واضح أن الحكومة سعيدة بوجود 558.21 مليار جنيه ودائع فى البنوك.. وإلا ما أصدر مركز المعلومات بمجلس الوزرآء بيانا أعلن فيه الرقم متباهيا.. وكأنه يريد أن يقول.. تلك هى الحكومة الالكترونية -بحق-..!!
ولم يكتف المركز بذلك.. بل أشار فى نفس التقرير إلى أن إجمالى أرصدة التسهيلات الائتمانية قد تراجعت بنسبة 7٪..!!
بديهى.. أن عدم استخدام كل هذا المبلغ الضخم يعكس نقاطا سلبية عديدة لعل أهمها:
أولا: تباطؤ الاستثمار.. فلو كانت هناك مشروعات تقام.. أو أراض تستزرع.. أو حركة تجارية نشطة..ما اضطر الناس إلى إيداع الأموال فى الخزائن مكتفين بتحقيق عوائد شهرية أو سنوية ما بين 5 و6٪ وذلك ضمانا للسلامة، وتحسبا لأية مفاجآت.
ثانيا: استنادا إلى الفقرة السابقة.. فالواقع يقول إن أى حديث عن إزالة العقبات أمام المستثمرين وتقديم التسهيلات لهم.. لا يتسق والحقيقة.. وإلاما تردد أصحاب رءوس الأموال فى أن يتقدموا للساحة دون خوف أو وجل..!
ثالثا: كلما تكدست «الفلوس» فى البنوك.. تأزمت مشكلة البطالة أكثر.. حيث تنعدم فرص العمل بسبب فقدان املنافذ التى يمكن أن يدلف منها الشباب للمشاركة فى خطط التنمية.
رابعا: بالرغم من كل ما يقال عن القطاع الخاص والدور الملقى عليه.. إلا أن الشواهد تقول إنه مع كل يوم يمر.. تفتر درجة الحماس بحيث يمكن أن يأتى وقت قريب يتوارى فيه دور هذا القطاع تماما.
* * *
نفس الحال بالنسبة لأرصدة التسهيلات الائتمانية.. وأنا -بصراحة- لا أدرى كيف لا تعرف الحكومة أنه كلما زاد حجم تلك التسهيلات.. تحرك الاقتصاد تلقائيا.. وخلع عن نفسه أردية البطء التى تحول دون الاقتحام الجرىء لكل ما هو جديد..!
فى نفس الوقت.. فإن تراجع أرصدة التسهيلات الائتمانية يؤثر تأثيرا سلبيا فى مسيرة التصدير للخارج.. والدليل أنه حينما تتوسع البنوك فى فتح الاعتمادات.. فإ عجلة التصدير تدور بسرعة.
يعنى ببساطة شديدة لابد وأن هناك «حاجة أو حاجات غلط».. إذ كيف تخرج علينا الحكومة مبشرة بزيادة نسبة النمو، وتدفق الاستثمارات من كل حدب وصوب، وانخفاض معدلات التضخم بينما الواقع فى البنوك يقدم صورة مغايرة تماما..!!
ومع هذا.. فإن السؤال التقليدى:
.. وماذا بعد..؟؟
أى هل لا توجد حلول تسمح بامتصاص بعض أو جزء من هذا «الرصيد الودائعى الهائل»..؟؟
طبعا.. يوجد ألف حل وحل.. المهم.. المصارحة، والمكاشفة، والشفافية.. إذ لا ينبغى أن تقول الحكومة شيئا.. بينما هى موقنة فى قرارة نفسها أن هذا الشىء «غائب».. أو ليس له وجود..!
نعم.. ربما يتصور البعض أن «تخزين» ما يقرب من 600 مليار جنيه كفيل بتأمين الحاضر، والمستقبل.. وتلك للأسف نظرة قاصرة بكل المعانى.. لأن تخزين النقود.. ليس إلا دلالة من دلالات العجز، والسلبية.. و.. و.. والاتكالية..!
وفى النهاية أرجو أن توضح لنا الحكومة ماذا فعلت -حسبما جاء فى تقرير مركز معلوماتها- فى الـ26.68 مليار جنيه التى حصلت عليها نفسها كتسهيلات ائتمانية..!
والله.. لو كانت قد استثمرتها فى إقامة مشروعات إنتاجية وخدمية تعود على الناس بالخير.. لضربنا لها «تعظيم سلام».. أما إذا انفقتها فى طرق غير الطرق.. فلا نملك سوى أن نقول «لنا الله»..!
ودمتم..!