سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان " قبلات و أحضان على حمامات الدم..! "

بتاريخ: 17 مايو 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

 

* القدس جفت دموعها .. وابنة ترامب وزوجها في مشاهد مستفزة وشامتة مع نتنياهو وسارة 

* الفلسطينيون أرادوا زيارة بيوتهم السليبة فكان جزاؤهم .. الحصد بالرصاص حصدا!! 

* أقول للعرب والمسلمين :  آهي .. لو حاولتم دراسة "سيناريو" تبادل الأدوار .. ولو مرة واحدة!!

* إذا كنتم قد اكتفيتم ببيانات الشجب والتنديد .. فها هو "الأقصى" قد ضاع إلى غير رجعة!! 

* أنتم تملكون أدوات عديدة .. وأسلحة متنوعة ولكن: 

* الإسرائيليون لم ينتظروا ساعة واحدة على هجمات الإيرانيين .. فدكوا حصونهم دكا..! 

* وأخيرا .. "الجامعة العربية شكرا" أو بالأحرى كفى!! .. وهكذا.. توشك ان تصبح القدس عاصمة لأسرائيل .. ولله الأمر من قبل ومن بعد .. والقنبلة التي فجرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عام .. أصبحت حقيقة واقعة.. ! 
وبالتالي .. فإن السؤال الذي يثور في البداية: 
X وأين كان العرب والمسلمون طوال هذا العام..؟! 
الرد ببساطة: لقد اكتفوا ببيانات الشجب والتنديد واتجهوا -كالعادة-إلي الطريق السلبي.. وأعني به طريق المقاطعة.. عندما أعلنوا وقف المفاوضات مع الإسرائيليين.. 
طبعا بيانات الشجب والتنديد هذه لم تأت بنتيجة واحدة تذكر منذ ارتكاب أشهر جريمة سرقة وسطو في العالم عام 1948.. بل الذي حدث .. أن العرب والمسلمين يصيحون.. ويستغيثون بينما "العدو¢.. يعمل علي ترسيخ وجوده غير الشرعي مع كل يوم يمر.. فيبني المستوطنات .. ويستولي علي المزيد من الأراضي .. ويقتني أحدث الأسلحة.. ويقوم بحملة ترويجية علي مستوي العالم كله للإيهام بأنه صاحب الحق "الأوحد" في القدس.. وبالتالي لابد أن تكون له السيطرة علي المسجد الأقصي متغافلا بطبيعة الحال ما ذكره الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم: "سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله".. يعني الله يؤكد علي بركة المسجد الأقصي ليس بالنسبة لطائفة بعينها.. أو لمجموعة من البشر دون غيرهم.. ولكن للإنسانية جمعاء..! 
المهم.. لقد تمكن الطرف الآخر أن "يثبت وجوده من عدمه¢.. وأن يستمر في طريق البغي والعدوان متبعا كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة استنادا إلي معرفته الحقيقية بتوجهات وسلوكيات وعادات" أولاد العم¢..! 
يعني ببساطة شديدة لا يمكن القول إن السبعين عاما التي مرت علي ضياع فلسطين لم تشهد أحداثا جساما .. وحروبا.. ووقائع "هائلة¢.. بل كانت زاخرة بتجارب.. ومآس.. وكوارث.. للأسف استفاد منها "المعتدون¢.. بينما أصحاب الحق انشغلوا في خلافاتهم الداخلية ولم يتمكنوا طوال تلك السبعين عاما من "الاتفاق" علي الأسلحة القادرة علي المواجهة سواء أكانت أسلحة عسكرية.. أو مادية.. أو بشرية.. أو.. أو.. أو نفطية..! 
فكانت النتيجة أن الآخرين تملكوا -علي سبيل المثال- قنبلة نووية ثم رفضوا الانضمام إلي معاهدة الحد من انتشار هذا النوع من الأسلحة.. والعرب والمسلمون اكتفوا بالفرجة.. أو برفع رايات الدهشة والاستغراب !.. و.. و.. والسلبية..! 
أيضا.. لا أعتقد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد دار بخلده ولو لحظة واحدة وهو يعد العدة للاحتفال بنقل سفارته إلي القدس.. أن ذلك يجيء بعد أيام من ذكري الإسراء والمعراج.. فالمشاعر بالنسبة له ومعه حلفاؤه لا تساوي شيئا.. ! 
الأكثر.. والأكثر أنه حينما أراد الفلسطينيون -وحدهم- التعبير عن غضبهم لما يجري ومطالبين -ولو نظريا- بحقوقهم المنهوبة.. إذ برصاص الإسرائيليين يحصدهم حصدا.. وقنابلهم تحوط بهم من كل جانب.. لتسيل دماؤهم كالعادة في الشوارع بينما الابنة المدللة "إيفانكا" تقبل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل.. ويقوم زوجها الذي فرضه صهره فرضا علي الساحة السياسية داخليا وخارجيا.. باحتضان "سارة" زوجة نتنياهو. والجميع بدوا في سعادة غامرة.. وكأنهم يرقصون فرحا وطربا.. علي حمامات دم الفلسطينيين الذين لا يملكون من الحياة شرو نقير.. فلا سلاح.. ولا مأوي ولا طعام.. ولا شراب.. وحتي.. لا أمل في الغد.. ! 
إذن هل هناك استفزاز أكثر من ذلك وإلي هذا الحد تكون الشماتة.. ورغم ذلك مازال العرب والمسلمون يسيرون علي نفس نهجهم التقليدي.. إصدار بيانات الشجب والتنديد.. والإصرار "النظري" علي أن فلسطين عائدة.. عائدة.. وأن المسجد الأقصي لن يضيع.. !! 
.. وحينما التهبت المشاعر ورجع الفلسطينيون بذاكرتهم إلي الوراء .. حاول الشباب منهم رؤية بيوت الأجداد التي تغيرت معالمها وانتقلت ملكيتها بالقهر والبغي والعدوان إلي قوم لا يرعون دينا .. ولا خلقا.. ولا أعرافا.. فكان نصيبهم هم الآخرون مدافع رشاشة .. ورصاصات محرمة دوليا وصلب الأجساد في الشوارع.. ! 
.. وأيضا.. لم تتعد ردود الفعل عن نفس ما كان علي مدي عقود سبعة من الزمان.. ! 

