سمير رجب يكتب مقاله " غدا مساء جديد " بجريدة المساء بتاريخ 26 فبراير 2018 بعنوان " ماذا يساوي التمكين في الأرض وكيف استعادت مصر هيبتها؟؟ "

بتاريخ: 27 فبراير 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

لم يتخيل أبدا.. هؤلاء القوم الذين عاشوا في جوف الصحراء.. وبين قمم الجبال .. أن حياتهم سوف تنقلب من حالة الفقر والمعاناة وشظف العيش.. إلى الثراء وجنات النعيم بعد أن تفجرت هذه الصحراء القاحلة بما أسمي بالذهب الأسود..!

لذا.. عندما جاءهم الأوربيون والأمريكان يعرضون عليهم استغلال تلك الثروة المتدفقة الهائلة لم يعترضوا .. ولم يتحفظوا.. بل سهلوا لهم كافة سبل البحث والتنقيب.. وأيضا التصدير للخارج..!

***

وبما أن هذه الطفرة الهائلة قد مرت عليها سنوات طويلة.. فقد سادت قناعة لدى الشرق والغرب بأن مصر بعيدة عن البحور العائمة فوق خيرات الله.. ولعل ما ساعد على هذا التصور أن مصر خلال حقبات زمنية معينة فقدت الحماس لأسباب عديدة .. حتى.. وقعت المفاجأة الكبرى ودوى في العالمين صوت مياه بحرها المتوسط الهادرة معلنة عن احتواء هذه المياه على 30 تريليون قدم مكعب من الغاز كاحتياطي إستراتيجي .

***

على الفور .. وكالعادة في هذا الزمان تحولت مشاعر السلبية وعدم الاكتراث إلى نوع من السباق المحموم نحو هذه البقعة من البحر والأرض التي باتت تبدو وكأنها مصدر رئيسي من مصادر الثروة الجديدة البكر..

الأهم..والأهم.. إعلان مصر أنها صاحبة القرار الوحيد في استغلال تلك الثروة وتأكيدها على عدم خضوعها لأية ضغوط..أو إغراءات..أو..أو..!

طبعا.. كانت النتيجة.. أن اجتمع أصحاب النظرة الضيقة والمصالح الذاتية وتربصوا بمصر الدوائر..!

لقد دفعوا بحليفهم"اللدود" رجب طيب أردوغان رئيس تركيا إلى ساحة ما يسمى باللا سلم واللا حرب في محاولات يائسة لجس النبض.. وبما
أن تصرفات الأخ أردوغان هذا تتسم بالتهور.. وعدم العقلانية .. فقد أصدر تصريحات تحمل تهديدا ساذجا لكل من مصر وقبرص اللتين كانتا قد وقعتا مؤخرا على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية  فيما بينهما!

..ولم تكترث مصر بتلك التصريحات "الهايفة".. بل ردت عليها ردودا حاسمة وقاطعة.. فبهت الذين كفروا جميعا..!

***

على الجانب المقابل.. كانت هناك"أبعاد" لا تخفى على أولئك الذين مازالوا يعيشون على وهم بأنهم أسياد العالم .. يتحكمون في مقدرات شعوبه وثرواتهم كما يحلو لهم .. فأخذوا يمارسون أساليبهم الملتوية..وأقاموا جسورا في محاولات للنفاذ إلى مصر لتهديد أمنها واستقرارها وإشاعة الفوضى بين صفوف أبنائها مما يضطرها في النهاية إلى الانصياع .. أو بالأحرى الاستسلام..!!

..وهكذا.. وجدوا في الإرهاب ضالتهم المنشودة رغم ما يدعونه من محاربتهم إياه..فلجأوا إلى"قطر" الراعية الأساسية للإرهابيين والتي سرعان ما استجابت وقامت بفتح خزائنها لتمويل أعمال القتل.. والنسف.. والتدمير مع الاستعانة بعتاة "إجرام دوليين" للقيام بمهام التخطيط التي تقوم على أساس تشتيت الجهود المصرية عبر الحدود الممتدة ..جنوبا وغربا فضلا عن الشرق بطبيعة الحال..!

***

عندئذ.. كان قرار مصر بضرورة المواجهة .. والمواجهة الحاسمة بكل ما أوتيت من قوة جيشها وشرطتها وإرادة شعبها الصلبة التي لا تلين أبدا..!

ودخلنا المعركة.. وسلاحنا وعد الله سبحانه وتعالى.. بالتمكين في الأرض ونصرة الحق وإنزال الهزيمة بالفاسقين.. الفجرة.. الأدوات الرخيصة للبغي والباطل .. والبهتان..!!

من هنا.. فإن السؤال الذي يدق الرؤوس بعنف:

*أيهما أفضل وأحسن.. أن نخوض المعركة رغم ما تتطلبه من تضحيات بشرية ومادية ومعنوية.. أم أن نقف لا حول لنا ولا قوة ونحن نستمع إلى صرخات واستغاثة أطفالنا الصغار.. الذين تتساقط عليهم القنابل ليل نهار دونما منقذ أو مغيث مثلما يجري الآن في دول قريبة منا..أو من كان اسمها "دولا" في يوم من الأيام..؟!

الإجابة ينطق بها الواقع القائم.. الذي بات يؤكد عدة حقائق أساسية:

أولا: الإرادة المصرية ستظل دائما وأبدا متحررة من أي قيد.

ثانيا: المصلحة المصرية .. يقررها شعب مصر أولا وأخيرا ولا ينيب عنه أحدا في هذا المجال.

ثالثا: اطمئناننا إلى أننا نمتلك قوة ردع حصينة.. ومنيعة.. تحمي وجودنا ونرفع بها شعار: نعادي من يعادينا ونسالم من يسالمنا.

رابعا: استعادة الهيبة يعكس إحساسا نقيا ورائقا بالزهو والفخار والاعتزاز .. ونحن والحمد

 لله استعدنا هيبتنا بعد ثورة 30 يونيو عام2013 والتي تحررنا بفضلها من حكم عصابة باغية أرادت بنا سوءا.. فكان الجزاء من لدن حكيم عادل.

***

في النهاية.. أود أن أبعث برسالة واضحة المعاني محددة التوجهات إلى كل من أمريكا وإسرائيل .. وتركيا وقطر..!

أقول لهم: هل استفدتم من الدرس بجانبيه النظري والعملي شأنكم شأن غيركم؟؟!

أرجو أن تكون الرسالة قد وصلت .

..و..وشكرا..!