*المساواة بين بني الوطن ليست بالكلام فقط
*من مليارديرات الجامعات الخاصة إلى عمال التراحيل المقهورين
كانت الجامعات الخاصة –ومازالت- مأوى لأصحاب المجاميع الضئيلة من الأبناء والبنات يلجأ إليها أولياء أمورهم متحملين ما تفرضه من مصروفات باهظة طالما أصبحت شهادات الليسانس والبكالوريوس في متناول الأيدي.
على الجانب المقابل فقد استغلت فئة من رجال الأعمال الفرصة.. واتخذوا من هذا النشاط وسيلة للثراء الفاحش والسريع ..!
ولم لا..ومصروفات كلية طب الأسنان- على سبيل المثال – تبلغ 70 ألف جنيه للطلاب المصريين و16 ألف دولار لغير المصريين.. وكلية الصيدلة 54 ألفا للمصريين مقابل 12 ألف دولار لغيرهم..!
وقد ظلت تلك الجامعات بعيدة عن أي ضوابط من أي نوع .. حتى تنبهت الدولة مؤخرا وأخضعتها لمكاتب تنسيق خاصة ومع ذلك فإن الأبواب الخلفية يجري فتحها وإغلاقها حسب الظروف والأهواء .
***
وبالرغم من أن الدستور ينص على المساواة بين جميع بني الوطن وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص إلا أن ثمة هوة واسعة بين أناس وأناس.. بين أصحاب الجامعات الخاصة على سبيل المثال الذين يحققون مكاسب بالمليارات وبين هؤلاء الذين يفترشون الأرصفة.. ويتنقلون من مدينة إلى مدينة ومن قراهم إلى العاصمة بحثا عن لقمة العيش..!!
ليس هذا فحسب.. بل إنهم يعيشون على كف القدر.. فمن يمرض منهم.. أو يتعرض لحادث أو.. أو .. لا يجد من يهون عليه مصائب الدنيا.. ولا من يحمي أبناءه من مفاجآت الزمان.
***
من هنا.. فأنا أتصور أن الربط بين تقييد إنشاء الجامعات الخاصة وبين توفير مظلات الحماية للعمالة المؤقتة.. واقعي.. وأساسي.. ويعكس دلالات عديدة من شأنها التأكيد على أن الكلام فقط لا يجدي ولا ينفع.. بل لابد من تحويله إلى إجراءات عملية.. ورؤى قابلة للتنفيذ.
في نفس الوقت.. فإنه يسد ثغرة مهمة تتعلق بجودة التعليم مع إبلاغ رسالة إيجابية مؤداها.. أن "السبوبة" في أي مجال من المجالات في سبيلها إلى زوال..!
***
إن شرط التوأمة بين الجامعة المقترح إنشاؤها وأخرى من بين أفضل50 جامعة على مستوى العالم سوف يضمن لنا ولا شك تخريج أجيال نالت قسطا من التعليم الجيد.. وليس رأس مالها الوحيد.. قدرة السيد"الوالد" على أن يدفع أكثر..!
أما هؤلاء المهمشون الذين يعانون منذ قديم الأزل من حياة البؤس والفقر والعوز.. فها هي منافذ الأمل تفتح آمالهم بعد طول عذاب.
لقد سعدت كما سعد غيري.. بمسارعة البنوك والشركات واتحاد العمال باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحويل نداء الرئيس إلى واقع ملموس.
ولعل الكثيرين.. لم يشهدوا بأعينهم مدى الإذلال الذي يتعرض له نحو15 مليونا من أبناء هذا الوطن.. كل جريرتهم أنهم نشأوا وسط بيئة فقيرة أو تحت خط الفقر أو أصابهم من ظروف الحياة ما حال بينهم وبين أن يستمتعوا ولو بقدر بسيط من يسرة العيش ووفرته.
إني أدعوكم.. لكي تشهدوا كيف يتدفق هؤلاء البؤساء المقهورون على الشوارع فجر كل يوم ليحتلوا أماكنهم فوق الأرصفة أو بين "جزر الطرق".. انتظارا لمن يجيء إليهم حاملا بارقة أمل..!
إن السباق المحموم بينهم يدمي القلوب.. فما بالنا عندما يتقدم بهم العمر..أو يعترضهم طارئ ليس في الحسبان..؟!
.. وللأسف فقد استغلت شركات خاصة وعامة ظروف هؤلاء القوم أسوأ ما يكون الاستغلال فلا تأمينات ولا معاشات.. ولا إعانات .. ولا منح .. ولا حتى أجور عادلة..
***
من هنا أعود لأقول.. إن المجتمع المصري يتهيأ لتغير جذري.. من شأنه ترطيب المناخ بين الجميع.. عسى أن تتوارى رغبات التربص.. وأحاسيس التفرقة الصارخة.. ويعود مجتمعا هادئا وديعا تسوده مظلات التكافل الوجداني والمشاركة الجماعية الخالصة والصادقة.