*** 

من هنا .. فليسمح لي الأخوة العرب والمسلمون .. بأن أسألهم سؤالا كم أتمني ألا يعتبرونه صعب التحقيق: 

x ماذا لو حاولتم دراسة سيناريو تبادل الأدوار .. ولو مرة واحدة..؟؟ 
عذرا.. سأحاول التوضيح أكثر.. ! 
يعني.. لماذا لا تفكرون وتضعون القواعد والأسس.. وتتخذون المبادرات لكي تكونوا أنتم أصحاب المبادأة .. أي تصبحون فاعلين .. وليس مجرد ردود أفعال..؟! 
الإجابة التلقائية: كيف .. وليس لدينا .. ما لدي غيرنا ..؟! 
ذلك هو بيت القصيد.. ! 
للمرة الألف نكرر.. ونكرر .. بأن العالم لا يعترف سوي بلغة القوة.. والضعيف في هذه الدنيا يستحيل أن يجد له مكانا.. وأنتم -للأسف- تملكون عناصر عديدة من القوة.. ! 
تملكون المال الذي تستطيعون استخدامه أفضل استخدام .. إذ لو تداولتموه فيما بينكم.. لأدرك المغرورون.. الكارهون لكم ولوجودكم أن أياديكم لن تظل قصيرة وقاصرة حتي نهاية العمر.. ! 
أيضا .. تملكون قوة بشرية لا يستهان بها .. ودعونا نتصارح مع بعضنا البعض ونعترف بأن هذه القوة البشرية بدلا من أن تكون قوة ردع .. ومصدر تخويف" .. وتحذير.. تحولت إلي عبء تحتاج عناصرها مقومات الحياة الأساسية .. بصرف النظر عمن يعلمون منهم.. ومن لا يعلمون.. ومن يتفوقون ويتميزون.. وغيرهم الذين يتكاسلون ويتراخون.. ! 

