عندما هاجم مرض السرطان د أسامة الباز علق بكلمات هادئة: أنا لا أعرف لماذا هذا المرض اقتحم حياتي بكل تلك الضراوة وأنا الإنسان المسالم الذي لم يفكر أبدا في إيذاء الآخرين؟!
لذا.. فأنا شخصيا واثق بأنه سوف ينصرف دون أن يترك لدى آثار مدمرة.
وبالفعل ظل د.أسامة يتحمل الألم والتوتر والقلق وللأسف انتصر السرطان في النهاية على الجسد النحيل والقلب الذي بات عليلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
***
لقد عرفت د.أسامة الباز في بداية الثمانينيات عندما تم تعييني رئيسا لتحرير هذه الصحيفة"المساء" ووجدت فيه مصدرا مهما لا يتبرم من سؤال صحفي ولا يتهرب من اتصال هاتفي فكنت أتصل به يوميا في التاسعة صباحا ليزودني بكم هائل من الأخبار الانفرادية حتى باتت المساء مرجعا أساسيا لكل الصحف الصباحية.
***
صاحبت د. أسامة في معظم الرحلات الخارجية التي كان فيها النجم الذي يسطع من وراء ستار.. فيرسم سياسة مصر مع الشرق والغرب بريشة فنان دون أن يجيء ليتباهى يوما بأنه الذي نصح بهذا أو فعل ذلك.
***
وربما لا يعرف الكثيرون أن أسامة الباز رفض منصب وزير الخارجية أكثر من مرة.. لأنه كان مقتنعا بأن موقعه كمستشار سياسي لرئيس الجمهورية أهم وأنفع وبالفعل كان له الفضل في تعيين العديد من الوزراء وبقي هو وكيلا للوزارة عندهم على الأقل اسما فقط.
***
وأمس مرت تسع سنوات على وفاة أسامة الباز وبصراحة لم يكن لائقا أبدا أن تمر ذكراه دون التوقف أمام مسارات مضيئة في حياته.. فقد كان بالفعل رجلا والرجال قليل.. وسياسيا صاحب مبادئ ودبلوماسيا طالما علم أجيالا وأجيالا دون أن يقف ويقول كما يفعل الكثيرون: أنا الذي عينت "فلان" أو أنا الذي رشحت "فلان" ليكون سفيرا لمصر في واشنطن أو في لندن أو في باريس وهي العواصم "الذهبية" التي من يختار للعمل بها كأنه حصل على نصيب وافر من المكاسب في الدنيا وربما في الآخرة أيضا.