بكل المقاييس.. أمريكا يعز عليها مغادرة العراق وسوريا وروسيا نفس الحال.. لأن هذا التواجد الجديد يمنح كلا منهما ميزات عسكرية وسياسية ضخمة.. بل يطلق أياديهما فى مجالات شتى تتعلق بمصائر وثروات الشعبين العربيين ليبقى فى النهاية السؤال الحائر:

من يهزم من.. فى هذه الحرب الباردة جدا؟!.

 

كبسولات

 

■ رئيس كوريا الشمالية الراحل كيم إيل سونج كان له مقولة شهيرة: «أنا لن أموت إلا بعد توحيد الكوريتين»!.

وطبعا فارق الحياة ومازال الوضع على ما هو عليه..!!

 

أيضا أحمد الشقيرى أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية طالما أكد مرارا وتكرارا أنه باق حتى تعود الأرض لأصحابها!.

ثم توفاه الله.

 

كذلك ياسر عرفات قال وهو يستقل الطائرة فى رحلته الأخيرة إلى باريس: سأعود إليكم.. لنلقن الإسرائيليين دروسا لن ينسوها!.

ولم يعد الرجل وها هم الإسرائيليون يعيثون فى الأرض فسادا!.

 

نفس الحال بالنسبة لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية الحالى الذى بح صوته من الكلام ليجىء ترامب ويضرب ضربته دون مبالاة وبكل عنجهية!.

و.. و.. و.. يا حسرتاه!.

 

 

■ ■ ■

 

 

 الخيط الرفيع.. ليس ضروريا أن يكون دلالة وثيقة لعلاقة بين طرفين عزيزين.. بل ما يدمى القلوب.. إنه دائما ما يؤدى إلى نهاية درامية حزينة!.

 

 

■ ■ ■

 

 ترى أيهما أشد قسوة على الإنسان؟! غربة المشاعر.. أم غربة الأرض..؟! والجواب لك!.

 

 

■ ■ ■

 

 المرضى النفسيون فى مصر يطالبون بالمساواة بمرضى السرطان!.

إنهم يريدون الرعاية والعناية.. و.. و.. ومساندة منظمات المجتمع المدنى بتبرعاتها السخية!.

 

■ ■ ■

 

 تعجبنى هذه الحكمة من أرسطو: 

من يهزم رغباته أشجع ممن يهزم أعداءه.. لأن أصعب انتصار هو الانتصار على الذات.