*** 

ثم.. ثم .. يأتي السلاح "الأنجع" الذي يتوفر لكم دون غيركم.. سلاح النفط.. وآه .. ألف آه من سلاح النفط.. ! 
وتذكروا موقفكم الرائع أيام حرب1973 وكيف أنكم واجهتم المتحيز الأمريكي بشجاعة وإرادة صلبة.. فما أن أعلن الرئيس ريتشارد نيكسون وقتئذ عن تخصيص معونة عسكرية لإسرائيل قيمتها 2.2 مليار دولار .. حتي جاء الرد العربي بقطع النفط عن أمريكا في نفس الوقت الذي ترددت صيحات بسحب جميع الأرصدة العربية من الدولار.. وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع كل مساندي ومؤيدي إسرائيل.. ! 
عندئذ.. بُهت الذين كفروا.. ! 
وهكذا.. فإن الأسلحة ليست بعيدة المنال.. بل إنها بين أياديكم.. وتأكدوا أن الأمر كله بيد الله الذي دائما ما يمنح عباده الصالحين الصادقين المجاهدين .. الدعم والعون.. و.. و.. والنصر.. ! 

*** 

علي الجانب المقابل.. فإن تحليل الأحداث .. ومتابعة تطورات الأوضاع من الأهمية بمكان.. وانظروا مثلا ماذا فعلت إسرائيل عندما هاجمتها إيران مؤخرا.. لقد بادرت علي الفور بدك حصونها دكا..!! 
لماذا لأنها تملك القوة .. ومن ملك القوة.. كما اتفقنا.. يظل دائما واثقا بنفسه حتي وإن كان الوضع القائم خلاف ذلك.. !! 

*** 

في النهاية تبقي كلمة: 
إذا كان الشيء بالشيء يذكر.. فإن جامعة الدول العربية تثبت يوما بعد يوم أنها لا تقدم ولا تؤخر .. بل بالعكس يمكن القول إنها تؤخر.. ! 
فهل من المنطقي في شيء .. أن تنقلب الدنيا رأسا علي عقب.. ويموت الناس بالمئات والأرض تشتعل والعرض ينتهك.. ورغم ذلك تأتي الجامعة العربية لتعلن عن اجتماع غير عادي بعد يومين أو ثلاثة من اندلاع الأحداث.. !! 
بالذمة.. إذا كان هذا الموقف المتأخر "غير عادي" .. فماذا عن العادي..؟! 
بديهي .. ألا يلقي العدو .. قبل "العضو" بالا لكل ما يصدر من تلك المسماة الجامعة.. التي هي جامعة تفريق.. وليس "تجميع¢.. ! 
يا معالي الوزير أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية.. ! 
أبدا.. أبدا.. لن تكون المواقف الحاسمة من خلال بيانات الاستنكار التي تصدر علي لسان المتحدث الرسمي باسمكم محمود عفيفي بل الحكاية أخطر.. وأخطر.. وأعمق كثيرا .. كثيرا.. وألا إيه..؟! 

*** 

أخيرا .. إليك هذه الأبيات الشعرية لنزار قباني التي لا أجد أنسب منها لأختم بها المقال: 
بكيت حتي انتهت الدموع 
صليت حتي ذابت الشموع 
ركعت حتي ملَّني الركوع 
سألت عن محمد فيك وعن يسوع 
يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء 
يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء 
يا قدس يا منارة الشرائع 
يا طفلة جميلة محروقة الأصابع 
حزينة عيناك يا مدينة البتول 
يا واحة ظليلة مر بها الرسول 
حزينة حجارة الشوارع 
حزينة مآذن الجوامع 


*** 

.. و.. و.. وشكرا