سمير رجب يكتب فى جريدة الشورى مقال بعنوان " بلاحساسيات " عن .. الدواء الذى كان مراً .. وعن " الشورى " وكيف واجهت التحدى ..!

بتاريخ: 28 يناير 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

عندما بدأ تطبيق إجراءات الإصلاح الاقتصادى بعد أن تأخرت على مدى أربعين عاما.. جأرت الأصوات بالشكوى.. فقد أدى تعويم الجنيه، الذى انخفضت قيمته إلى ارتفاع الأسعار.. وزيادة معدلات التضخم..! وارتفاع الأسعار هذا.. لم يشمل سلعا بعينها.. بل امتد إلى قطاعات الخدمات والإنتاج.. ووقف الناس حائرين.. لا يعرفون كيف يتصرفون.. فاليد قصيرة.. والعين بصيرة كما يقول المثل الشعبي..! رغم ذلك.. سادت المجتمع ربما لأول مرة نغمة تقول، إننا سوف نتحمل كل آثار الإصلاح.. مهما عانينا.. ومهما كانت الضغوط.. والصعاب..! والآن.. الحمد لله.. أخذت الآثار الإيجابية للإصلاح فى الظهور.. وصدق الله سبحانه وتعالى عندما قال فى كتابه الكريم «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم». بالفعل.. ها هى احتاطياتنا من النقد الأجنبى تبلغ ذروتها مقارنة بالخمسين عاما الماضية..! حتى السياحة التى كانت قد توقفت حركتها تماما.. أخذت تستعيد كيانها.. ونشاطها بعد أن واجهنا جميعا.. الإهاب اللعين بشجاعة.. وإصرار.. وعزيمة.. وتحد ما بعده تحد..! أيضا مشكلة البطالة الأزلية والعنيفة، التى جثمت فوق الصدور.. وأغلقت أبواب الأمل أمام الشباب.. ها هى تتكسر حدتها.. لا سيما بعد أن يدرك نفس هؤلاء الشباب أن الشهادة التى يحصلون عليها.. سواء من الجامعة.. أو الأكاديمية.. أو المدرسة لا تؤهلهم لدخول سوق العمل، كما ينبغى أن يكون.. فانصرف كل منهم إلى تنمية ملكاته الذاتية.. وتزويد نفسه بأسلحة العلم والخبرة.. والتجربة العملية.. والتى لا توفرها دور التعليم بمختلف أنواعها وأشكالها..!

كل ذلك يحدث.. بينما أرصدتنا فى الحياة.. تزيد.. وتنمو وتتضاعف.. سواء من ناحية شبكة الطرق الواسعة والضخمة.. أو الطاقة الكهربائية والمتجددة.. أو قواعد البيانات والمعلومات.. وتنوع فروع التكنولوجيا.

وتشير الدلائل إلى أن المرحلة المقبلة سوف تكون فاتحة خير أكثر وأكثر.. حتى يأتى اليوم الذى نحتفل فيه بالإصلاح الاقتصادى، الذى اعتبرناه من قبل عبئا ثقيلا على أجسادنا وقلوبنا.. وعقولنا.. لا سيما بعد أن ترتفع مآذن آلاف المصانع الجديدة.. وتعود الحياة إلى مثيلاتها التى سبق أن توقفت وهجرها عمالها.. وآلاتها معًا..!!

وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فإنى أود أن أقول، إنه لولا هذا المناخ الجديد الآمن والمستقر.. ما استمرت تلك الصحيفة«الشورى» فى الصدور، سواء الموقع.. أو الورقية..! دعونا نعترف بأن أحداث يناير شقت الجمع.. وأصابت المجتمع بهزات مدوية، أدت إلى توقف النشاط الاقتصادى، بمختلف ألوانه وأشكاله.. فكانت النتيجة.. أن تعطلت صحف ومجلات.. كثيرة.. إما انسحابًا مؤقتا.. أو اختفاء إلى غير رجعة..! لكن.. الصورة تختلف بالنسبة للشورى، التى أدركت منذ اليوم الأول لصدورها.. بأن دعمها ودعوتها لاستعادة الأمن الاستقرار.. لن يعود عليها بالفائدة فقط.. ولكن لكل مثيلاتها ونظيراتها. وقد كان. بصدور العدد .. وما يستحق الفخر والاعتزاز.. بأنها لم تتوقف يومًا، حيث واجهت الصعوبات المالية بالصبر.. والأناة.. والتنازل.. وأيضا بالعمل والإنتاج.. … فى النهاية تبقى كلمة: اسمح لى بأن أعود بك إلى الوراء قليلا.. إلى مقال سبق أن نشرته الشورى فى هذا المكان منذ عدة شهور.. موضحا أن «الشورى» ليست ابنة اليوم.. أو الأمس، بل لقد صدر العدد منها منذ عاما من الزمان، عندما كانت الصحافة العربية ما زالت تحبو فى المهد..! خرجت الشورى تدافع عن استقلال الشعوب وتواجه الاستعمار بكل ما أوتيت من قوة.. حتى وصلت إلى ما هى عليه الآن..! ووعدنا.. ننتهزها فرصة.. لنقيم معا صحافة قوية.. مكتملة البنيان.. تقود ولا تقاد.. ونفتح أبواب الأمل والتفاؤل أمام شتى قضايا المجتمع..!!