حينما تبدأ الحياة فوق الشجرة.. وتنتهى تحت الماء!!

بتاريخ: 05 مارس 2000
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

سبحان الله العظيم.

فى الوقت الذى انتهت فيه حياة المئات تحت مياه الفيضانات.. خرج إلى الدنيا.. وليدة جديدة تشبثت أمها بجذع الشجرة هربا من غضب الطبيعة.. فشاء لها الله سبحانه وتعالى أن تعيش.. بعد أن انتشلتها طائرة إنقاذ..!

* * *

دارت فصول الحكاية.. فى دولة موزمبيق التى تعرضت لكارثة طبيعية.. أدت برئيسها أن يعلن على العالم بأن بلاده على وشك أن تختفى من فوق الخريطة نظرا لأن حجم المأساة هائل، ومروع..!!

قال الرئيس «جيسكويم» من بين ما قال.. إن مليون شخص أصبحوا بلا مأوى وأن الأطفال يعانون من الجوع، والبرد، والمرض، كما يوجد أكثر من مائة ألف تحاصرهم المياه من كل جانب..!

المشكلة.. أن الأنهار فى البلاد المجاورة.. (بتسوانا، جنوب أفريقيا، زيمبابوى) فاضت هى الأخرى.. فتخطت مياهها السدود.. لتجرف أمامها الأخضر، واليابس..!

* * *

حاول الناس.. أن يجدوا شيئا يعصمهم من المياه الهادرة فتسلقوا الأشجار.. لعل، وعسى..!

من بين الآلاف الذين قفزوا إلى أعلى بعد أن حاصرتهم مياه نهر «الليمبو» فى مدينة شوكوى السيدة «صوفيا بدرو» (26 سنة).. والتى كانت على وشك الوضع..!

يقول السيرجنت ستيوارت بك قائد فرق الإنقاذ إنه رأى عددا كبيرا من الأشخاص البالغين، والأطفال معلقين فى قمة الشجرة.. وعندما ألقى لهم بحبل النجاة.. تشبث به اثنان أشارا عند رفعهما إلى سيدة راقدة على عصن الشجر..!

يضيف السيرجنت.. فى البداية اعتقدت أنها مريضة فقط.. لكن الذى حدث فى المرة الثانية.. أننى صعدت بآخرين وجدتهما يشيران أيضا إلى نفس المرأة التى لاحظت أنها تعانى من آلام «قاسية».. فأبلغت طبيب الإنقاذ الموجود داخل الهليكوبتر.. ولم يكن أمامنا إلا أن نغامر ونهبط بالطائرة.. ففوجئنا بأنها قد وضعت طفلة..!

عدنا على الفور إلى مقر القاعدة حيث لم تكن لدينا استعدادات، أو تجهيزات.. وأحضرنا أدوات ضرورية للولادة، والطوارىء.. وجئنا ثانية إلى الأم والوليدة.. حيث قمنا بقطع الحبل السرى للطفلة.. ولفها فى بطانية نظيفة ثم وضعنا الاثنتين فى مكان مريح داخل الطائرة.. تقل به الاهتزازات إلى أن وصلنا بسلامة الله إلى أحد مستشفيات جنوب أفريقيا..!

* * *

مايثير الدهشة، والعجب.. بل والرثاء أيضا.. أن سلوكيات البشر فى وقت الخطر بالذات تختلف من إنسان إلى إنسان.. فهناك من يضحى بنفسه من أجل الآخرين.. وهناك من يحاول النجاة بأى صورة، وبأى شكل.. تاركا جيرانه، وأصدقاءه وأحباءه.. يواجهون الموت.

ولعل «إلينا جونزيس» (45 عاما) التى لم تخجل من أن ترؤى قصتها لصحيفة الديلى ميل البريطانية.. أبلغ مثل..

تقول جونزيس إنها سيدة ثرية.. وبالتالى فقد سمحت لها إمكاناتها المادية بأن تستأجر طائرة خاصة مقابل 2800 جنيه استرلينى تولت إنقاذها مع ابنها البالغ من العمر ستة سنوات بينما تركت الكثيرين محاصرين بالمياه.. ويلوذون بالأشجار.. بل إن بعضهم لقى حتفه غرقا.. أما هى فقد وصلت إلى مكان أمين بفلوسها..!

* * *

وفى النهاية.. تبقى كلمة:

كالعادة.. لم تكن مصر ببعيدة بل سرعان ما أمر الرئىس مبارك بتجهيز طائرة تحمل مواد إغاثة.. أدوية، وأغذية، ومعدات طبية كما طلبت السيدة سوزان مبارك من الهلال الأحمر المصرى إرسال بطاطين، وملبوسات، وخيم.. إلى المضارين من ثورة الفيضانات فى موزمبيق.. بالضبط مثلما فعلت مصر بالنسبةلدول عديدة آخرها تركيا.

* * *

إن مصر تؤمن بإنسانية الإنسان فى كل زمان، ومكان.. وهى تدرك جيدا.. أن هؤلاء الذين جاءتهم ضربة قدر مفاجئة.. إنما هم إخوة، وأشقاء، وأصدقاء.. وتقتضى المسئولية والواجب.. الوقوف بجانبهم فى تلك الظروف القاسية.

نحن نؤمن أشد الإيمان.. بأن الله سبحانه وتعالى خلق البشر لكى يتعاونوا.. ولكى يشد بعضهم بعضا.. ونحن دائما نسبح بحمده وشكره.. لأنه لا يتخلى عنا فى أزماتنا.